الوقت– استضافت الصين، التي تحاول أن تصبح القطب الأول للاقتصاد في العالم، اجتماعات تجارية واقتصادية مهمة في الأشهر الأخيرة للتعريف بمشاريعها العملاقة للعالم، وبعد انعقاد القمة العالمية للحزام والطريق الشهر الماضي، يقام في هذه الأيام معرض الصين الدولي السادس لتنمية الاستيراد والعلاقات الاقتصادية في شانغهاي، وقد جاء ممثلون من جميع أنحاء العالم إلى هذا المعرض لعرض إنجازاتهم التجارية والصناعية.
معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE) هو معرض تجاري يقام في شنغهاي، الصين كل عام منذ عام 2018، ويعتبر هذا المعرض المعرض الأول على المستوى الوطني في موضوع الواردات في العالم، هذا العام، بدأت النسخة السادسة من معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE 2023) في 6 نوفمبر وستستمر حتى 10 نوفمبر في شنغهاي.
وقد تم تحطيم أرقام قياسية لمستوى الحضور خلال المعرض، حيث استضافت الصين ممثلين من 154 دولة ومنطقة ومنظمة دولية مع أكثر من 3400 مشارك بالعرض و410 آلاف زائر محترف مسجلين لهذا الحدث، ووفقا لمكتب معرض الصين الدولي للاستيراد، التزمت ما يقرب من 200 شركة بالمشاركة للعام السادس على التوالي، وتعود حوالي 400 شركة إلى المعرض بعد توقف دام عامين أو أكثر.
من ناحية أخرى، تمثل نسخة المعرض 2023 أهمية مضاعفة بالنسبة للصين مقارنة بالأعوام السابقة لأنها ستقام في وقت مليء بالتحديات ومليء بالأحداث الكبرى، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وقطاع غزة، وتوسع دول البريكس، والتوترات المستمرة بين الصين والولايات المتحدة، وتباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي، بما في ذلك النمو الاقتصادي في الصين.
كما أنه وفقًا لشنغ كيو بينغ، نائب وزير التجارة الصيني، مقارنة بالنسخ السابقة، فمن المتوقع أن يزيد وجود تقنيات تقليل الكربون والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدمة في المعرض هذا العام بنسبة 30٪.
إضافة إلى ذلك، في معرض هذا العام، يمكن للمرء أن يشهد وجود أفضل 15 علامة تجارية للسيارات في العالم، وأكبر 10 شركات كهرباء صناعية، وأكبر 10 شركات للمعدات الطبية، وثلاثة عمالقة تعدين كبار، وأربعة من كبار تجار الحبوب وخمس شركات شحن كبيرة، كما ستعرض حوالي 1500 شركة صغيرة ومتوسطة منتجاتها في هذا الحدث.
ووفقًا لوكالة أنباء شينخوا، في معرض هذا العام، من خلال توفير أكشاك مجانية وتطبيق سياسات ضريبية تفضيلية، سيزداد أيضًا دخول المنتجات المتخصصة المحلية من الدول الأقل نموًا إلى السوق الصينية.
طموح الشركات الإيرانية بالوجود في الاسواق الصينية
وفي معرض شنغهاي التجاري، حضرت 7 شركات إيرانية قائمة على المعرفة جناح معرض الصين الدولي للاستيراد لتوفير منصة مناسبة للتعريف بمنتجاتها وتطوير السوق، إحدى الشركات القائمة على المعرفة والمتواجدة في الجناح المخصص، شركة تطوير التقنيات المتعلقة بالألياف النانوية، بما في ذلك تصميم وإنتاج أجهزة الغزل الكهربائي على المستوى المعملي وشبه الصناعي والصناعي، إضافة إلى الغزل الكهربائي بالخرطوشة والمنافخ، وأنظمة ذات معدات طرفية مختلفة، مع التركيز على إنتاج أقنعة التنفس، ومرشحات هواء محطات الطاقة، وفلتر الزيت، وفلتر هواء المقصورة، وفلتر هواء وقود السيارات، وشبكة النوافذ، وأكياس المكانس الكهربائية، وأقنعة الوجه التجميلية، وتضميد الجروح، والاعتماد على الألياف النانوية.
