الوقت- لا يخفى على أحد أنه على الصعيد الشعبي لايزال الرأي العام المصري يساند القضية الفلسطينية ويدعم كفاح الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، بل يعتبر أن هناك مسؤولية تاريخية لمصر تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها مسألة أمن قومي.
ولقد ظهرت هذه المواقف لأبناء الشعب المصري على شبكات التواصل الاجتماعي، من إدانة إسرائيل ورفض إجرامها ووصمها بالكيان العنصري الإجرامي، فضلاً عن دعم المقاومة الفلسطينية، فعلى الرغم من التطبيع بين النظام المصري الا أن الشعب لم يتنصل من القضية الفلسطينة فهناك التزام مستمر فالرأي العام الشعبي في مصر، لا يزال مسانداً بقوة لحقوق الشعب الفلسطيني، بل يطالب بالتصدي بقوة لـ"العربدة الصهيونية" انسجاماً مع الدور القومي لمصر وباعتبار الدفاع عن الحقوق الفلسطينية الثابتة من معالم الأمن القومي المصري.
مثقفون وأكاديميون مصريون يدينون ما حدث في جنين
قال مثقفون وأكاديميون مصريون إن ما يحدث في جنين وغيرها ليس إرهابا كما يصفه الإسرائيليون، وإنما هو مقاومة مشروعة وحق أساسي تكفله القوانين والشرائع الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
وأضافوا إن الإرهاب الحقيقي هو ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل ضد شعب مدني أعزل يبحث عن حقه في الحياة وتحرير أراضيه من نير الاحتلال.
محللون مصريون ألقوا باللائمة على الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين أنه لو لم تكن اسرائيل مدعومة بتأييد حليفها الامريكي غير المشروط، وهو الذي انحاز منذ اللحظة الاولي الى جانبها في عدوانها الغاشم علي جنين، واعتبره حقا مشروعا لها في دفاعها عن امنها.
لماذا ذهبت اسرائيل بعيدا في عدوانها الى هذا الحد؟
د. إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية يرى أن أمريكا هي شريك أصيل لإسرائيل في كل جرائمها في الاراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا أنها أصل الداء وأس البلاء في كل ما يحدث في فلسطين وفي غير فلسطين.
وتابع قائلا: “أمريكا التي كافأت اسرائيل وفق ما أعلنه رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو باهدائها صفقة طائرات F-35 وهي احدث ما في الترسانة الجوية الامريكية من طائرات هجومية، صفقة قيمتها ثلاثة مليارات دولار وقد ابقوا في واشنطون وتل ابيب علي هذه الصفقة سرا حتى جاء نتنياهو ليكشف عنها ويعلنها للعالم، وكأنه اراد ان يقول على مرأى ومسمع من العالم ان سماح اسرائيل لامريكا بالمضي قدما في اتفاقها مع ايران له ثمن وان هذا هو الثمن الذي طلبته اسرائيل ولم يكن بوسع امريكا ان ترفضه او تنزل عنه، وقد كان، هدايا عسكرية امريكية مجانية بالمليارات لدعم قدرات اسرائيل الهجومية، وللحفاظ علي تفوقها لكي تبقى القوة العسكرية الاولى في الشرق الاوسط.. فلماذا لا تهاجم وتسحق جنين وغير جنين وتعلن انها جاهزة لكل الاحتمالات والسيناريوهات على كل الجبهات.
تضامن شعبي مستمر
أن الأغلبية الساحقة من الشعب المصري لا تزال تتبنى موقفاً تقليدياً من القضية الفلسطينية، باعتبارها من أهم معالم الأمن القومي المصري. حيث إن المصريين يُدركون أن إسرائيل تمثل الخطر الأكبر على بلدهم، فهذه القضية كانت تمثل أولوية من أولويات الأمن القومي المصري وهي لا تزال كذلك وستظل من أولوياته. وفي السياق نفسه فإنه لم يحدث تراجع في أولويات القضية الفلسطينية،وأن من يتحدث عن تراجع الدعم الشعبي المصري للقضية الفلسطينية، عليه أن يراجع ويرصد ردود الفعل الشعبية المصرية تجاه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، حيث يرى المصريون أن الدفاع عن القضية الفلسطينية واجب قومي وأمر يخدم الأمن القومي المصري في الصميم، و مثل هذه الأقوال تتردد فقط في لحظات الغضب.
