الوقت- اجتاح العشرات من المهاجرين الصهاينة، بدعم من جيش هذا النظام، الجزء القديم من مدينة القدس وأهانوا العرب والمسلمين، ثم دخلوا في قتال مع الفلسطينيين الذين تصادف وجودهم هناك.
من ناحية أخرى، وحسب آخر مسح أجري في فلسطين المحتلة، فإن المهاجرين الصهاينة الذين يعيشون في فلسطين المحتلة ليس لديهم رغبة كبيرة في العيش في القدس.
وحسب الخبراء، فإنه خلافا لخطط النظام الصهيوني لتجنيد يهود في القدس الشريف وجهوده المكثفة لزيادة عدد اليهود في المدينة، أظهر استطلاع نشرته القناة التلفزيونية الصهيونية 12 أمس أن ثلثي الصهاينة غير مستعدون للعيش في المدينة حتى بعد احتلالها.
وحسب نتائج هذا الاستطلاع، فمن وجهة نظر 65٪ من الصهاينة، لا تزال القدس جزأين ، و 23٪ فقط قالوا إن القدس موحدة.
كما أظهرت نتائج الاستطلاع أن 62٪ من الصهاينة لا يريدون العيش في هذه المدينة و 30٪ فقط أعربوا عن استعدادهم للعيش في هذه المدينة.
وحسب هذه القناة التلفزيونية الشعبية التابعة للنظام الصهيوني، فإن غالبية المعارضين للعيش في القدس يقولون إن السبب في ذلك هو وجود جالية فلسطينية كبيرة هناك.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من كل جرائم وأفعال الكيان الصهيوني في هذه المدينة، لا يزال الفلسطينيون يشكلون 40٪ من سكان المدينة.
وحسب القناة الـ 12 التابعة للنظام الصهيوني، لعبت سياسات إسرائيل دورًا رئيسيًا في جعل هذه المدينة أكثر فقرًا، بحيث يكون متوسط الفقر في هذه المدينة ضعف متوسط الفقر في إسرائيل ككل.
أهمية القدس للكيان الاسرائيلي
أعلنت ما تسمى بدولة الكيان الصهوينى مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل" إلى الأبد، وذلك فى 15 مايو عام 1980، فى خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولى وأيضا الولايات المتحدة، واعترف بها الرئيس الأمريكى ترامب فى عام 2018، حيث لا يزال المجتمع الدولى يعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة.
ويرجع تاريخ مدينة القدس إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهي بذلك تعد واحدة من أقدم مدن العالم. وتدل الأسماء الكثيرة التى أطلقت عليها على عمق هذا التاريخ، وقد أطلقت عليها الشعوب والأمم التى استوطنتها أسماء مختلفة، فالكنعانيون الذين هاجروا إليها فى الألف الثالثة قبل الميلاد أسموها "أورساليم" وتعنى مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم.
ويزعم اليهود، بلا دليل، أن القدس عاصمتهم التاريخية منذ 3000 عام، لأسباب دينية وسياسية، وحسب روايات تراث يهودية "مزعومة" فإن القدس كان بها الهيكل الذى هدم مرتين، وكانت عاصمة المملكة التاريخية التى حكمها الملك داود فى القرن العاشر قبل المسيح، وبعدها لمملكة الحشمونيين اليهودية.
كما يوجد فى القدس وفى الحى اليهودى الحائط الغربى أو حائط المبكى الذى يعتقد اليهود أنه ما تبقى من هيكل النبى الملك سليمان، ويعتقد اليهود أنه يوجد داخل هيكل سليمان قدس الأقداس، وهو أكثر المواقع قداسة لدى اليهود، كما يعتقد اليهود أنه بقدس الأقداس حجر الأساس الذي خلق منه العالم، فضلا عن أنه الموقع الذي كان سيضحي فيه النبي إبراهيم بابنه، ويعتقد الكثير من اليهود أن قبة الصخرة هي موقع قدس الأقداس.