شركة تطوير الحقائب التعليمية هي شركة معرفية أخرى في مجال تقديم الحقائب التعليمية (حقيبة تعليمية، حقيبة عرض، حقيبة تعليمية للمعدات)، وعقد ورشات العمل والدورات التدريبية المتعلقة بتقنية النانو، وكذلك توزيع معدات المختبرات العلمية.
المعمل الطيفي لصناعة التعدين في مجال تصميم وتصنيع وانتاج وتوريد المعدات الالكترونية للمختبرات الطيفية واستكشاف التعدين والجسيمات الأساسية - التدريب على منصة الواقع الافتراضي شركة معروفة في مجال تكنولوجيا الواقع الافتراضي - شركة تنتج وتنفذ برامج عملية، وأجهزة ذكية تعتمد على أفكار جديدة وتخلق علامة تجارية مرموقة على المستوى العالمي - إضافة إلى تصنيع متوازيات الضوء، بما في ذلك متوازيات الضوء، ومقاييس الاهتزاز، وكاميرات النيص، وراسمات السطح الضوئية، وسطح الليزر تعد شركات المعرفة الايرانية من بين الشركات الأخرى التي تعرض منتجاتها في معرض شنغهاي، وقد تم وضع ممثلين عامين للشركات الصناعية، لذلك يعد هذا المعرض فرصة جيدة للشركات الإيرانية القائمة على المعرفة للعثور على عملاء جدد من جميع أنحاء العالم للمنتجات الإيرانية ذات التسويق الجيد.
كما أتاح هذا المعرض فرصة جيدة للجمهورية الإسلامية، باعتبارها أحد الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين للصين في غرب آسيا، لتحسين مستوى العلاقات مع القوة الاقتصادية العظمى في العالم، ولهذا الغرض، سافر محمد مخبر، النائب الأول للرئيس الإيراني، إلى هذا البلد بدعوة رسمية من رئيس وزراء الصين للمشاركة في هذا المعرض، وإلى جانب إلقاء كلمته في حفل الافتتاح، أجرى أيضًا محادثات ثنائية ومتعددة الأطراف من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية وفتح الأسواق أمام البضائع الإيرانية، وذلك في الصين ودول أخرى.
وقال مخبر في كلمته أمام مؤتمر الأعمال الإيراني الصيني: "نحن مصممون على إزالة العقبات أمام التعاون بين الشركات الإيرانية والصينية وتوفير المنصة اللازمة لعلاقات مستقرة ومفيدة للطرفين".
وأكد أن الزيارة التاريخية التي قام بها السيد رئيسي إلى جمهورية الصين الشعبية في فبراير من هذا العام ولقائه مع السيد شي جين بينغ، الرئيس المحترم للدولة الصديقة، جمهورية الصين الشعبية، هو في الواقع فصل جديد في توسيع نطاق التعاون والعلاقات بين إيران والصين في غرب وشرق القارة الآسيوية. وما لا شك فيه أن إرادة وتأكيد قادة البلدين على تعميق العلاقات قدر الإمكان قد اضطرتنا إلى بذل قصارى جهدنا لتنفيذ هذا الروتين المهم.
وأكد أن النظرة الاستراتيجية للحكومة الإيرانية هي تطوير وتعميق العلاقات مع دول الجوار، ومجموعة البريكس والدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، وخاصة الصين، وقال: “بالطبع الحاجة إلى توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول الجوار والهدف يعتمد على المعرفة الدقيقة لقدرات ومميزات هذه الدول.
وأعلن استعداد الجمهورية الإسلامية لتصدير المنتجات السمكية والزراعية إلى الصين، وقال: يجب على القطاع الخاص في البلدين أن يصبح أكثر نشاطا في هذه المجالات وتعزيز التعاون بينهما.
