الوقت - ليس غريباً المنطلق الذي يبني عليه وزير المالية في حكومة الاحتلال الصهيوني باتسلئيل سموتريش في "تهجير الفلسطينيين والانتقام وتدفيع الثمن" فهو صهيوني يحاول إخفاء عقدة أنهم بلا شعب ولا دولة مكانهم الشتات وسيبقى كذلك أما فلسطين فهي خالصة للفلسطينيين وحدهم طال الزمن أم قصر لإنهاء الاحتلال فمصيره الزوال وهذا وعد المقاومة ووعدها حق، وعند المقاومة فقط نحقق النهايات لصالحنا، من هنا يأتي كلام المدعو سموتريش شاء أم أبى من باب الخوف من المنتظر ومن باب التستر على حال تفكك المجتمع الإسرائيلي والهجرة العكسية وكذلك التغطية على أصوات اليهود أنفسهم وخاصة المتدينين الذين يؤمنون يقيناً أنه كتب عليهم الشتات وبالتالي لا يجوز وجودهم في دولة .
الخوف من المقاومة ومحاولة إثبات وجود وبث الدماء في عرق المستوطنين التي تجف عند كل عملية للمقاومة وتقف عندها حكومة الاحتلال واهنة عاجزة، هذه الأسباب تدفع سموتريش الذي يرغي ويزبد بكلام عن أن قتل المدنيين الفلسطينيين، حتى لو كانوا أطفالاً، أمر مشروع، وذلك ضمن نظرية “حسم الصراع” التي تتضمن التهجير والانتقام، وكأن الكيان الصهيوني كان قبل هذه التصريحات "حملاً وديعاً"، هذا ما يؤكده تحقيق نشره الموقع الصحافي الاستقصائي الإسرائيلي المستقل “شومريم” حول رئيس حزب “الصهيونية الدينية” سموتريتش.
وجاء في التحقيق أنه بعد أسابيع قليلة على إقرار الحكومة قانون إلغاء حجّة المعقولية، رغم المعارضة الشعبية غير المسبوقة التي يمر بها الإسرائيليون على نطاق واسع، أطلق الوزير بتسلئيل سموتريتش حملة “حوار الإخوة”.
وحسب قوله، فإن حزبه “يشرع في عملية لتقريب القلوب”، عبر حلقات الحوار في المجتمع الإسرائيلي، لأنه “حان الوقت لرأب الصدع”، هذه الخطوة تؤكد كلامنا السابق بأن المجتمع الإسرائيلي في مرحلة الاحتضار.
عندما يتعلق الأمر بالصراع مع الفلسطينيين، يردّد سموتريتش عبارات أشبه باللّازمة التي تكرر نفسها على طول الطريق، لافتاً إلى أن أي حل يجب أن يقوم على بتر الطموح لتحقيق الأمل القومي العربي بين الأردن والبحر، أما العبارات اللّازمة الأخرى التي يستخدمها سموتريتش فهي عادةً: “لا يوجد شيء اسمه “دولتان لشعبين” و”أرض إسرائيل” لنا وما هو لنا لا يمكن سرقته”، ولازمة أخرى تعكس بوضوح سعيه إلى دولة واحدة أو تنفيذ ترانسفير، ففي العام 2015، قال، في خطاب ألقاه أمام الهيئة العامة للكنيست: “توجد هنا دولة واحدة فقط، دولة يهودية، ولن تقوم إلى جانبها أبداً دولة فلسطينية، من يريد العيش معنا أهلاً وسهلاً، أما من لا يريد فإما أن يرحل، أو سنراه في المهداف” (مهداف البنادق)، وبعد مرور عام، كتب على “تويتر” قائلاً: “كل ما تبقى الآن هو الانتقال من الأقوال إلى الأفعال: إطفاء الأضواء في السلطة الفلسطينية، وفرض السيادة، والقيام بكل ما ستفعله أي دولة مستقلة تحترم نفسها”.
ويوضح التحقيق أنه إذا عدنا إلى رؤية سموتريتش السياسية الأمنية بالنسبة للفلسطينيين، كما عبّر عنها في مقال لـ”هشيلوح”، فمن السهل أن نحدد في بنودها فكرة “حسم الصراع بدلاً من الاستمرار في إدارته”.
