الوقت - وضع نتنياهو ليس جيداً هذه الأيام، ويبدو أن حكومته الائتلافية وصلت إلى حافة الانهيار، كما تحدثت صحيفة "معاريف" الصهيونية عن همسات حول انسحاب حزبين حريديم (أحزاب دينية أرثوذكسية) من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب حكم المحكمة العليا في النظام الصهيوني بضرورة الخدمة العسكرية الإجبارية للحريديم في الجيش وتعليق ميزانيات المدارس الدينية، والأهم من ذلك كله أن هذه الأخبار ستضعف موقف نتنياهو في حكومة تل أبيب اليمينية.
لماذا الاستقالة؟
أهم سبب لانسحاب هذين الحزبين من الائتلاف الحاكم هو حكم المحكمة العليا بشأن الخدمة العسكرية الإجبارية للحريديم وقطع جزء من ميزانية مدارسهم الدينية، وكانت حكومة نتنياهو، من خلال ممثلي ائتلافه في الكنيست (برلمان) النظام الصهيوني، صادقت مؤخرا على مشروع قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية في القراءة الأولى في الكنيست، وكان وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت الممثل الوحيد للائتلاف الحاكم الذي صوت ضده، ويجب أن تتم المصادقة على هذا القانون في القراءة الثانية والثالثة في الكنيست، وكان هدف نتنياهو من هذا الإجراء إرضاء رؤساء الأحزاب والحركات الدينية في ائتلافه لمنعهم من الخروج من الحكومة وإسقاطها، ويتضمن هذا القانون خفض سن الإعفاء من الخدمة الإلزامية للحريديم إلى 21 عاما؛ في حين أن سن الإعفاء الآن 26 سنة.
لعقود من الزمن، تمكن الشباب الحريدي من التهرب من التجنيد الإجباري من خلال الالتحاق بالمدارس الدينية لدراسة النصوص الدينية والحصول على إجازات دراسية متكررة مدتها عام واحد حتى وصولهم إلى سن الإعفاء الإلزامي من التجنيد، لكن المحكمة العليا للنظام الإسرائيلي مؤخرا، مع التلميح الضمني رفضًا لهذا القانون، أصدرت مرسومًا يقضي بإرسال طلاب المدارس الدينية الحريدية إلى الخدمة الإجبارية، وهذا الحكم للمحكمة العليا يتعارض مع الوعد الذي قطعه نتنياهو لزملائه المتشددين في الحكومة، وسيضعف موقف نتنياهو أكثر من ذي قبل.
الفجوة بين نتنياهو والجيش
من ناحية أخرى، برزت الخلافات المتزايدة بين القادة العسكريين في الجيش الإسرائيلي وحكومة تل أبيب بشأن حرب غزة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل حرب غزة.
وبينما يدعي نتنياهو الهزيمة الكاملة لحماس في غزة، انتقد "دانيال هاجاري"، المتحدث الرسمي باسم الجيش الصهيوني، طلب نتنياهو المتكرر لتحقيق النصر المطلق على الجماعات الفلسطينية، وقال: "إن فكرة ضرورة تدمير حماس بالكامل تعني "رمي التراب والرمل في عيون الناس".
وقال غادي شامني، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد، لصحيفة نيويورك تايمز: إن الجيش لم يعد يثق في القيادة السياسية في تل أبيب لأن الجيش يفتقر إلى إستراتيجية شاملة ويراقب الخلاف المتزايد بين "إسرائيل" والولايات المتحدة.
منذ هجوم الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، الذي قُتل فيه حوالي 1200 صهيوني وأسر حوالي 250 إسرائيليًا، هناك الكثير من الأدلة التي تظهر أن السلطات الإسرائيلية كانت على علم بخطط حماس لهذه العملية؛ لكن لم يتم أخذها على محمل الجد، وهذه هي أكبر نقطة انتقاد للجيش ضد السلطات السياسية.
وقد قال رئيس أركان الجيش الصهيوني، هرتسي هاليفي: إنه يتحمل المسؤولية عن هذه الهزيمة، لكن نتنياهو لم يفعل ذلك بشكل واضح بعد، ولم يقبل المسؤولية عن الهزيمة أمام القوات الفلسطينية.
لماذا يقلق قادة الجيش الصهيوني؟
إن مصدر القلق الأكثر أهمية بالنسبة للجيش الإسرائيلي هو ضمان عدم خسارة موقعه الذي اكتسبه بشق الأنفس في غزة ضد حماس، ولذلك، قال الأدميرال هاجاري إنه من أجل الحفاظ على موقع الجيش في غزة، يجب استبدال بعض القوات العسكرية في غزة، ولذلك فإن القوات العسكرية الصهيونية تعارض تمديد إعفاء القوات الحريدية من الخدمة العسكرية وتطالب بزيادة القوات العسكرية الجاهزة والاحتياطية.
ومن ناحية أخرى، يعاني الجيش الصهيوني من الوضع غير المستقر في غزة، لأنه حتى الآن وبعد ثمانية أشهر لم يقدم نتنياهو أي خطة ورؤية لإنهاء الحرب ومرحلة ما بعد الحرب في غزة، وهو ليس من الواضح ما سيكون عليه الوضع في غزة، هل سيصل إلى مكان ما؟ ولم يقل نتنياهو حتى الآن شيئا عمن سيتحمل في نهاية المطاف المسؤولية عن سكان منطقة غزة المحاصرة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وقد أحدثت هذه القضية إرباكاً لدى القوات الصهيونية المحتلة في غزة.
وقال الجنرال شامني، أحد القادة الصهاينة، لنتنياهو: "عليك أن تتخذ قراراً، قل لنا ماذا تريد في غزة؟" أنت لا تريد السلطة الفلسطينية، حسنًا؟ أخبرنا بما تريد بدلاً من الحكم العسكري؟ أنت لا تقول ذلك حتى!"
كما قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف جالانت الشهر الماضي: إن عجز نتنياهو عن اختيار هدف واضح في غزة أدى بـ"إسرائيل" حتماً إلى نتيجتين غير مرغوب فيهما: إما الحكم العسكري في غزة أو القبول بعودة حماس إلى السلطة، وقال جالانت في كلمة متلفزة: "نحن متورطون في غزة دون أي هدف وبتكلفة اقتصادية باهظة وضحايا كثيرين".