الوقت- الديمقراطية شبه البرلمانية في دولة الكويت واجهت أخيراً تحدياً خطيراً، ومؤخراً، وبعد أشهر من الخلافات السياسية، أعلن أمير الكويت في خطاب متلفز، عن حل برلمان هذا البلد " لصالح الشعب"، وقال الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مشيراً إلى أن الخلافات الأخيرة في المشهد السياسي “عرضت مصالح البلاد والعباد للخطر”، وقال: “لا يمكننا أن نبقى صامتين، لذلك يجب اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان مصالح البلاد والعباد".
وحسب الشيخ الجابر الصباح: «مصلحة الناس فوق كل شيء والأمانة على عاتقنا»، كما صرح أمير الكويت بأنه لن يسمح أبداً "بإساءة استخدام الديمقراطية" لتدمير حكومة البلاد، كما أوقف تنفيذ بعض مواد الدستور لمدة أربع سنوات، وذكر التلفزيون الرسمي الكويتي أن سلطة البرلمان ستكون من مسؤولية الأمير ومجلس الوزراء في هذا البلد.
الحل قبل الافتتاح
وأجريت مؤخراً انتخابات برلمان 2024 المنحل مؤخراً، وكان هذا البرلمان هو البرلمان الأول الذي تم حله قبل جلسته الافتتاحية التي كان من المفترض أن تكون يوم الثلاثاء الـ14 من أبريل، وكان من المفترض أن يعقد هذا الاجتماع في وقت سابق، إلا أنه تم تأجيله بأمر من أمير الكويت بناء على المادة 106 من الدستور، وقد احتج قطاع واسع من النواب على هذا القرار وطالبوا بعقد الاجتماع في الوقت المحدد بناء على المادة 87 من الدستور، وحسب هذه المادة، يجب عقد الجلسة الأولى لبرلمان البلاد خلال مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ الانتخابات.
وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل الجلسة الافتتاحية للبرلمان واحتجاج النواب، لكن الآن لا فائدة من احتجاج النواب أيضا، لأن البرلمان قد تم حله بمرسوم أميري.
أي من مبادئ الدستور تم تعليقه؟
ومن المبادئ القانونية المعلقة المادة 51 من دستور الكويت، وينص هذا المبدأ على أن مسؤولية السلطة التشريعية تقع على عاتق الأمير وبرلمان هذا البلد.
كما تم تعليق المادتين 56 و71 من الدستور، وحسب المادة 71، يجب أن تقام مراسم تعيين الوزراء المنتخبين في مجلس النواب خلال 16 يوما من تاريخ صدور الحكم، كما قام أمير الكويت بتعليق المادة 79 من الدستور مؤقتا، وانطلاقاً من هذا المبدأ فإن إقرار أي قانون في هذا البلد يعتمد على موافقة مجلس الأمة وموافقة أمير الكويت.
ومن بين الأحكام القانونية الأخرى المعلقة، المادة 107 من الدستور، التي تسمح لأمير الكويت بحل البرلمان مع ذكر السبب، وبموجب هذا القانون لا يجوز لأمير الكويت حل مجلس الأمة للمرة الثانية للأسباب السابقة نفسها، ونص هذا المبدأ الموقوف على أنه إذا أعلن أمير الكويت حل مجلس الأمة، فيجب إجراء انتخابات جديدة خلال مدة أقصاها شهران من تاريخ الحل، ومن بين البنود الأخرى المعلقة المادتان 174 و181 من الدستور، ووفقا للمادة 174، لأمير الكويت وثلث أعضاء البرلمان حق تعديل الدستور، وتنص المادة 181 أيضًا على أنه لا يجوز تعليق أي من مبادئ الدستور إلا بعد تطبيق الأحكام العرفية في البلاد.
الكويت شبه ديمقراطية
يتمتع البرلمان الكويتي بالسلطة الأكبر بين جميع المؤسسات المنتخبة في الدول العربية الخليجية، وقد انتقد النواب الأسرة الحاكمة علنًا حتى وصول الشيخ مشعل الأحمد الصباح إلى السلطة، وفي الوقت نفسه، وحسب دستور هذا البلد، يمكن لأمير الكويت أن تكون له الكلمة الأخيرة في الشؤون السياسية وله سلطة إلغاء قرارات البرلمان أو إغلاقه.