وحسب التحقيق يرفض سموتريتش، الادعاء القائل إن التسوية التي يقترحها تحوّل "إسرائيل" إلى دولة فصل عنصري، أبارتهايد، ويزعم: “هناك، على الأكثر، عنصر مفقود في سلة الحريات، أو إذا شئنا: نقص في الوضوح الديموقراطي، نظام الحرية لا يبدأ وينتهي بالحق في الترشيح والانتخاب”، كما يشرح، ويتساذج لاحقاً زاعماً أن الدولة أصلاً “تنقل التركيز على الديموقراطية من المعنى البسيط لـ “حكم الأغلبية”، الذي يُشتق منه حق الترشيح والانتخاب ويشكل وسيلة لممارسته، إلى نظام القيم والحقوق، لسبب ما، في السياق الفلسطيني بالذات، فجأة يريدون التمسك بآلية الترشيح والانتخاب التقنية”.
أما فكرة الترانسفير الطوعي فيسميها سموتريتش بـ”تشجيع الهجرة”، موضحاً أن “من لا يريد، أو لا يستطيع أن يطرح طموحاته الوطنية جانباً، سينال منا مساعدة للهجرة إلى إحدى الدول العربية، أو إلى أي وجهة أخرى في العالم”.
وماذا بشأن الفلسطينيين الذين لن يقبلوا الاختيار ما بين الفصل العنصري- الأبارتهايد وبين الترانسفير الطوعي؟ لا يمكن في هذا الصدد لسموتريتش إلا أن يكون أكثر وضوحاً: ستتم معالجتهم والتعاطي معهم بحزم من قبل قوات الأمن بقوة أكبر مما نقوم به اليوم، وفي ظل ظروف مريحة أكثر بالنسبة لنا.
ويستذكر التحقيق أنه في مقابلة أدلى بها لمجلة “ليبرال” في العام 2018، أشار سموتريتش أيضاً إلى قطاع غزة، مقترحاً “احتلالاً كاملاً للقطاع… تقليص عدد السكان من خلال توزيع وإعادة تأهيل اللاجئين في الدول العربية أو في أوروبا.. وإعادة إنشاء استيطان إسرائيلي.
يتبنى سموتريتش عادة مفهوماً إضافياً يسمح له بالقفز ما بين التبرير والإدانة- الانتقام، وبهذه الطريقة يمكنه عدم تبرير الأعمال الإرهابية اليهودية من ناحية، ولا وصف المعتدين بالإرهابيين، من ناحية أخرى، فمثلاً، كتب في منشور عشية ذكرى الهولوكوست العام 2016: “صحيح أن الانتقام هو بالفعل قيمة مهمة وأخلاقية، لكن تم إيداعها في أيدي الدولة وفي أيدي القانون، إنها ليست بملكية الفرد”، وذلك على خلفية الهجوم الإرهابي على قرية دوما، والذي جرى فيه إحراق بيت عائلة دوابشة بأهله وساكنيه، وقتل الصبي محمد أبو خضير قبل ذلك بعام، وأضاف: “لو أن دولة إسرائيل لم تقم بحذف كلمة الانتقام من قاموسها، تحت تأثير الأخلاق المسيحية المشوهة، وقامت بذلك بطرق مشروعة ورادعة للعدو، لما كنا سنواجه هذه الحالات الصعبة لأفراد عاديين يأخذون القانون والانتقام ويطبقونه بأيديهم”.
هذا العرض لترهات المدعو سموتريش ضروري حتى لو كان معروفاً لفهم آلية تفكير العدو وسبر أغواره وخلفياته والأسباب الحقيقية له ومن ثم مجابهته بالمقاومة على مختلف الأصعدة وبمختلف الأدوات وصولاً إلى تدفيع الكيان الثمن لكل قطرة دم سالت ولكل فلسطيني هجر زوراَ وبهتاناً وصولاً إلى أن يكون الترانسفير المطاف الأخير للكيان.