الوقت- العقيد "جون واردن"، العقيد المتقاعد بالقوات الجوية الأمريكية، هو مبتكر نظرية الحرب المعروفة باسم "حلقات واردن الخمسة".
في هذه النظرية، يتم وفقها تشبيه مراكز ثقل الدولة بأجزاء الجسم، وتقوم هذه النظرية على أنه إذا تم تدمير أي نقطة من نقاط الجاذبية فإن جسم البلد المستهدف سيصاب بالشلل، هذه الدوائر الخمس هي القيادة، وأساسيات النظام، والبنية التحتية، والسكان، والقوات العسكرية الميدانية.
وترتبط حلقة الوصول الثالثة بالبنية التحتية للنقل مثل المطارات والسكك الحديدية والموانئ ومحاور النقل، وإذا دخل المحور الحرب، فمن الممكن أن يكون أحد أهداف الهجوم المضاد هو قطع النقاط التي تعتبر خطوط دعم للنظام، وحالياً يعتبر هذا الخط ممراً جوياً تم إنشاؤه من منشأ أوروبا وأمريكا إلى وجهة الأراضي المحتلة.
وطريقة تدمير الممر الجوي هي استهداف المطارات والقواعد الجوية للكيان الصهيوني، وفي الأيام القليلة الماضية، قام الجيش الأمريكي بعدة رحلات جوية لنقل الأسلحة؛ مثل شحنة المركبات المدرعة التي تبرعت بها الولايات المتحدة، والتي تم تفريغ حمولتها في مطار بن غوريون التابع للنظام يوم الخميس الـ 27 من تشرين الأول/أكتوبر، وهذا يدل على أن الجسر الجوي الأمريكي إلى فلسطين المحتلة أصبح خط التغذية الرئيسي لآلة الحرب التابعة للنظام الصهيوني.
ويشمل هذا الجسر المطار والقواعد الجوية لجيش النظام من شمال فلسطين إلى جنوبها، مطار بن غوريون ومطار حيفا ومطار رامون هي ثلاثة مطارات دولية تابعة للنظام الصهيوني.
وتعتبر قواعد "نفاتيم" و"حتساريم" و"حتسور" و"رامون" و"تلنوف" و"بالمخيم" من بين القواعد الجوية التابعة للنظام، وتعتبر هذه القواعد الجوية أبعد المنشآت العسكرية عن الجبهة الشمالية.
ويكافح النظام الصهيوني للعب دور الرجل المجنون، وفي هذا السياق، أشعل حزب الله الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، والآن انتشرت ثلاث فرق من جيش النظام بالقرب من الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، ومن المرجح أن يتجه مسار الحرب نحو دخول حزب الله لقمع القوات الصهيونية الغازية، ولذلك فإن شل القواعد الجوية والمطارات التابعة للنظام في ساعة الصفر من العملية يمكن أن يشل عملية التغذية العسكرية له.
إن القوة الصاروخية والمسيرة التي تمتلكها قوى المقاومة، وخاصة حزب الله، قادرة على تحقيق هذا الهدف، العقيد ساريت زهافي مؤسس مركز ألما للأبحاث الصهيونية في تقرير بعنوان "إذا انضم حزب الله إلى الحرب ماذا سيحدث؟" كتب أن ترسانة حزب الله تحتوي على معدات أكثر من العديد من الجيوش الأوروبية، وينشر هذا التقرير بيانياً مجموعة الصواريخ التي يعرفها النظام.
وقدر النظام الصهيوني أن صاروخ "فجر 5" يغطي حتى عمق 75 كيلومترا، وصاروخ "خيبر 1" حتى عمق 120 كيلومترا، وصاروخ "زلزال 2" يصل حتى عمق 215 كيلومترا، وصاروخ "الفتح 110" يغطي الأراضي المحتلة لفلسطين حتى عمق 260 كم.
وبطبيعة الحال، هذه المعلومات ليست دقيقة أيضا، لأن الجيل الرابع من صاروخ "فتح 110" يصل مداه إلى أكثر من 300 كيلومتر ويستطيع استهداف كامل الأراضي المحتلة.
ويقدر النظام الصهيوني أن 9.150.000 إسرائيلي موجودون تحت مدى صواريخ حزب الله، ومن مميزات حزب الله أن لديه ارتباطاً إقليمياً بأطراف أخرى في محور المقاومة، والآن، استناداً إلى الأصول الاستخباراتية للنظام المتمثلة في القوة العسكرية لحزب الله، تمتلك قوات المقاومة اللبنانية ترسانة مكونة من 150 ألف صاروخ وطائرات مسيرة تابعة لحزب الله يصل مداها إلى أكثر من 2000 كيلومتر.
وهذا النطاق مهم لأن طول الأراضي الفلسطينية المحتلة من الشمال إلى الجنوب يصل في أقصى حد له إلى 420 كيلومترا، وتقع الأراضي التي يحتلها النظام الصهيوني من هضبة الجولان في الجبهة الشمالية حتى ميناء إيلات على خليج العقبة، تحت ظل القوة العسكرية لحزب الله.
