الوقت - اعتبرت وكالة الأنباء الجزائرية، أن القمة الأخيرة التي جمعت رؤساء الجزائر وتونس وليبيا وتوجت بإعلان قرطاج هي بمثابة إعلان "موت الاتحاد المغاربي" كما أنها خطوة أولى لتأسيس حلف دول شمال إفريقيا الذي ستنضم إليه موريتانيا يوما ما.
حيث ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية التي تعبّر عن الموقف الجزائري الرسمي، أن عقد تأسيس المبادرة الثلاثية الجزائرية-التونسية-الليبية الدبلوماسية كرّس البراغماتية، فقد شكل ظهور هذا التكتل الإقليمي الجديد، حسبها، دليلا على أن “الحركة في السياسة مثلما هو الشأن في الحياة دائما ما تكون أفضل من الجمود”.
كما أن التحالف الجديد وفقا للوكالة سيكون له وزن إقليمي، فلا يمكن سواء للاتحاد الأوروبي غض الطرف عن تطلعات البلدان الثلاثة المشتركة نظرا للموقع الجغرافي وللموارد التي يزخرون بها، ولا للاتحاد الإفريقي نظرا لقوة هذا التكتل المترابط، ناهيك عن الدول التي تتدخل في شؤون الآخرين والتي لن تستسيغ هذا العمل الجماعي الذي يجسد السيادة”، ورأت أنه على هذا الأساس سيفرض التحالف الذي نشأ في قرطاج نفسه بمرور الوقت كشريك موثوق ومسؤول تجاه الكيانات الشريكة الأخرى”.
واستفاضت الوكالة بالشرح عن حالة الاتحاد المغاربي اليوم، من وجهة النظر الجزائرية، وعقدت مقارنة بين اجتماع تونس والاتحاد المغاربي وقالت: “في يوم الـ22 من أبريل انعقد لقاء تأسيسي لنهج جديد، وفي السنة القادمة 2025 سيكون قد مرّ 30 عاما بالضبط على الإعلان عن شهادة الموت السريري لاتحاد المغرب العربي والذي لم يعد موجودا في الواقع”.
وردّت ذلك إلى ما صدر عن وزير الشؤون الخارجية المغربي عبد اللطيف فيلالي الذي “أعلن حينها عن تجميد اتحاد المغرب العربي ومنذ ذلك الحين تم تعطيل كل مؤسسات الاتحاد باستثناء الأمانة العامة لهذا “الاتحاد” التي وضعت تحت رقابة المخزن الذي كان يؤجرها ويستخدمها عند الضرورة لإضفاء الشرعية على أعماله من خلال موافقة مزعومة لهذا الاتحاد المغاربي”.
مشيرة في كلامها إلى الطيب البكوش الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الذي ترفض الجزائر الاعتراف به.
وتابعت الوكالة بخصوص البكوش: “إذا كان قد تم الإبقاء على أمين عام لاتحاد المغرب العربي فإن هذا الأخير قد تم التكفل به جيدا من طرف القصر الملكي حيث تحول إلى “دبلوماسي مغربي تابع” عوض أمين عام للاتحاد المغاربي الذي يتواجد في حالة موت سريري”.
وفي استفاضة أوسع عن هذا المو ضوع قالت الوكالة إنه “لتذكير أصحاب الذاكرة الضعيفة، فإنه في سنة 1995 كتب وزير الشؤون الخارجية المغربي فيلالي لنظرائه باتحاد المغرب العربي ليبلغهم عن تجميد هذا الاتحاد، ومنذ ذلك الوقت، وبحجة مشكلة الصحراء الغربية، لم يعد هناك وجود لاتحاد المغرب العربي”.
وانطلاقا مما ورد سابقا فاعتبرت الوكالة ووفقا لكلامها أن “لقاء قرطاج كان فرصة للتطرق للوضعية الهامدة لهذا الاتحاد، فأي كان الطبيب الممارس، لن يصعب عليه الاستنتاج بوضوح أنه بعد غيبوبة عميقة ولا مناص منها، لا يمكن إنعاش كيان كان خلال هذه المدة الطويلة في حالة موت دماغي، وهي الحالة التي تنطبق على اتحاد المغرب العربي”.
