الوقت- بحزم وقوّة، ردت الحكومة الللبنانية على طلب تل أبيب بخصوص الخيم التي أقامها "حزب الله" أو المقاومة اللبنانية، والتي يرغب كيان الاحتلال الصهيوني بإزالتها، والتي تدعي تل أبيب أنها داخلة في حدود احتلالها، وقدمت الإدارة الأمريكية اقتراحا بعد أن دخلت على خط الأزمة على الحدود مع الأراضي الفلسطينية التي تحتلها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك تجنباً للدخول في الحرب مع الإسرائيليين، ويأتي طلب "إسرائيل" في ظل عدم قدرتها ورغبتها على المواجهة مع حزب الله، مع تآكل الردع الإسرائيلي ضد هذا الحزب، وتحول المقاومة اللبنانيّة إلى قوّة حقيقية صادمة للقيادات الصهيونيّة، لكن رد لبنان جاء على عكس ما تشتهي القيادات العسكرية الإسرائيلية، وجاءت التصريحات الحكومنية في لبنان بمثابة "ضربة" قوية على وجه الإسرائيليين.
رد صاعق من بيروت
تطرّق وزير الخارجية في الحكومة اللبنانية عبد الله بو حبيب، إلى ردّ بيروت على طلب الكيان الصهيوني بخصوص الخيام التي أقامها حزب الله اللبناني، وأضاف: "إن اليونيفيل نقلت طلب إسرائيل تفكيك الخيمة التي أقامها حزب الله في حقول شبعا المحتلة"، وقال بو حبيب في كلمة عقب الاجتماع بين رئيس الوزراء اللبناني المؤقت وقائد القوات الدولية في جنوب لبنان: "تم فحص الوضع الأمني في جنوب لبنان ونقلوا إلينا طلب الجانب الإسرائيلي بتفكيك خيمة حزب الله "، مشدّداً على أن رد لبنان على مثل هذا الطلب هو "نريدهم أن ينسحبوا من شمال الغجر وهي أرض لبنانية"، في صفعة شديدة وذات أهمية كبيرة، تدعم موقف المقاومة الرافض لأي تنازل أمام محتل الأرض وقاتل الأبرياء.
وكما قال بو حبيب حول قرار مجلس الأمن رقم 1701 وتمديد مهمة قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان، ستتم مراجعة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 20 يوليو، وسيتم تجديد مهمة اليونيفيل في الأسبوع الأخير من أغسطس، وقال لهم رئيس الوزراء إنه سيكتب ذلك إلى الوفد اللبناني في نيويورك، وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، كان قد أعلن أن هاتين الخيمتين اللبنانيتين أقيمتا في الأراضي اللبنانية، وعلى المجتمع الدولي إجبار "إسرائيل" على تنفيذ القرار 1701، وطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الشطر الشمالي لقرية الغجر وحقول شبعا وتلال كفرشوبا.
مواقف متكاملة
شكّل موقف الحكومة اللبنانيّة تكاملاً مع موقف المقاومة اللبنانية أو حزب الله، في ظل خشية كيان الاحتلال وقياداته من أيّ حرب جديدة خشية الثمن الباهِظ وبالأخص مع حزب الله، والدليل على ذلك اعترافهم بأن "إسرائيل" فقدت قوتها الرادعة ضد المقاومة اللبنانية، ووفقا لتقرير نشرته القناة 12 الإسرائيلية، فإن البيت الأبيض قدم عرضا يتضمن قيام حزب الله بتفكيك "الخيام العسكرية" مقابل قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف بناء الحواجز الأمنية بالقرب من الأسوار الحدودية والقرى الحدودية، حيث يعتقد حزب الله أن بناء الحواجز الأمنية في المنطقة ينتهك سيادة لبنان، لكن التقديرات الإسرائيلية تظهر أن موقف حزب الله من أعمال البناء الإسرائيلية في الموقع يفسر إطلاق صواريخ نحو المنطقة يوم الخميس الماضي، وسقوط بعضها على الجانب الفلسطيني المحتل من "إسرائيل".
وبالتزامن مع الموقف اللبنانيّ الهام والمؤثر، أظهر التقرير العبريّ أن حزب الله سيوافق على تفكيك الخيمة إذا أوقف الجانب الإسرائيلي بناء جدار الغجر، وتجدر الإشارة إلى أن الخيم بنيت في المنطقة فوق الخط الأزرق منذ حوالي شهر، وقام حزب الله في وقت لاحق بتفكيك واحدة والحفاظ على واحدة أخرى، وكان حزب الله قد أصدر بيانا قبل وقت قصير من إطلاق النار، رد فيه الاحتلال الإسرائيلي بقصف مواقع بالقرب من بلدة كفر شوبا الحدودية اللبنانية، داعيا "الدولة اللبنانية والشعب اللبناني إلى اتخاذ إجراءات لمنع توطيد الاحتلال الإسرائيلي للجزء اللبناني من قرية الغجر الحدودية"، وهذا بالفعل ما قامت به الحكومة اللبنانية وأجهزتها الدبلوماسية، وخاصة أنّ الخيمة التي تعيش فيها العناصر العسكرية لحزب الله أصبحت رمزا للحزب، ويرى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنها فرصة، وفقا لتقارير عبرية، ربما لكسر شوكة لبنان.