انعكست الأزمات السياسية في الكويت على تشكيل الحكومة في هذا البلد، فمن بين 45 حكومة تم تشكيلها خلال 62 عاما من الحكومة الأولى عام 1962، تم تشكيل 14 حكومة فقط منذ عام 1962 وحتى غزو الكويت، ومن منذ تحرير الكويت إلى اليوم، تم تشكيل 31 حكومة، 17 منها منذ عام 2012، ويتجه أحمد عبدالله الأحمد الصباح إلى تشكيل الحكومة الـ 46 في تاريخ هذا البلد بعد تعيينه لرئيس الوزراء لها في الـ15 من أبريل.
وخلال هذه السنوات، تمكن 4 رؤساء وزراء فقط من تشكيل الحكومة في الفترة من 1963 إلى 2006، لكن بعد ذلك قام رؤساء الوزراء من الأسرة الحاكمة في البلاد بتشكيل الحكومة، ناصر المحمد الأحمد الصباح كان رئيسا لوزراء الكويت من 2006 إلى 2011 وشكل 7 حكومات، ومن ثم جابر المبارك الأحمد الصباح رئيسا للوزراء من 2011 إلى 2019 وشكل أيضا 7 حكومات لكن صباح الخالد الحمد الصباح من 2019 سيتولى رئاسة الوزراء حتى 2022 وقد شكل 4 حكومات، أحمد نواف الأحمد الصباح كان رئيسا لمجلس الوزراء الكويتي من أغسطس 2022 إلى ديسمبر 2023، محمد صباح السالم الصباح رئيسا للوزراء من يناير إلى أبريل 2024، وهو رئيس الوزراء الذي بقي في هذا المنصب لأقصر فترة زمنية، يليه أحمد عبدالله الأحمد الصباح لتشكيل الحكومة الجديدة.
حل البرلمان مرتين في أقل من 3 أشهر
تولى الشيخ مشعل الأحمد الصباح، أمير الكويت، السلطة بعد وفاة الشيخ نواف أحمد جابر صباح عن عمر يناهز 86 عاما في ديسمبر من العام الماضي.
بعد حوالي ثلاثة أشهر من وصوله إلى السلطة، قام أمير الكويت الجديد بحل مجلس الأمة في فبراير/شباط 1402 بعد أن زُعم أن أحد أعضاء البرلمان أهانه، ويمنع القانون الكويتي توجيه أي إهانة للأمير، أُجريت الانتخابات البرلمانية الكويتية في أبريل/نيسان، ولكن في النهاية تم حل هذا المجلس من قبل الأمير.
15 حلاً للبرلمان منذ غزو العراق
لم تشهد الكويت خلال العقود الثلاثة الماضية استقرارا سياسيا، ومنذ تحريرها بعد غزو العراق عام 1991، شهدت تشكيل 15 برلمانا، بحيث أصبحت الانتخابات تجرى كل عامين تقريبا ولم يتشكل منها سوى 3 برلمانات، تمكنت من العمل بكامل طاقتها، أي في الأعوام 1992 و1999 و2016، وفي الوقت نفسه، تم حل البرلمانات الأخرى في الأعوام 1996 و2003 و2006 و2008 و2009 و2013 و2020 و2023 و2024.
وفي العقد الأخير تم إلغاء 3 برلمانات، أولها يونيو 2012 وآخرها برلمان 2022، وتم إلغاء هذين البرلمانين بينما تمكنت أغلبية المعارضة من دخول البرلمان وقاطعت المعارضة الانتخابات، ما أدى إلى انخفاض نسبة المشاركة.
ماذا يقول الخبراء الكويتيون؟
ويرى عبد الله الغانم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، أن حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور ليس مفاجئا، لأن الأمير كان على خلاف مع المجلس السابق خلال الإعلان الملكي، كما قال أمير هذا البلد في 20 ديسمبر/كانون الأول: إن هناك تخطيطاً سخيفاً وغير هادف حصل في الفترة السابقة، وطالب أمير الكويت حينها مجلس النواب بالنظر في القضايا التي تهم المواطنين، إلا أنه لم يتلق أي رد وقام بحله، وأضاف هذا الخبير الكويتي: إن المناخ السياسي في البلاد وصل إلى طريق مسدود وإن جهود الإصلاح أصبحت ضرورة بالنظر إلى الظروف الإقليمية.