وأردفت الوكالة: إن “الجزائر، التي اتهمت أنها المسؤولة عن هذا الوضع، هي من دعت أشقاءها المغاربة، بمناسبة انعقاد منتدى رؤساء الدول المصدرة للغاز المنظم في الجزائر العاصمة في مارس المنصرم، إلى التفكير في سبيل آخر، فتونس بدورها قد حذت حذو الجزائر بتنظيم قمة قرطاج”.
وتابعت: إن “الرئيس تبون لم يخف يوما نواياه عندما يتعلق الأمر بالتعاون والتبادلات السياسية والاقتصادية في إطار إعداد خارطة الطريق الثلاثية”.
وقد سبق انعقاد القمة عدة إعلانات، على غرار إنشاء خمس مناطق للتبادل الحر مع مالي وموريتانيا والنيجر وتونس وليبيا تحديدا، وإن كانت لحكومات بعض دول هذه المجموعة “سلوك عدائي”، وترمي هذه المبادرة، وفق المصدر ذاته، لتمهيد الطريق، ريثما تعود دول الجوار إلى رشدها.
وعن سبب تعطيل تكتل دول شمال إفريقيا قالت الوكالة: إن “كل الدول الإفريقية منظمة اليوم في إطار مجموعات إقليمية، باستثناء شمال إفريقيا وذلك بسبب المغرب الذي فضل تحالفات مع الكيان الصهيوني ومحاولة الانتماء لهياكل تنظيمية أخرى بالمشرق”. وأردفت “فمنذ 30 سنة، تشكل مساهمات ومنح ورواتب موظفي اتحاد المغرب العربي عبئاً بالنسبة للدول الأعضاء التي هي في غنى عنه”.
وفي إشارة إلى دور الجزائر الحيوي دبلوماسيا رأت الوكالة أن الجزائر قامت بمساع عديدة لإنجاح التحالف الجديد فلم تكتف باقتراح الاجتماع التشاوري بل رافقته بديناميكية براغماتية شملت الملفات الأكثر استعجالا، على غرار أمن الحدود المشتركة ومكافحة الهجرة غير الشرعية وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى تخص الطاقة وإنتاج الحبوب وتحلية مياه البحر والتحديات المناخية.
وقد تم لهذا الغرض، تعيين مجموعات عمل مشتركة لتسريع تحقيق هذه الرؤية مع التوقيع على اتفاق لمعالجة ملف المياه الجوفية المشتركة في منطقة شمال الصحراء بين الجزائر وتونس وليبيا الذي كان مصدرا لتوترات كامنة بين الدول الثلاث منذ استقلالها، ويدل هذا على أن الإمساك بزمام الأمور يجسد مسعى إعلان قرطاج، وفق المصدر ذاته.
ويتساءل مراقبون ما إن أمكن القول إن “المغرب العربي بذلك، قد انتقل من الشعارات إلى الأفعال، أم إن كل ما تم الحديث عنه أعلاه سينضم لاحقا إلى قائمة الشعارات لا أكثر.
في سياق متصل فقد عُقد في الجمهورية التونسية اجتماع تشاوري جمع زعماء تونس والجزائر وليبيا حيث يعد هذا الاجتماع هو الأول من نوعه بين قادة البلدان الشقيقة الثلاثة.
وانتهت القمة الثلاثية بمخرجات أكدت من خلالها “على الأهمية البالغة لتنظيم هذا اللقاء والحفاظ على دورية انعقاده بالتناوب بين الدول الثلاث للارتقاء بالعلاقات الثنائية المتميزة التي تربط كل بلد بالآخر إلى مرحلة نوعية جديدة تتعدى الإطار الثنائي إلى التفكير والعمل الجماعي”.
وتم التأكيد خلال الاجتماع على أن هناك حاجة ملحة لأن يكون للدول الثلاث صوت مسموع وموحد وحضور مؤثر وفاعل في مختلف فضاءات الانتماء الإقليمية والدولية” معربين عن “استعدادهم التام للانفتاح على كل إرادة سياسية صادقة ومخلصة تتقاسم ذات الأولويات المشتركة البناءة في دفع هذا العمل الجماعي المشترك خدمة للأمن والاستقرار بالمنطقة والنأي بها عن التدخلات الخارجية”.
وتم التأكيد أيضا على تمسك الدول الثلاث باستقرار القرار الوطني والحرص على إقامة علاقات مع الدول الأخرى في إطار الاحترام المتبادل، وتمسكها بنظام دولي متعدد الأطراف والأقطاب.