الوقت- ألقى الأردن، مؤخراً، الضوء على استعداده للرد على ما وصفته "إسرائيل" بإخفاقها في التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية خلال قصفها المكثف واجتياحها لقطاع غزة.
ووفقًا لوكالة "رويترز" للأنباء، لم يكشف رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، عن تفاصيل الخطوات المحددة التي سيتخذها الأردن في هذا السياق بعد استدعاء سفيره من "إسرائيل" قبل أيام تحت راية الاحتجاج على القصف الذي نفذته "إسرائيل" في غزة، ردًا على هجوم حركة "حماس" عبر القطاع المحاصر منذ عقدين في السابع من أكتوبر.
ويُذكر أن الأردن أعلن الأسبوع الماضي أنه لن يسمح للسفير الإسرائيلي بالعودة حاليًا بعد مغادرته عمان على خلفية الهجوم الذي نفذته حماس، مُعتبرًا إياه شخصًا غير مرغوب فيه.
تبدل السياسة الأردنية تجاه الكيان
صرّح رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، الذي عقدت بلاده معاهدة سلام مع "إسرائيل" في عام 1994، بأن الأردن يبقي كل الخيارات مفتوحة فيما يتعلق بتعامله مع ما وصفه بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته.
وأشار إلى أن الحصار الإسرائيلي على القطاع، الذي يعيش تحت أوضاع مكتظة بالسكان، ليس دفاعًا عن النفس كما تدعي "إسرائيل".
وأوضح أن القصف الإسرائيلي لا يفصل بين الأهداف المدنية والعسكرية، وأنه تسلل إلى المناطق الآمنة واستهدف سيارات الإسعاف.
من جهة أخرى، زعمت "إسرائيل" أنها لم تقصف بنية تحتية مدنية بشكل متعمد في مناطق مأهولة بالسكان، مدعية أن حركة "حماس" تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وتقوم بحفر أنفاق تحت المستشفيات، وتسيّر سيارات الإسعاف لنقل مقاتليها.
ووزارة الخارجية الإسرائيلية أعربت في بيان عن أسفها للتصريحات التحريضية الصادرة عن القيادة الأردنية، وأكدت أهمية العلاقات الاستراتيجية مع عمان.
فيما قال دبلوماسيون مطلعون على السياسة الأردنية إن الأردن قد قام بتراجع في علاقاته الاقتصادية والأمنية والسياسية مع "إسرائيل"، وأشاروا إلى أنه يدرس تعليق المزيد من الخطوات في تنفيذ معاهدة السلام إذا استمرت إراقة الدماء في غزة وتفاقمت الأوضاع.
وتنبَّهت الأحداث الجارية في ساحة الصراع بين الكيان وحماس إلى مخاوف قديمة في الأردن، الذي يستضيف عددًا كبيرًا من اللاجئين الفلسطينيين.
يشعر الأردن بالقلق من أن تغتنم "إسرائيل" الفرصة لطرد الفلسطينيين بشكل جماعي من الضفة الغربية، وخاصة بزيادة الهجمات من قبل المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين منذ الهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر.
ومع زيادة هذه المخاوف، تسببت الحكومة الائتلافية الإسرائيلية، التي تتبع التوجه القومي الديني وتُعَدُّ الحكومة الأكثر يمينًا على الإطلاق، في زيادة التوتر بين حكومة الكيان وعمان، وبدأ بعض المتشددين بتبني مبدأٍ يُفتِي بأن "الأردن هو فلسطين".
وأثناء محادثاته مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في بروكسل، أعرب الملك عبد الله عن هذه المخاوف وحذر من أن هناك احتمالًا كبيرًا لوقوع أعمال عنف واسعة النطاق في الضفة الغربية والقدس الشرقية إذا لم يتم كبح الهجمات المستوطنين اليهود ضد المدنيين الفلسطينيين.
وقد أوضح وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن أي محاولة لنقل الفلسطينيين إلى الأردن، الذي له حدود مشتركة مع الضفة الغربية، تُعتَبَر خطًا أحمر وتمثل تصعيدًا يمكن أن يصل حدَّ الإعلان عن الحرب.
وأعلن الصفدي الأسبوع الماضي أن الأردن سيقف في وجه أي محاولة من "إسرائيل" لطرد الفلسطينيين بهدف تغيير الجغرافيا والتركيبة السكانية، وذكرت مصادر أمنية أن الجيش الأردني قد قام بزيادة وجوده على طول الحدود، وتمت مناقشة هذه المخاوف بشكل رئيسي خلال المحادثات مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن منذ بدء الحرب في غزة، ومن المتوقع أن تكون من جديد محط نقاش في لقاء مرتقب مع وليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، خلال زيارته المرتقبة للأردن.
وتؤكد المعلومات أن الأردن يعبر عن تخوفه من تعقيدات الوضع في المنطقة وعدم وجود مؤشرات إيجابية تشجع على تحقيق الاستقرار والسلام حالياً، وتُشير إلى جهود الأردن في محاولة إقناع الأطراف الدولية بوقف إطلاق النار والمشاركة في الجهود لتحقيق الاستقرار، لكن حتى الآن لم تحقق هذه المحاولات نجاحًا. يتعامل التقرير مع مسألة التهجير القسري لسكان قطاع غزة ما يشير إلى تطور الوضع على الأرض، إضافة إلى ذلك، يتناول التقرير الجهود التي يبذلها الأردن لإقناع الدول الأوروبية بالبحث عن هدنة إنسانية للتعامل مع أزمة النزوح.