ولقد تناولت صحيفة غازيتا الروسية التدخل المحتمل لحزب الله اللبناني في الصراع القائم في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس و"إسرائيل"، وقالت إنه سيجبر تل أبيب على القتال في 3 جبهات، ما يستنزف مواردها، وسيجبر وحدات من الجيش الإسرائيلي على البقاء على الحدود مع لبنان لأشهر.
ونقلت الصحيفة الروسية عن مجلة فايس الأمريكية قولها إن حزب الله يمكنه إطلاق آلاف الصواريخ يوميا على الأراضي الإسرائيلية لأشهر متواصلة، وهو أمر سيجبر العديد من وحدات الجيش الإسرائيلي على البقاء على الحدود مع لبنان، ومنعها من المشاركة في أي عملية غزو لغزة إذا كانت هناك حاجة لها.
وأضافت الصحيفة الروسية: إن حزب الله يكثف هجماته على المواقع الإسرائيلية على طول الحدود، ما يشير إلى استعداده للدخول في مواجهة جدية مع "إسرائيل" للمرة الأولى منذ عام 2006.
ونقلت أيضا أن مسؤولا أمريكيا ذكر أن حزب الله يستغل "الغموض الإستراتيجي" لإبقاء "إسرائيل" وحلفائها في حالة استعداد بشأن احتمال تدخله في القتال بعد شن عملية برية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، مضيفا إن الهجمات الأولية لا تقارن بما يستطيع حزب الله فعله إذا قرر التدخل في الحرب بشكل كامل.
وقالت إن حزب الله قوة عسكرية متكاملة تمتلك 150 ألف صاروخ، وهي أكثر فاعلية من الأسلحة المتاحة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
وفي حال تدخل حزب الله بشكل كامل في الحرب، فإنه قادر على إطلاق آلاف الصواريخ على "إسرائيل" يوميا لمدة أشهر متواصلة.
من ناحيته، يرى الباحث السياسي قاسم قصير، أن ما جرى اليوم في جنوب لبنان "إعلان صريح من قِبل حزب الله بأنه انضم إلى المعركة ولو بشكل محدود من خلال بدء القصف"، لكنه يقول في حديثه، إن تلك رسالة أولى من حزب الله إلى الإسرائيليين مفادها بأن "تصعيد الوضع في غزة يعني مزيدًا من التصعيد على جبهة الجنوب"، وبينما يستطرد بأن "العملية نوع من الرسالة الرمزية كبداية"، و"أننا أمام بداية المواجهة"، يضيف: "في تقديري ستتصاعد الأوضاع الميدانية في جبهة الجنوب، في حال صعد الإسرائيليون عملياتهم تجاه غزة أو نفذوا حربًا برية ضد القطاع"، ويشير إلى "الرد الإسرائيلي المحدود لعدم رغبة "إسرائيل" بالانزلاق إلى مواجهة جديدة على جبهة جديدة"، مردفًا إن "إسرائيل تدرك أن جبهة الجنوب، كما جبهة غزة ومفاجآتها، ستحمل مفاجآت كثيرة".
يمكن القول إن المعطيات المحيطة بظروف معركة طوفان الأقصى، ترجح حصر العمليات العسكرية ضمن نطاق "إسرائيل" قطاع غزة، وذلك في ظل تأني محور المقاومة في خوض معركة شاملة مع "إسرائيل" وتعديل قواعد الاشتباك معها في كل عموم المنطقة، ورغم ذلك الأمر يتعلق بسير العمليات العسكرية وحجم الرد الإسرائيلي بعد إعلان الحرب وتأثيراته الإستراتيجية، ولا يعني عدم اشتراك الحزب في المعركة عدم مؤازرته لحماس، حيث تقوم غرفة العمليات المشتركة التي تتخذ من بيروت مقراً لها بديلا عن الاشتراك الفعلي.
وقد يكتفي الحزب بهذا الحد من توحيد الساحات، وهو ما يشكل أحد البدائل اللفظية لعدم توحيد الساحات ميدانياً، وفي عام 2021 وأثناء تعرض غزة للعدوان الإسرائيلي سُئل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كيف ومتى تنجدون المقاومة الإسلامية في غزة؟ ليجيب بشكل واضح نحن على تنسيق دائم ومتواصل وعندما تطلب منا ذلك يدرس هذا الطلب ونقوم باللازم، ومع إسقاط ذلك على الوضع الحالي فإن تطورات الوضع في غزة هي ما تحرّك القرار عند الحزب، لذا طالما الأمور محصورة بقصف انتقامي ولا دخول بري لغزة فلا داعي لتدخل الحزب أما في حال حدوث ذلك فإن الحزب سوف يدرس بشكل جدي فتح الجبهة الشمالية.
