الوقت- فصل عنصري، جرائم بحق الأسرى، تعذيب وجرائم حرب وإبادة جماعية بحق أصحاب الأرض الحقيقيين كلها منتجات صهيونية على أرض فلسطين في واقع مرير يتزايد فيه الاستيطان وتتركز سياسة العزل، والتعامل القمعي مع أي معارضة، ما حول غزة إلى سجن كبير، والضفة والقدس إلى جزر مقطعة مهددة بالتهويد والتهجير والإبادة.
ما يجعل أي قارىء في الشأن الفلسطيني يبصر أن ما يحصل في غزة اليوم هو جريمة متكاملة الأبعاد في إطار التطهير العرقي والفصل العنصري والإبادة الجماعية مدعومة من دول الغرب المنشغلة في تجهيز وإرسال شحنات الأسلحة بمختلف أنواعها وقدراتها التدميرية على الرغم من الأصوات المعارضة والمطالبة بإنهاء الحرب في غزة ووقف دعم هذه الدول للكيان الصهيوني المجرم والتي ازدادت بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر في الدول الأوربية، الأمر الذي عزز سقوط الرواية الصهيونية الكاذبة وانتباه شرائح واسعة في العالم، وخصوصًا في العالم الغربي، إلى الحق الفلسطيني وعدالة قضيته.
لكن إدراة بايدن والإدارات الأوروبية تمعن في دعم هذه الجريمة بشتى الوسائل وجاء آخرها تعليق ابنة النائبة إلهان عمر (ديمقراطية عن مينيسوتا) من جامعة كولومبيا بعد مشاركتها في احتجاج تضامني مع فلسطين في الحرم الجامعي، فمن جامعة كاليفورنيا إلى فاندربيلت إلى جامعة جنوب كاليفورنيا إلى كولومبيا، يتم الانتقام من الطلاب في جميع أنحاء البلاد لاستخدامهم حقوقهم الدستورية للاحتجاج على الإبادة الجماعية، وبالموازاة مع ذلك فإن عددا من وسائل الإعلام والسياسيين في الغرب طبّعوا مع تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وبالتالي التقليل من حجم معاناتهم وموتهم في ظل 75 عاما من الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي، وفي السياق الألماني بشكل خاص، ينشر الإعلام خطابا عنصريا ضد الفلسطينيين، ومن ذلك دعم الإبادة الجماعية
وفي إطار الأوضاع الكارثية التي يعيشها أهل فلسطين يمكن قراءة الجريمة الصهيونية المتكاملة من خلال:
انتهاكات ممنهجة بحق الأسرى
بالتوازي مع استمرار سياسة التنكيل والبطش بالأسرى وضربِهم وسلبِهم كل مقومات الحياة تحت مظلة الهجمة المتواصلة منذ أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أحصت مؤسسات الأسرى عدد الأسرى الذي يقدر بنحو 9500 أسير وأسيرة، من بينهم أكثر من 3600 معتقل إداري منهم ثمانون امرأة وأكثر من مئتي طفل مع تصاعد في أعداد الأسرى المرضى والجرحى.
ولا يدخل في هذا التصنيف المعتقلون من قطاع غزة الذين يُسميهم الاحتلال "المقاتلين غير الشرعيين"، ويبلغ عددهم الآلاف حيث وثَّق تقرير للمكتب الإعلامي الحكومي اعتقال أكثر من 5000 شخص من قطاع غزة منذ بداية العدوان، وفي هذا السياق أماطت مصادر صحفية إسرائيلية اللثام عن استشهاد 27 معتقلًا من غزة منذ السابع من أكتوبر خلال استجوابهم.
و كان إفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن عدد من الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية دليلا حياً على التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له في سجون الاحتلال، حيث إن عددًا كبيرًا منهم يعاني من مضاعفات صحية ونفسية صعبة.
ومن بين المفرج عنهم، مجاهد عمارنة الذي خرج بعد 5 سنوات من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وهو في حالة صحية ونفسية سيئة جدًا لدرجة تدمي القلوب، إذ يعاني من صدمة نفسية جعلته غير قادر على النطق أو التعرف على عائلته ومحيطه.
وقد استغل الكيان الغاصب عدوانه على غزة ليمارس "الإخفاء القسري" بحق مواطني القطاع "فاستباح خطفهم واعتقالهم وتعذيبهم حتى الموت في ظل الصمت الدولي المطبق أمام استمرار جرائم الإعدام والقتل تحت التعذيب الذي يتعرّض له الأسرى في أماكن احتجازهم.
التدمير الممنهج والإبادة الجماعية
أكدت تقارير لمنظمة العفو الدولية( Amnesty International)أنه بات من الصعب على منظمات حقوق الإنسان توثيق الانتهاكات وجرائم الحرب ضد المدنيين في غزة، وذلك بسبب تعمد الاحتلال الإسرائيلى قطع الاتصالات خلال القصف العنيف الذى يشنه على القطاع منذ نحو سبعة أشهر، لطمس الأدلة ومنع توثيق جرائم الحرب ضد المدنيين.
بطبيعة الحال فقد عُرف الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب عدة جرائم بحق الشعب العربي الفلسطيني من بينها القتل غير المشروع؛ التهجير القسري، الاعتقال التعسفي، إغلاق قطاع غزة والقيود الأخرى غير المبررة المفروضة على التنقل؛ والاستيطان، إلى جانب السياسات التمييزية التي تضر بالفلسطينيين، ولعل الإبادة الجماعية" في قطاع غزة حاليا تحدث بإذن من العالم، كما حدث في سربرنيتسا ورواندا سابقا.
ويصف المقدم المتقاعد بسلاح الجو الأمريكي وبروفيسور التاريخ وليام أستور بلاده بأنها مدمنة حروب وقتل وعنف، ولديها استعداد هائل للمزيد، مشيرا إلى الحروب والاستعدادات المفرطة لها في كل مكان بالولايات المتحدة، حيث تنفق الحكومة على جيشها أكثر مما تنفقه الدول العشر التالية مجتمعة، مع أن معظمها من الحلفاء.
في الواقع حرب الإبادة لا جديد فيها إذا نظرنا إليها من المنظور الأوروبي – الأمريكي أو بمنظار الحضارة الغربية من أثينا، ثم روما، ثم إسبانيا، ثم البرتغال، ثم هولندا، ثم فرنسا، ثم بريطانيا، ثم ألمانيا، ثم أمريكا، ثم الصهيونية، حضارة تأسَّست على العنف، وعلى تفوق الغرب، وعلى النظرة المتدنية لكل من هو غير غربي أو غير أبيض، ولأن التاريخ علمنا أن التدمير أسهل بكثير من البناء -كما يقول الكاتب- وأن القتل أسهل بكثير من الحفاظ على الحياة، فيمكن أن نستنتج أن الدول عندما تجعل الإبادة الجماعية أو الإبادة البيئية ممكنتين وقابلتين للدفاع عنهما، فذلك يعني أن قادتها هم وحوش أخلاقيا.