جاذبية النفط والغاز الإيراني للصين
لقد تركزت أساس التفاعلات بين إيران والصين في العقود الأخيرة على قطاع الطاقة، ويحاول الجانبان تطوير مستوى العلاقات في هذا القطاع الاستراتيجي، وهي قضية كان لها مكانة بارزة في مواقف النائب الأول للرئيس، حيث حاول السيد مخبر حاول جذب اهتمام الشركات الصينية للاستثمار في هذا القطاع من خلال الإشارة إلى احتياطيات الطاقة العالية في إيران.
وحسب مخبر: "تحتل الجمهورية الإسلامية الإيرانية المرتبة الأولى في العالم من حيث إجمالي احتياطيات النفط والغاز المعروفة، والمرتبة السابعة عالمياً من حيث التنوع والاحتياطيات القابلة للاستخراج، وتحتل المرتبة الثالثة إذا تمت عمليات التنقيب الكاملة، ونتوقع أن تشجع الحكومة الصينية شركات النفط الكبرى لديها على المشاركة والاستثمار المشترك في مشاريع النفط والغاز الإيرانية، في حين أن الشركات الإيرانية الكبيرة مستعدة تمامًا لتصدير المنتجات الإيرانية القائمة على المعرفة إلى الصين".
وتعد الصين أكبر مستورد لموارد الطاقة في العالم، ورغم العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة، زاد طلب الصين على النفط الإيراني منذ عام 2018. وأعلن معهد كيبلر في أغسطس/آب أن صادرات النفط الإيرانية إلى الصين وصلت إلى أعلى رقم لها منذ عقد على الأقل، حيث أدت الزيادة في أسعار النفط العالمية إلى زيادة جاذبية النفط الخام بسعر مخفض.
ووفقا لتقديرات كيبلر، استوردت الصين نحو 1.5 مليون برميل من النفط يوميا من إيران في أغسطس، وهو أعلى رقم منذ عام 2013، ووفقا لبلومبرج، زادت إيران صادراتها النفطية هذا العام لأنها أصبحت أقوى من الناحية الجيوسياسية ولأن معظم شحناتها تذهب إلى الصين.
ووفقا لتقرير بلومبرج، زادت صادرات إيران من النفط ومكثفات الغاز في أغسطس بنسبة 54% مقارنة بيناير، لتصل إلى 1.85 مليون برميل يوميا، وبهذا الحساب تشتري الصين 80% من النفط الإيراني.
وفي السنوات الأخيرة، رفعت إيران والصين مستوى علاقاتهما في كافة المجالات، وتظهر هذه العلاقات بوضوح في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، ومع عضوية إيران الكاملة في منظمة شنغهاي، اتجهت طهران إلى استخدام ثقل الصين لتحييد العقوبات ومواجهة الأحادية الأمريكية وتقليص الدولرة في التجارة وإعادة فتح المصادر المالية والاستثمارية.
ولذلك، إذا عاودت الشركات الصينية الدخول إلى قطاع النفط والغاز الإيراني واستثمرت في هذا القطاع الحيوي، فإن هذه الموارد ستلعب في المستقبل دوراً مهماً في تطوير البرامج الإقليمية والدولية التي تتمحور حول الصين وروسيا.
وبما أن دول الشرق الناشئة تتطلع إلى بناء نظام حديث جديد ذو هيكل متعدد الأقطاب وتم أخذ الاستعدادات لذلك، فإن الدول التي تمتلك الطاقة ستلعب في السنوات القادمة دورًا مركزيًا في هذا النظام الجديد ولهذا الغرض فإن الصين سوف تركز على إيران ودول الخليج التي يتركز فيها العرب.
اتفاقية 25 عاما هي أساس التعاون بين طهران وبكين
في السنوات الأخيرة، ولمكافحة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة جزئياً، أعطت إيران الأولوية لسياستها الخارجية تجاه الشرق، وخاصة روسيا والصين، ونفذت اتفاقية التعاون الشامل مع الصين البالغة قيمتها 400 مليار دولار والتي مدتها 25 عاماً، في مارس 2021، والتي ستكون بمثابة خطة ورؤية للتعاون الثنائي في مجالات مثل النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة المتجددة والطاقة النووية والسياحة والعبور والتجارة والسكك الحديدية.
