الوقت - تناول "المجلس الأطلسي"، وهو مركز أبحاث، عودة "بشار الأسد" إلى مجموعة الدول العربية في جامعة الدول العربية، معتبرًا أن الاستقبال الحار من قبل قادة الدول العربية في اجتماع جامعة الدول العربية في جدة، علامة على فشل السياسات الأمريكية.
في هذا التقرير، الذي يعبر عن آراء العديد من الخبراء في مركز الأبحاث هذا، يُذكر أنه بعد 12 عامًا من استبعاد سوريا من جامعة الدول العربية، لقي الرئيس بشار الأسد رحابة الصدر من أعضاء هذه المنظمة الإقليمية في 19 أيار/مايو.
تغيرت ظروف الحرب الأهلية التي أدت إلى طرد سوريا من الجامعة العربية، وخاصةً أن زلزال 6 فبراير الماضي الذي دمّر جزءًا مهمًا من سوريا، خلق فرصةً للأسد لكسب دعم جيرانه وشركائه السابقين.
ومع ذلك، وفقًا لتحليل مركز الأبحاث الأمريكي أعلاه، إلى جانب هذه المسألة، كانت اتفاقية التطبيع بين السعودية وإيران مؤثرةً أيضًا. وقد أدت كل هذه التطورات في النهاية إلى إعادة الترحيب بسوريا في جامعة الدول العربية، وفي الواقع ظهرت ساحة لعب جديدة لدمشق.
أمريكا هي المسؤولة عن الوضع الحالي في الشرق الأوسط
طلب المجلس الأطلسي تحليل خبرائه فيما يتعلق بهذا التطور الجديد، وفيما يلي ملخص لآرائهم في هذا المجال.
يعتقد قتيبة إدلبي، المحلل في مركز رفيق الحريري والخبير في ملف سوريا في برنامج الشرق الأوسط، أن جهود تطبيع العلاقات مع سوريا وإعادة بشار الأسد إلى المنطقة العربية، أتت ثمارها بعد الزلزال المميت في 6 شباط/فبراير. وقد كان نجاح الأسد في الواقع تتويجًا لعدة سنوات من الجهود التي بذلتها العديد من الدول العربية لتطبيع العلاقات مع دمشق، وتحويل وضعها في الشرق الأوسط.
بالطبع، من وجهة نظر هذا المحلل، فإن التطورات تتحرك بطريقة ما في اتجاه إقامة توازن بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى.
وفي إشارة إلى استمرار الوجود الأمريكي في سوريا، أضاف هذا الخبير: المشكلة أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها مسؤولةً فقط عن الأطراف التي تعاملت معها بشكل مباشر في شمال شرق سوريا.
ونفس النهج الأمريكي هذا قد خلق فراغًا في أجزاء أخرى من هذا البلد، ووجّه أنظار الدول العربية نحو روسيا وإيران. ومن خلال عدم إعطاء الأولوية لسياسة الشرق الأوسط، سرّعت إدارة بايدن التغيير الإقليمي وإعادة دمج الأسد لاحقًا.
وحسب هذا المحلل، فإن إبقاء الأسد معزولاً من الآن فصاعداً لن يكون سهلاً كما كان من قبل، وخصوصاً أنه يبحث عن رفع العقوبات والموارد المالية لإعادة إعمار بلاده.
كما يعتقد عماد الدين بادي، وهو عضو آخر في مركز رفيق الحريري، أن السلوك الدافئ للقادة العرب تجاه بشار الأسد يظهر عيوب السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة. وفي الواقع، يمكن تفسير العودة الرسمية للأسد إلى جامعة الدول العربية، على أنها انتصار للبراغماتية المنطقية والسلطوية لقادة الشرق الأوسط.
ويؤكد هذا المحلل أنه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الطريقة التي عومل بها الأسد على السجادة الحمراء، سلطت الضوء على مشاكل السياسة الخارجية للبيت الأبيض في المنطقة.
