الوقت - لم تمر ذكرى حرب تشرين التحريرية هذا العام على الكيان الغاصب كسابق عهدها فما فعله الفلسطينيون هذا العام فاق التوقعات وعزز فينا الإيمان بالغيبيات حيث جاءت عملية "طوفان الأقصى" في الوقت الذي بات الشارع العربي والإسلامي بأمس الحاجة إليها، بعدما كثرت الهزائم وتوالت الخيبات.
جاءت العملية لتنقلنا من العار الذي لحق بأمتنا وديننا بعد ما سمي بـ"الربيع العربي"، الذي لم يكن في الواقع سوى خريف صهيوني دمر الأمة واستنزف خيراتها، هذا الربيع سعى لتعزيز الانقسامات الدينية والمذهبية وتكريس أقذر حرب عاشتها شعوب المنطقة.
عملية طوفان الأقصى قوبلت بترحيب جماهيري عربي كبير وواسع على عكس مواقف حكومات بعض الدول العربية التي دعت إما لضبط النفس وإما لتخفيف التصعيد أو تهدئته فيما الشعوب أكدت تأييدها لطوفان الأقصى حتى الرمق الأخير ولا يرون أمام أعينهم سوى النصر.
وأبرز ما حدث فيما يخص هذا الموضوع هو أنه دعت عدة أحزاب ومنظمات سياسية واجتماعية أردنية، الجمهور للمشاركة في الوقفة التضامنية ظهر اليوم بالقرب من مسجد الكالوتي بالعاصمة عمان، دعما لعملية "طوفان الأقصى" حيث يشهد الأردن حملة تضامن مع قطاع غزة ترافقت بمطالبات حزبية وشعبية تشدد على ضرورة طرد السفير الإسرائيلي من البلاد، والتوجه الى منطقة الأغوار بالقرب من الحدود مع "إسرائيل" وفتح المعابر.
من جانبه بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في اتصال هاتفي تأجج التوتر بين "إسرائيل" وقطاع غزة.
فرض إيقاع المعركة والمقاومة في قطاع غزة نفسه على كل اجتماعات ومشاورات الأردنيين فقد برزت مداخلة حادّة جداً لرئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد الكريم الكباريتي في مدينة العقبة جنوب البلاد على هامش مناسبة اجتماعية في أحد الدواوين.
وقال الكباريتي في مداخلة له سيطر ايقاع المقاومة وما يجري في فلسطين عليها علما أنه سياسي بعيد تماما عن الاضواء: إن أهل فلسطين وقطاع غزة يسطرون في 70 ساعة فقط ما عجزت عن تقديمه مؤشرات العجز العربي والنفاق الدولي خلال 70 عاماً.
وتمنّى الكباريتي في مداخلته أن يُنزل الله العزيز القدير شآبيب الرحمة على شُهداء الأقصى كما وصفهم، وقال: إننا نستودع الله أهل فلسطين الذين يقابلون غطرسة القوة بقوة الحق.
و كان الأردنيون قد تفاعلوا مع مداخلة لشخصية عشائرية بارزة هو الشيخ طراد الفايز يعتبر بمثابة أبرز قضاة العشائر في البلاد.
ووجّه خلال مُداخلته في اجتماع عشائري لقبيلة بني صخر تحية خالصة للقائد المجاهد محمد الضيف كما استمرّت الفعاليات الشعبية والسياسية والاجتماعية الأردنية التي تتكاثر في إطار إظهار التضامن مع مقاومة أهل قطاع غزة وحركة المقاومة الاسلامية حماس فيما خلية الازمة الدبلوماسية الأردنية تواصل عملها الدبلوماسي الأردني المكثف تحت عنوان حقن الدماء ومحاولة إعاقة امتداد المواجهات في غلاف غزة وعملية القصف المجنونة لقطاع غزة لمصلحة مسارات إقليمية في الصراع باتت تهدد أمن واستقرار المملكة والمنطقة.
فيما صرح مصدر لإحدى وسائل الإعلام عن أن الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى والتي يجريها الأردن كانت نشطة ويُشرف عليها العاهل الأردني الملك عبد الله شخصيا طوال الوقت.
وعلى هذا الأساس جرت اتصالات ملكية مع ولي العهد السعودي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فيما توسّعت رقعة المخاوف الأردنية من امتدادات إقليمية للمواجهة العسكرية الحالية.
ويُراقب الأردنيون طبعا بشغف كل تفاصيل تطورات الموقف وتواصل القيادة الاردنية حملتها الدبلوماسية تحت عنوان حقن الدماء وتستعين بالزعامات العربية التي يمكنها التحرك سواء بالفضاء الايراني او حتى بالفضاء الامريكي أملا في الوصول إلى صيغة يمكن التحاور عندها عن احتواء الصدام والتحدّث عن هدنة.
ومساء الإثنين تم الإعلان في عمان عن سلسلة إضافية من النشاطات المبرمجة مسبقا على الصعيد الشعبي ومن بينها فعاليات في 6 محافظات ومدن أردنية إضافة لوقفات تضامنية على بوابات المساجد وفي محيط السفارة الإسرائيلية ووسط العاصمة عمان وجبال السلط المطلة على فلسطين.
واحتشد آلاف الأردنيين مساء الثلاثاء للمشاركة في أضخم مسيرة شهدتها العاصمة عمان دعما للمقاومة الفلسطينية، وتأييدا لعملية "طوفان الأقصى"، وتنديدا بعدوان الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة.
المسيرة التي دعت لها الحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي)، انطلقت من أمام المسجد الحسيني ورفع المشاركون فيها لافتات تؤكد الانحياز الشعبي الكامل في الدفاع عن المقاومة والانتصار لها.
كما رددوا هتافات تحيّي المقاومة في غزة وإنجازاتها على الأرض من خلال عملية "طوفان الأقصى".
وفي وقت سابق نفى مصدر رسمي بالمملكة الأردنية الهاشمية حقيقة ما تم تداوله من استخدام الولايات المتحدة الأمريكية قواعده العسكرية لإرسال شحنات الأسلحة والمساعدات للاحتلال الإسرائيلي.
وشدد مصدر بالقوات المسلحة الأردنية على أن هذه المزاعم تأتي لتشويه جهود الأردن التاريخية لدعم القضية الفلسطينية.
مع دخول عملية "طوفان الأقصى" يومها الخامس، تستمر المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ بينما يتصاعد التحشيد الإسرائيلي بمحيط غزة، تزامنا مع زيادة التوتر بالشمال وتكثيف الحراك السياسي.
وصرح مصدر إسرائيلي باعتراف صريح لهمجية سلوك الاحتلال بأن أكثر من ألف وحدة سكنية في غزة دُمرت جراء القصف الإسرائيلي، كما تسبب القصف بنزوح أكثر من 263 ألف شخص .
وتمكنت عملية طوفان الأقصى من توحيد الجبهة الداخلية وتجنيب الانقسام حيث التف الجميع حول المقاومة الفلسطينية تأييدا وفخرا واعتزازا وانتظارا وترقبا للمزيد من خسارة العدو وهزيمته وإذلاله وصولا إلى تحقيق المطالب المحقة والعادلة بإنهاء الاحتلال وتحرير الأرض.
هذا واستشهد 1055 فلسطينيا في اليوم الخامس من بدء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة وأصيب 5184 آخرون، في حين ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين على يد المقاومة الفلسطينية إلى 1200.
