الوقت- يتجرع أطفال ونساء غزة مرارة الحرب بقسوة، فالمرأة الفلسطينية، وعلى مدى عقود، تعرضت لهجوم متعدد الطبقات من التمييز والعنف الفظيع والممنهج بسبب الاحتلال الإسرائيلي والحرمان من حق تقرير المصير، واليوم منهن من يخاطرن بحياتهن في سبيل إطعام أطفالهن، بينما فقدت أخريات الحياة من ألم الولادة في ظل غياب أدنى شروطها الطبية، فيما لم تستثنِ آلة الإجرام الصهيونية أيّاً منهن فالنساء اللاتي ذهبن ضحية هذا العدوان ينتمين إلى جميع مناحي الحياة، ومن بينهن صحفيات وطاقم طبي وموظفات في الأمم المتحدة وعضوات في منظمات المجتمع المدني، وإن الوضع الذي يواجهه الأطفال والنساء والفتيات العالقين تحت وطأة القصف الإسرائيلي تجاوز الكارثة حسب تقارير أممية.
غزة.. المكان الأخطر على الأرض
كانت هيئة الأمم المتحدة للمرأة قد وثّقت عدد الفلسطينيات اللواتي استشهدن في القطاع منذ بدء الحرب الإسرائيلية عليه بما يقارب 9000 امرأة، مرجحة أن يكون هذا الرقم أقل بكثير من العدد الفعلي، كما أعلنت عن «قلقها الشديد» إزاء تقارير انتهاكات حقوق الإنسان ضد النساء والفتيات الفلسطينيات من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والمعاملة المهينة أثناء الاحتجاز، مطالبة بمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم، وتحدثت قبلها عن تقارير لخبراء الأمم المتحدة بشأن «إعدام نساء وفتيات فلسطينيات بشكل تعسفي في غزة على أيدي الجيش الإسرائيلي.
تتابعت تقارير منظمات الأمم المتحدة لتتحدث عن تحول غزة إلى المكان الأخطر في العالم على الأطفال، وعن خطر المجاعة وكون النساء والفتيات في جبهة الأزمة، وعن فقدان قرابة عشرة آلاف طفل فلسطيني أمهاتهم أو آباؤهم في غزة، وعن تفاقم احتياجات الحماية لدى النساء والفتيات بعد أن شردتهن قوات الاحتلال الإسرائيلية قسرا، وعن قتل القوات الصهيونية 2 من الأمهات كل ساعة، بالإضافة لوجود تقارير تشير إلى أن نساء قطاع غزة يلدن الأجنة ميتة، بسبب تزايد خطر المجاعة، إذ أدى سوء التغذية إلى زيادة الوفيات بين الأطفال وحالات المواليد الموتى.
فيما كشف تقرير للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، أن الإناث يشكلن 49 في المئة من إجمالي عدد السكان في فلسطين، وهناك مليون ومئة وثلاثون ألف امرأة في غزة، وتمثل الإناث 75 في المئة من إجمالي عدد الجرحى البالغ 72156 جريحا، كما شكلت النساء والأطفال ما نسبته 70 في المئة من المفقودين.
الانتهاكات الجنسية جريمة حرب
فيما تمثّل النساء دائما الطرف الأضعف في معادلات الصراع الوجودية، كما تتحول قصص تعمد العدو إذلالهن إلى جرح وطني كبير، وتوضّح الوقائع أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتقصّد التنكيل بالنساء، وقد أظهرت أفعال جنود إسرائيليين هذه الظاهرة التي تحاول إهانة الشعب الفلسطيني عبر التعرّض لنسائه.
وفي بيان مشترك حمل توقيع مقرري الأمم المتحدة عبروا عن قلقهم البالغ إزاء تقارير واردة عن حالات اغتصاب وتهديدات بالاعتداء الجنسي من قوات الاحتلال الإسرائيلي في أثناء اعتقالها التعسفي للنساء والفتيات الفلسطينيات، واصفين تلك الانتهاكات بالـ"مروعة". وأشار البيان إلى فظاعة الإعدامات التعسفية التي تتعرض لها النساء والفتيات في قطاع غزة، مع أطفالهن، وأن الفتيات الفلسطينيات يُستهدفن عمداً ويُعدمن خارج نطاق القضاء في أماكن اللجوء أو في أثناء فرارهن.
وذكر البيان أن النساء الفلسطينيات المعتقلات تعرضن "لاعتداءات جنسية" مختلفة من ضباط الاحتلال الإسرائيلي، وتصوير هذه الانتهاكات والتباهي بها فيما بينهم، واصفاً هذه الأخبار بأنها "مثيرة للقلق"، وأنه "ورد أن ما لا يقل عن معتقلتَين فلسطينيتَين تعرضتا للاغتصاب الفعلي، في حين جرى تهديد أخريات بالاغتصاب والعنف الجنس".
وحسب خبراء القانون الدولي فإن الانتهاكات الجنسية التي تعرضت لها النساء في غزة على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي تصنف ضمن جرائم الحرب التي تضاف إلى سجل جرائمه، حيث إن هدفها الأساسي هو إذلال النساء، والرجال أيضاً، والتسبب لهن بصدمات نفسية عميقة في ظل غياب طرق الدعم النفسي.
لا مكان آمن لأطفال غزة
بالنظر إلى معاناة إطفال غزة يقدر عدد الأطفال الذين استشهدوا في قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بأنه أكبر من عدد الأطفال الذين قتلوا خلال أربع سنوات من الصراعات في جميع أنحاء العالم، حسب صحيفة لوموند الفرنسية، وأوضحت "لوموند" أن تقديرات أممية تشير إلى وجود نحو 17 ألف طفل أضحوا غير مصحوبين بذويهم في غزة، أي أيتامًا أو منفصلين عن والديهم بسبب الاعتقالات وغيرها من الظروف.
فيما أفادت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، ريم السالم "علمنا أنه تم نقل طفل إلى إسرائيل، وكما تعلمون فهذه جريمة حرب، وعمل يمكن اعتباره عملا من أعمال الإبادة الجماعية ضمن نطاق اتفاقية الإبادة الجماعية".
من جهة أخرى، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، من الأضرار النفسية التي يتعرض لها أطفال غزة، نتيجة العدوان المستمر للاحتلال الإسرائيلي على القطاع المحاصر، بما في ذلك ما وصفته بـ"مستويات مدمرة" من التوتر، مؤكدة في بيان على حسابها عبر منصة إكس، أن "الأطفال في غزة يعانون مستويات مدمرة من التوتر".