ويبدو أن الأردن يسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة والمساهمة في إيجاد حلول للأزمة الحالية.
التقرير يسلط الضوء على جهود الأردن للتواصل مع الأطراف المعنية والمساهمة في جهود وقف النزاع وتحقيق الهدوء، مع الإشارة إلى المخاوف الأردنية بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وعدم وجود مؤشرات للتوصل إلى وقف إطلاق نار. ويتناول أيضًا البعض مخاوف الأردن من أن النازحين من غزة قد يتجهون إلى الجهة الغربية، ما يرفع مخاوف بالنسبة للأردن، حتى الآن، لا توجد مؤشرات على وجود مبادرات دولية أو إنسانية لوقف النزاع أو التخفيف من الحدة في المنطقة.
والأردن اليوم يعيش حالة من التوتر والقلق إزاء تطورات الأزمة في غزة والتأثير المحتمل على أمانه واستقراره، والأمور تبدو غير واضحة بشكل كامل، وهذا يثير الترقب من قبل الأردن وعدم اليقين حول مستقبل الأزمة، وتُشير التقديرات إلى أن الوضع قد يزداد سوءًا بشكل تدريجي، ما يشجع الأردن على توجيه اهتمامه ومساهماته في الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل للأزمة.
موقف شعبي مُشرف
كعادته، كان الموقف الأردنيّ الشعبيّ من الهجمة الإسرائيليّة البربرية على غزة مشرفاً للغاية، وتوجد عدة عوامل تجعل الشعب الأردني داعمًا كبيرًا للشعب الفلسطيني وقضيته، ويُعزى هذه الدعم إلى العوامل التاريخية والثقافية التي ترتبط بين الأردن وفلسطين بصفة عميقة، ويتمثل التفاعل التاريخي والثقافي بين الشعبين في العلاقات الوطيدة التي تمتد لعقود عديدة.
وقد لجأ العديد من الفلسطينيين إلى الأردن خلال صراع فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهذا أدى إلى تعايش ثقافي واقتصادي كبير بين الشعبين.
ويجب أيضًا الإشارة إلى دور الأردن في تقديم الدعم الإنساني والاقتصادي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويشمل هذا الدعم توفير المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية والإنشائية. الأردن يقدم هذا الدعم كجزء من جهوده في مساعدة الفلسطينيين وتخفيف معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها بسبب الصراع والحصار الإسرائيلي.
إضافة إلى العوامل المذكورة أعلاه، هناك عدة عوامل تزيد من الدعم الأردني للشعب الفلسطيني وقضيته، الوصاية الهاشمية والتي ضمنت اتفاقيات وصايا الهاشميين مع الفلسطينيين دعمًا قويًا من الأردن لقضية فلسطين والمسجد الأقصى.
يرتبط هذا بالالتزام التاريخي من قبل العائلة المالكة الهاشمية بحماية الأماكن المقدسة في القدس، وتتبنى الحكومة الأردنية تقريبًا دائمًا مواقف سياسية داعمة للشعب الفلسطيني ولحقوقهم الوطنية. تشمل هذه المواقف دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع دور المنظمات الأردنية والنشطاء الاجتماعيين في تنظيم الفعاليات والحملات التضامنية مع الشعب الفلسطيني يلعب دورًا مهمًا، ويزيد هذا من وعي الجمهور ويعزز الدعم.
ويعرف الشعب الأردني تمامًا مدى أهمية القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى في الإسلام والتاريخ العربي، هذا الوعي يجعل الدعم للفلسطينيين شائعًا بين مختلف شرائح المجتمع الأردني.
وبالتأكيد، التضامن والعلاقة الوثيقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني لها جوانب عديدة تشمل القيم المشتركة والثقافة المشتركة، ويشترك الشعبان في الكثير من القيم والثقافة المشتركة، وهذا يعزز الروابط الإنسانية والتضامن بينهم، والأردنيون يعيشون جنبًا إلى جنب مع الفلسطينيين ويشاركون في حياتهم اليومية، وهذا التعايش يسهم في التواصل والتفاهم بين الشعبين، والأردنيون والفلسطينيون يمتلكون صداقات وعلاقات شخصية قوية، وهذه العلاقات تزيد من الروابط الاجتماعية والثقافية بينهم.
ويعتبر التعليم ووسائل الإعلام والثقافة والأدب وسائل مهمة لنقل وعي الشعب الأردني بالقضية الفلسطينية والأقصى.
تلعب هذه الوسائل دورًا مهمًا في تعزيز الدعم والوعي الجماعي لهذه القضية، وتجتمع هذه العوامل لتشكل جزءًا من العمق الإنساني والثقافي للعلاقة بين الشعبين وتعزز من التضامن والتعاون الإنساني القائم بينهم.
وبالفعل، تعكس العلاقة الوثيقة بين الأردن وفلسطين مدى التضامن والدعم القويين من قبل الشعب الأردني للشعب الفلسطيني ولقضيتهم الوطنية والمسجد الأقصى.
تُظهر القيم والروابط التاريخية والثقافية والإنسانية هذا التعاون والدعم في سياق القضية الفلسطينية، هذا التضامن يمتد إلى مجموعة متنوعة من المجالات والأسباب، بما في ذلك الروابط الشخصية والصداقات والتعايش اليومي بين الشعبين، وبالتالي، يُظهر الشعب الأردني التزامه تجاه القضية الفلسطينية ويسعى إلى دعم العدالة والحرية والكرامة الإنسانية للشعب الفلسطيني الذي يباد بالطيران الإسرائيلي.