الوقت- تشن قوات الاحتلال الصهيونيّ اعتداءات متكررة وهمجية بشكل مكثف على مخيم جنين بين الحين والآخر تحت ذريعة تقويض بنية المقاومة الفلسطينيّة الصاعدة في المخيم، إذ يدّعي الاحتلال أنّ المخيم كان منطلقًا لأكثر من 50 هجومًا، شنته المقاومة الفلسطينيّة الصاعدة على أهدافٍ صهيونيّةٍ، منذ مطلع العام الحالي فقط.
لكن بين هذه الهجومات الهمجية تُخلق ألاف القصص المأساوية والقاسية، هذه التفاصيل الصغيرة التي في الغالب يكون لها نافذة صغيرة لأن تخرج للاعلام و تروى، ومن هذه النافذة سنسرد قصة أحمد الذي سار بعد أداء صلاة الجمعة في مدينته العائدة إلى الحياة من دمار كبير والمنقلبة لمدينة أشباح وسط دمار هائل يحتويها.
جرافة ترفع أتربة ما خلفته جرافات العدوان لتفتح الطرقات ورجال يصلحون ثقوب الرصاص في خزانات المياه، وغرفة إطفاء تعمل على إطفاء بؤر بعض الحرائق ..
لكن عندما وصل أحمد إلى منزل أسرته ، صعد إلى غرفته التي تحولت هي وباقي غرف المنزل إلى كهف متفحم نتيجة إطلاق عدة صواريخ من الكتف أطلقها جنود الاحتلال على المنزل أثناء اقتحام وحصار المخيم، سائلا نفسه هل سيصلح هذا المنزل للعيش مرة ثانية؟
يواجه أحمد وبقية جيرانه آثار أكبر عدوان عسكري بربري إسرائيلي في جنين منذ عقود من الزمن حيث شن الكيان حملة عسكرية برية وجوية بمختلف أنواع الأسلحة على مخيم جنين .
هذه العملية العدوانية التي أطلقها المحتل بحجة وجود مقاومين مطلوبين .
لكن بالنسبة للعائلات العالقة في المخيم بسبب القتال، كانت العملية أشبه بـ 44 ساعة من الرعب، تمكن الآلاف من السكان من الفرار، بينما احتفظ آخرون بغرف نومهم وحماماتهم، لكن القليل منهم عانوا من الرعب الذي تعيشه عائلة أحمد، ٥٠ عامًا ، الذي اعتاد السهر لوقت متأخر بسبب طبيعة عمله.
ولد أحمد في المخيم حيث يعيش أكثر من 14 ألف شخص في مساحة لا تزيد على نصف كيلو متر مربع.
الفقر والبطالة دليل واضح على الحياة في هذه المدينة، وكذلك الغارات التي تقوم بها وحدات الكوماندوز الإسرائيلية، فبكل غارة تقتل آمال آلاف الأطفال من بينهم أبناء أحمد وبقية أبناء الجيران القاطنين في ذات الحي.
الليلة السوداء في ذاكرة أحمد هي تلك الليلة، التي انتشرت شائعات حول عملية إسرائيلية مقبلة، لكن لم يعرف أحد متى ستكون و في الساعة الواحدة من فجر يوم الاثنين، شاهد أحمد التقارير الإسرائيلية التي تحدثت عن دخول جنود إسرائيليين إلى المخيم، ثم سمع المسيرات أو الصافرات، واعتقد أنها ستطلق النار ثم وقع الانفجار.
تعيش عائلة أحمد في سبع شقق في ثلاثة منازل مترابطة يملكها أحمد وشقيقيه، وهم معتادون على الغارات الإسرائيلية، وفي غضون دقائق نزلت العائلة الممتدة إلى الطابق الأرضي وازدحم حوالي 40 شخصًا في الأماكن المظلمة، وكان ابن شقيق أحمد، فادي ، يربي الطيور ، حيث طارت عشرات الطيور وبدأت بالصراخ مع احتدام المعارك في الخارج.
اجتمعت الأسرة طوال الليل وحتى يوم الاثنين ، وأضاءت الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي، يتحدث أحمد عن “شعور الأطفال بالرعب” لكن فادي ، الذي يشعر بالقلق على زوجته الحامل وابنه البالغ من العمر 3 سنوات، ظل في قبو مزدحم بالطابق الثاني، يشاهد الأحداث في الخارج من نافذة صغيرة في الحمام.
لأن بيت أحمد يقع على قمة شارع شديد الانحدار، فإنه يطل على المخيم، ويمكنه رؤية حركة الجنود الإسرائيليين ، ويخبر الجيران بعضهم البعض عن الوضع.
يتذكر فادي: “أنهم يتجهون نحو شارع يافا ، وهم يداهمون منزل ابن عمك”. في الساعة 11 صباحًا ، تلقى مكالمة ، “فادي ، إنهم قادمون من أجلك”. سمع طرقًا في الطابق السفلي، فُتح بابان في وقت واحد، حيث اندفع جنود الاحتلال من الباب وحطموه وقف فادي حاملا ابنه الرضيع وطلب الجنود هويته وسألوه عن بقية "الإرهابيين" أي المقاومين.
حيث عاثوا في البيت خرابا بحجة التفتيش واقتادوا فادي معهم مكبل اليدين.
الأسرة في الطابق الأرضي كانت مرعوبة مما يحدث فلا يكفيهم الصواريخ وأصوات المجنزرات .
عند منتصف الليل سمع أحمد صوتا عبر المطارات أخرج أخرج أمان في الخارج ..
وجمع أهل البيت الوثائق وما يلزمهم في الخروج ..
ووجدوا سيارة إطفاء وفريق الهلال الأحمر الفلسطيني الذي كان يساعد في العثور على ناجين من الأهالي المحاصرين.
وكانت شوارع جنين كأنها حقول تمت حراثتها، هذه قصة واحدة من الروايات التي يستطيع المحاصرون أن يرووها في ليلة حصار جنين، ولكن ورغم كل ما تحمله هذه الروايات سيستمر الصراع العربي الصهيوني إلى أن يتحقق النصر العربي عليهم وطردهم خارج أرضنا المحتلة وعودة جميع الأهالي إليها فلا يصح الا الصحيح أم هؤلاء الشراذم فسيعودون شتات كما كانوا قبل 100 سنة.