ورغم عدم اتخاذ الصينيين أي إجراء جدي لتنفيذ هذا الاتفاق، إلا أن مسار التطورات العالمية جعل سلطات بكين عازمة على تنفيذ هذا البرنامج، وتعتبر الصين بمقومات قطاعها المصرفي مركز جذب للاستثمارات الأجنبية ودولة مهمة للمستثمرين الأجانب المباشرين في الدول الأخرى، وهي محل اهتمام طهران لامتلاكها أكبر احتياطي من النقد الأجنبي.
وحسب موقع "SILK ROAD BRIEFING"، تعد بكين رابع أكبر مستثمر في إيران، وقد استثمرت نحو 2.5 مليار دولار في إيران في الفترة من يونيو 2022 إلى يونيو 2023، وبصرف النظر عن نمو الاستثمارات الصينية في إيران بنسبة 150% في عام 2022، تعتقد بعض المصادر الإيرانية أنه سيتم استثمار 16 مليار دولار أخرى في شكل تمويل، كما شهد خلال عام 2022 اهتمام الشركات الصينية بدخول السوق الإيرانية وتزايدت العقود الموقعة بين البلدين في مجال المشاريع المشتركة بشكل مناسب، ومع الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس للصين، أصبح الطريق إلى تنفيذ الاتفاقية الشاملة أكثر سلاسة.
وأعلنت الجمارك الصينية أن حجم التبادل التجاري بين إيران والصين في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 بلغ 10 مليارات و790 مليون دولار، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأعلن أن التبادلات بين البلدين في الأشهر من يناير إلى سبتمبر 2022 بلغت 12 مليار و320 مليون دولار، وفي ظل الخطط التي تدفع الصين وإيران نحو المزيد من التعاون والتقارب، فإن تطوير ممرات العبور يجري متابعته بجدية من قبل قادة الجانبين في السنوات الأخيرة.
وفي هذا الصدد، اعتبر مخبر في مؤتمر الأعمال الإيراني الصيني في جزء آخر من كلمته موقع إيران الإقليمي والاستراتيجي من حيث الممرات بين الشمال والجنوب والشرق والغرب موقعا فريدا وقال: "في حالة الاستثمار و استكمال البنية التحتية، يمكن للعديد من دول العالم، من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا والدول المجاورة، الاستمتاع بفوائدها، مع الأخذ في الاعتبار شواطئ بحر قزوين والخليج الفارسي وبحر عمان والوجهة الاقتصادية البحرية، ومن وجهة النظر المستقبلية، هناك إمكانية لخلق الثروة وفرص العمل والإنتاج والواردات.
وبالنظر إلى أن الصين تخطط لإكمال مشروع "الحزام والطريق" الفائق، فإنها تحتاج إلى مساعدة دول مثل إيران، ويمر جزء من هذا الممر الحديدي عبر إيران التي تعتبر حلقة وصل استراتيجية بين الشرق والغرب بسبب موقعها الاستراتيجي، والصينيون يدركون هذه الحقيقة جيدا، وتتمتع إيران بموقع استراتيجي على طول طريق الحرير القديم، ويبدو أن الصين تعتبر إيران وسيلة للوصول بشكل أفضل إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز، ويبدو أن بكين تركز على بناء البنية التحتية المبتكرة الخاصة بها، مثل المراكز اللوجستية، ونظام السكك الحديدية عالية السرعة بين طهران ومشهد، وتحسين مطار الإمام الخميني.
ولتعزيز علاقاتهما الجيوسياسية، تحتاج إيران والصين إلى تعميق التعاون الاقتصادي المشترك وتحسين قنوات الاتصال الثنائية، ولكن في الوقت نفسه، يتعين على الجانبين توخي الحذر والبصيرة لضمان الاستقرار على المدى الطويل ومعالجة المخاوف المحتملة بشأن الاستقرار والأمن الإقليميين، ووفقا لسياسة التنويع التي تنتهجها الصين، تتمتع إيران بإمكانيات كبيرة لمساعدة أمن الطاقة في الصين، ورغم أن هناك عائقا يسمى العقوبات في هذا المسار، إلا أنه مع الاستثمار الصيني وزيادة مشتريات النفط، ستتم إزالة هذه العقبات.