الكيان الصهيوني يمثل خطرا يهدد الامن المصري
يعلم الجميع أن الكيان الصهيوني يمثل خطرا لا يهدد الامن الوطني المصري فقط وانما يهدد الامن القومي العربي ايضا، فالمظاهرات والمسيرات والتجمعات المتواصلة للشعب المصري امام سفارة الكيان الاسرائيلي في القاهرة للمطالبة بالغاء اتفاقية كامب ديفيد مع هذا الكيان ووقف تصدير الغاز اليه هي خير دليل على وعي الشعب المصري، حيث إن الشعب المصري في عقيدته وفي ايمانه يرفض بشدة التطبيع مع الكيان الصهيوني في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وما يشار اليه هو تهديدات الكيان الاسرائيلي بشن حروب في المنطقة حيث ان الكيان الصهيوني يهيء نفسه لحرب شاملة على مستوى المنطقة لانه لايستطيع ان يعيش في امن وامان الا اذا تحقق له التفوق العسكري الساحق على كل الدول العربية والاسلامية . في السياق نفسه يأكد أبناء الشعب المصري ان وقف تصدير الغاز المصري الى الكيان الاسرائيلي يعتبر مطلبا شعبيا عاما ويتفق عليه جميع الاطياف السياسية في مصر حيث ان تصدير الغاز الى الكيان الصهيوني يعتبر دعما واسنادا لهذا الكيان في عدوانه على الامن الوطني المصري والعربي والاسلامي
أطماع العدو الصهيوني في النيل
إن الكيان الصهيوني لديه أطماع تاريخية في الأرض العربية، فمن أطماع العدو الصهيوني المعلنة عبر اللوحة الشهيرة المعلقة على مدخل الكنيست الإسرائيلي «حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل»، حيث إن المشروع التوسعي الصهيوني الذي يرغب في ضمّ وابتلاع مساحات شاسعة من الأرض العربية ومنها بالطبع الأرض المصرية، وفي هذا السياق يجب التاكيد بشكل أعمق ومن زاوية رؤية مختلفة وهي أطماع العدو الصهيوني في مياه نهر النيل، فالعبارة واضحة ولا تحتاج لتأويل فعندما تكون دولتهم المزعومة من الفرات إلى النيل يعني ذلك ومن دون مواربة أنهم طامعون في مياه هذا النهر العظيم.
حيث ترجع الأطماع الصهيونية في مياه نهر النيل قبل تأسيس الكيان الصهيوني بسنوات طويلة، حيث تؤكد المصادر التاريخية أنّ تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية والذي عاش خلال الفترة من 1860 وحتى 1904 وقام في عام 1896 بنشر كتابه الشهير بعنوان «الدولة اليهودية» ناقش فيه إقامة كيان لليهود مدّعياً أنهم يشكلون قومية وعلى الشعب اليهودي مغادرة أوروبا وإقامة دولة لهم على أرض فلسطين «وطنهم التاريخي» المزعوم.
في الختام يمكن القول إن إسرائيل تواجه مأزقا كبيرا أمام حالة النهوض التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وتتصرف بغطرسة وظنت أن المهمة سهلة جدا في مخيم جنين، وأنها ستحطم إرادة المقاومة هناك وأنها ستقتل من تريد وستدمر.
فالعدو فشل في تحقيق أي نتيجة من جراء عدوانه على جنين وفي تكريس سياسة الأمر الواقع، ذلك نتيجة المقاومة الكبيرة وصمود الشعب الفلسطيني، وفي هذا السياق من الواضح أن التضامن الشعبي من قبل أبناء الشعب المصري يدل على يقظة الشعب للمخطات الصهيونية والتهديدات التي تحدق بمصر وامنها من قبل كيان الاحتلال الصهيوني. وما مساندة الشعب المصري للمقاومة الثابتة والصامدة، بغض النظر عن الفرق الهائل في الإمكانات الاخيرة دليل على يقظة أبناء مصر.