وحسب عدد من المصادر، دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذى امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة، فقد استطاع داوود السيطرة على المدينة فى عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود وشيد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً. ثم خلفه من بعده ولده سليمان الذي حكمها 33 عاماً.
وبعد وفاة سليمان انقسمت الدولة في عهد ابنه رحبعام وأصبحت المدينة تسمى "أورشليم" وهو اسم مشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم الذي أشارت التوراة إلى أنه حاكم عربي يبوسي كان صديقاً لإبراهيم. (سفر التكوين- 14: 18-20، والرسالة إلى العبرانيين في الإنجيل 6:20،7:1-5).
إلا أنه لا يوجد فى التوراة (النص العبرى) قط ولا بأى صورة من الصور أي إشارة أو تلميح أو جملة عامة أو وصف مقتضب يقول إن القدس كانت عاصمة "إسرائيل" القديمة، ويعتبر عدد من الباحثين أن هذا تلفيق استشراقي/لاهوتي لا أساس له قام به علماء آثار ومنقبون ورحالة وضباط استعماريون طوال أكثر من مئتي عام بدعم من "صندوق آثار فلسطين" البريطاني.
وعلى الرغم من ذلك يعتبر الإسرائيليون القدس عاصمتهم الأبدية وتضع الحكومات الإسرائيلية كل السياسات التي انتهجتها تجاه المدينة المقدسة أكان في المحافل السياسية الدولية أو تجاه سكان القدس الشرقية من خلال سياسة التهويد المستمرة، حيث يتم هدم البيوت والاستيلاء على المنازل العربية بموجب قانون أملاك الغائبين أو بفعل صفقات مشبوهة عبر وسطاء وعدم إعطاء تراخيص البناء وفرض الضرائب على السكان العرب وسحب هوياتهم.
سبب للنزاع الدائم
والحرم القدسي من الأسباب الرئيسية للتوتر المستمر. ولا يزال لأسباب تاريخية يخضع لإشراف الأردن، ولكن قوات الأمن الإسرائيلية تسيطر على كل مداخله.
وفي الحرم القدسي، المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين. لكن السلطات الإسرائيلية تسمح على الرغم من ذلك لليهود بزيارة باحة المسجد في أوقات محددة وتحت رقابة صارمة، لكن دون السماح لهم بالصلاة هناك.
في المقابل، يستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة الخاضع لسيطرتها، لاقتحام المسجد الأقصى وممارسة الشعائر الدينية اليهودية فيه، حتى أنهم يجاهرون بأنهم ينوون إقامة الهيكل مكانه.
وتزيد تلك الزيارات والنوايا المعلنة والصريحة من مخاوف الفلسطينيين من قيام إسرائيل بتقسيم المسجد الأقصى بالزمان والمكان بين اليهود والفلسطينيين، في ساعات الصباح لليهود وباقي اليوم للفلسطينيين.
وهذا الوضع الموروث من حرب 1967 يجيز للمسلمين الوصول إلى المسجد الأقصى في كل ساعة من ساعات النهار والليل، ولليهود دخوله في بعض الساعات، لكنه لا يجيز لهم الصلاة هناك.
وتكرر تل أبيب دوما أنها ترغب بالإبقاء على "الوضع القائم" في المسجد.
وكانت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون إلى باحة المسجد الأقصى الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000.
مخطط تهويد القدس
منذ أن قامت إسرائيل باحتلال مدينة القدس عام 1967م، وهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة وفي الأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف إسرائيل الأساسي تجاه مدينة القدس.
الاستيطان ومصادرة الأراضي
سعت "إسرائيل" خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططها الاستيطاني الهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس، وعملت على تحقيق ذلك من خلال توسيع ما تسمى حدود القدس شرقاً وشمالاً، وذلك بضم مستوطنة "معاليه أدوميم" التي يقطنها حوالي 35 ألف مستوطن، كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل "عنتوت، ميشور، أدوميم، كدار، كفعات بنيامين" من الجهة الشرقية، "والنبي يعقوب، كفعات زئييف، والتلة الفرنسية، كفعات حدشا، كفعات هاردار" من الشمال.