سياسة أمريكا تجاه سوريا مثال على الفشل في ردع الأسد وحلفائه. لقد دمرت الحكومات الأمريكية الظروف، وفقدت مصداقيتها بانتهاك السياسة المعلنة وإزالة نفوذها وأدواتها تدريجياً.
إنها لحقيقة لافتة للنظر إلى أن هناك الآن دولًا في طليعة إعادة إحياء علاقاتها مع الأسد، والتي كانت حليفةً لواشنطن، وقبل ذلك كانت تشكل سياسة إدارة بايدن تجاه دمشق.
وأوضح عماد الدين بادي أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية كانت رسمياً بمثابة مسمار على نعش التزامات أمريكا العالمية المنسية. ويجب أن يدق هذا الأمر ناقوس الخطر لصانعي السياسة الأمريكيين، لتغيير المسار وإعادة التفكير في أفعالهم وافتراضاتهم.
الجهود الغربية لزيادة الضغط على الأسد
في مركز الأبحاث هذا، لا يزال هناك محللون لا يريدون قبول فشل النهج الغربي في سوريا. ويصر هؤلاء الخبراء على نفس الآراء الهدامة.
"جيسو نيا"، وهي من خبراء المجلس الأطلسي، تزعم أن ترحيب الجامعة العربية الحار ببشار الأسد بعد أكثر من عقد من الصراع، هو إهانة للرأي العام، لأنه بدلاً من محاولة تحميله المسؤولية، قامت الدول بمد يد الصداقة له.
ميشيل دوكلوس، وهو عضو آخر في مركز الأبحاث المذكور والسفير الفرنسي السابق في دمشق بين عامي 2006 و 2009، يعتقد أيضًا أنه لا ينبغي للغرب أن يقبل دون قيد أو شرط عملية التطبيع مع حكومة الأسد.
ووصف نهج الحكومات العربية بأنه خطأ فادح، وأضاف: "لا يمكنهم توقع أن يحقق الزعيم السوري توقعاتهم الرئيسية. إنهم الآن ليس لديهم إنجازات وآفاق للحد من نفوذ إيران في الشؤون السورية. لهذا السبب، يجب على الدول الغربية ألا تدخل في منطق التطبيع غير المشروط مع الأسد، بل يجب أن تصر على عدم رفع العقوبات وتركيز طاقتها على شمال شرق سوريا. وبالاتفاق مع تركيا، يمكن للدول الغربية أن تنشئ نوعًا من الحكم الذاتي لقوات سوريا الديمقراطية".
بدوره يعتقد "ياسين راشد"، الخبير في الشؤون السورية في مركز الأبحاث الأمريكي هذا، أن الترحيب الحار من الدول العربية بالأسد في اجتماع جامعة الدول العربية في جدة، كان المسمار الأخير في نعش الربيع العربي في عام 2011، ويأتي هذا الحدث في أعقاب مسار الثورات الفاشلة في تونس ومصر وليبيا واليمن.
کما انتقد تصرفات حكام الدول العربية، مشيرًا إلى أن ذكرى الربيع العربي لعام 2011 دائمًا ما تكون في أذهان قادة المنطقة، وقال: تخشى الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ظهور موجة أخرى من الانتفاضات بسبب استمرار اليأس الاقتصادي. إنهم لا يحاولون معالجة القضايا الجذرية مثل الحوكمة والمساءلة والشفافية".
وفي الختام، نصح صناع القرار في واشنطن أنه في هذا الصدد، بدلاً من دعم الجهود الحالية، يجب على إدارة بايدن إعطاء الأولوية للشعب السوري، وخاصةً فئة الشباب الضعيفة في هذا البلد. ويجب على الولايات المتحدة استخدام علاقتها المتميزة مع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لمحاسبة دمشق، ومعالجة عواقب الحرب في سوريا.