وفي هذا الشأن، يدعي الإعلام العبريّ أن نصر الله لاحظ أن وضعا جديدا قد تشكل في المنطقة التي يمكن أن يحاول الاستفادة منها، وفي الوقت نفسه، تبذل "إسرائيل" جهودا لحل القضية من خلال" الوسائل الدبلوماسية" وسط شكوك حول فرص نجاحها في القضية، واعتبر محللون صهاينة أن غمر" إسرائيل" في الخيام في منطقة مزرعة شبعا المحتلة يعتبر نجاحا كبيرا لحزب الله، ما يعني أن" احتمال التصعيد يزداد بمرور الوقت "، حيث وقفت قوات الاحتلال الإسرائيلية وقوات الأمن " عاجزة عن مواجهة ردود حزب الله على الاستفزازات الإسرائيلية، ويدعي الجانب الإسرائيلي أنه منح حزب الله فترة محددة لتفكيك الخيام (التي لم يتم الإعلان عنها)، وأكدت الدوائر العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية أن تل أبيب ستزيل الخيام حتى لو كان ذلك على حساب معركة قد تستمر لأيام، على حد زعمها، وقال حزب الله في بيانه الأخير إن "إسرائيل" اتخذت مؤخرا إجراءات "تمثلت في بناء أسوار من الأسلاك الشائكة وبناء جدران خرسانية حول القرية بأكملها"، ما أدى إلى "فصلها عن البيئة التاريخية الطبيعية داخل أراضي لبنان وفرض سلطتها عليها".
وكما ذكرت وزارة الخارجية اللبنانية، أشار حزب الله إلى أن هدف ما حدث هو "الاحتلال الكامل للقسم اللبناني بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع"، وقد لبت الدولة اللبنانية وجميع مؤسساتها إجراءات منع إجراءات هذا الاحتلال المقيت، ودعت وزارة الخارجية اللبنانية، في الفترة الماضية، المسؤولين الدوليين إلى الضغط على تل أبيب للتراجع عن قرارها بمنع دخول اللبنانيين إلى القرية، متهمة إياها "بالسعي لضم القرية في انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن رقم 1701"، ليخلق واقعا جديدا على الأرض، فيما دعت اليونيفيل كلا من حكومة الاحتلال ولبنان إلى " التزام الهدوء "ووصفت الإجراءات بالقرب من الخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وفلسطين بأنها "حساسة للغاية.
أزمة جديدة
أزمة جديدة تضاف إلى أزمات الكيان الصهيونيّ الغاصب للأراضي العربية، تضاف إلى هزائمه الكبيرة، وخاصة في ظل الأزمات الداخلية التي وقع فيها الإسرائيليون بشدّة في الأيام الماضية، واعترافهم بأنّ "قوة الردع الإسرائيلية ضد حزب الله تضررت وفشلت بشكل كبير"، وكأن الحزب –بتأكيد الإعلم العبري- ينتصر على جميع المستويات، بطريقة كشفت تآكل الردع الإسرائيلي وأثبتت أن حزب الله لا يخشى الرد العسكري الإسرائيلي، ومن ناحية أخرى إن التدخل الأمريكي لايجاد الحلول مع حزب الله يدل على أن "إسرائيل" باتت في موقف أضعف اليوم، فيما تعلم قوات الأمن والجيش الصهيونيّ أن أي عملية عسكرية ضد حزب الله سيكون رداً قاسياً من الحزب وسينفذ حزب الله عملية ستوجه ضربة كبيرة لجبهة "إسرائيل" الداخلية، وخاصة أنّ المقاومة اللبنانيّة المتمثلة في "حزب الله" حققت انتصارات كبيرة على الصهاينة، وفرضت معادلاتها وغيّرت المحاور القتالية عن السابق.
نتيجة لكل ما ذكر، تستند قوة الحزب على كمية ونوعية الصواريخ التي يمتلكها، وتستخدم استراتيجية الحزب عادةً القذائف والصواريخ كأسلحة هجومية، إضافة إلى وحدات المشاة الخفيفة والدروع المضادة للدروع، فضلاً عن الطائرات المسيّرة، لذلك، تؤثر حقيقية أن حزب الله لا يأبه الإسرائيليين على الكيان الصهيوني الذي انخفض صوت تهديده كثيرا عن السابق، وبات يعترف بأن الموقف الاستراتيجي والردع لكيانه آخذان في التآكل التام، ناهيك عن أنه يمر بأزمة خطيرة، سببها الرئيسي هو تمزقه وتعميق الانقسامات الداخلية للصهاينة، وهي فجوة يدركها أعداء "إسرائيل" جيدًا، وعليه تتجنب القيادات الإسرائيلية الدخول في حرب مع لبنان ربما تتحول إلى حرب واسعة النطاق، وهي معركة تضر بالإسرائيليين أكثر مما يتخيلون.