إن السياسة التي اتبعتها "إسرائيل" أدت إلى مضاعفة عدد المستوطنين، وفي الوقت نفسه قللت نسبة السكان الفلسطينيين الذين يشكلون ثلث سكان القدس أي حوالي 220 ألف نسمة بما فيها الجزء المضموم 380 ألف نسمة، مع العلم أن عدد المستوطنين في مدينة القدس يساوي عدد المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة (180 ألف مستوطن).
عملياً إن ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" إلى حدود البلدية أضاف 35 ألف مستوطن إلى عدد المستوطنين الموجودين في الحزام الاستيطاني حول القدس، وبذلك يصبح أكثر من 200 ألف مستوطن يسكنون داخل حدود البلدية، إضافة إلى المستوطنات الشرقية التي تضاعف العدد إلى 400 ألف يهودي في القدس الغربية.
إن عدد المستوطنات في القدس حسب إحصائيات مركز أبحاث الأراضي 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس، أي ما تسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في محافظة القدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.
ويشار أيضا إلى أن حدود البلدية (القدس الغربية) تم بشكل رسمي توسيعها، ولكن عمليا تم الاستيلاء على 72كم مربعا بقرارات مختلفة وبتقييد التمدد العمراني في القدس وتحويل المناطق إلى مستوطنات إسرائيلية، كما حدث مع جبل أبو غنيم "مستوطنة هارحماه".
الآثار المترتبة على الاستيطان اليهودي في القدس وضواحيها
لا شك في أن لعملية الاستيطان "الإسرائيلية" في القدس وضواحيها، آثار كبيرة على السكان الفلسطينيين يمكن إجمال هذه الآثار بالنقاط التالية:
مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي التابعة للقرى التي أقيمت عليها المستوطنات.
تطويق التجمعات السكنية الفلسطينية والحد من توسعها الأفقي والعمودي لاستيعاب التزايد الطبيعي للشعب الفلسطيني.
تهديد بعض التجمعات السكانية الفلسطينية بالإزالة، وخاصة تلك التي تعترض تنفيذ المخطط الإسرائيلي الرامي إلى دمج العديد من المستوطنات المحيطة بالقدس.
إبقاء فلسطيني مدينة القدس وضواحيها في حالة خوف ورعب معزولين عن شعبهم ووطنهم بشكل دائم، من خلال الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل المستوطنين المدججين بالسلاح والمحميين من قبل قوات الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود.
عزل مدينة القدس وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب والشرق.
فصل شمال الضفة عن جنوبها، والتحكم في حركة الفلسطينيين بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
قطع التواصل الجغرافي بين أنحاء الضفة الغربية وتقسيمها إلى بقع متناثرة، وبالتالي الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة جغرافيا.
تشويه النمط العمراني الرائع للقدس العتيقة والقرى الفلسطينية المحيطة، الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وذلك بإدخال النمط العمراني الحديث.
البقاء للفلسطينيين
أوضاع صعبة بشكل عام تعيشها القدس في ظل الاحتلال، لكن “البقاء” كان سيد الموقف، فالفلسطينيون يزيدون كل عام ما معدله 1%، وهم رغم من كل ما ذكر، سيصبحون أغلبية خلال عقد من الزمان، وهو أمر لا ينطبق على القدس فحسب، بل على كل فلسطين ضمن حدودها الانتدابية. “البقاء” أصبح استراتيجية المقادسة الصامتة، وهم بالتأكيد عبر بقائهم لا يتلقون الضربات فقط، بل هم جسم حي يطور أدوات نضاله بشكل دائم وجدلي، مرة باستخدام السلاح الأبيض، ومرة باستخدام الجرافات والسيارات، وأخرى باستخدام الحجارة.