الوقت_ مع اقتراب توقيت مصادقة حكومة الاحتلال، في اجتماعها القادم يوم الأحد على تشكيل الميليشيات المسلّحة الخاضعة لإمرة وزير الأمن القومي –المعروف بفاشيّته الشديدة- إيتمار بن غفير بشكل شخصيّ، وسط تحذيرات على المستويين الفلسطينيّ والصهيونيّ من كونها عصابات مسلحة وفاشية خطيرة، عقب إعلان بن غفير عن تشكيل ما أسماه “كتيبة متطوعين” في مدينة "اللد" والتي تقع على مسافة 16 كم جنوب شرق مدينة يافا (تل أبيب) ويقطنها عرب ومستوطنين صهاينة، في محاولة لتأسيس مليشيات مسلحة تبطش بالعرب في المدن الفلسطينية داخل كيان الاحتلال ومواجهة المعارضين ، ففي الفترة الماضية، قام وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال بزيادة منح تراخيص حمل الأسلحة الشخصية من نحو ألفين إلى 10 آلاف شهريا، ولا سيما للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، ما اعتبر إصراراً من كيان الاحتلال الغاصب على تجربة المُجرب وإعادة تكرار الأخطاء نفسها في فلسطين، ما يُنذر بانفجارات لا يُحمد عقباها في الساحة الفلسطينيّة، في ظل توسيع سياسة منح رخص الأسلحة لعصابات المستوطنين.
حربٌ أهليّة قادمة
في الوقت الذي يمثل فيه القرار الإسرائيلي تطبيقاً فعليّاً لمحاولات اليمين الصهيونيّ المتطرف لتأسيس مليشيات وعصابات مدنية مسلحة، تحت مسمى "الحرس القومي"، من الواضح أن الشرطة التابعة للعدو تعرض تشكيل “الحرس القومي” كوحدة منفصلة عنها، تكون خاضعة مباشرة لابن غفير بصفته رجلاً سياسياً له أجندته وأهواؤه، وتقول وسائل إعلامية عبرية، إن المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي قد اجتمع مع وزير الأمن القومي، وإنهما يتجهان للاتفاق بأن تكون هذه الميليشيات خاضعة لتعليمات المفتش العام، فيما يقوم الوزير بتحديد مهامها، ما يعني إبقاء الوزير بن غفير صاحب السلطة العليا عليها تحت غطاء كتائب شرطية تطوعية، حيث يواصل كيان العدو سياسة الاستيطان والقتل المروعين بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يعني باختصار ارتفاع حدّة المقاومة والمواجهة في المنطقة التي تمادت فيها قوات المحتل الباغي ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، فيما تؤكّد الوقائع أنّ حسابات تل أبيب خاطئة بامتياز، حيث بات الفلسطينيون يشعرون بأنّهم "جمر تحت الرماد"، مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة ستؤدي بلا محالة إلى انفجار "انتفاضة عارمة" ستغير الواقع الحالي ويمكن أن تكون أكثر مما يتخيل الإسرائيليون، في ظل تلك الحرب المباشرة التي أعلنها كبير الفاشيين في حكومة الاحتلال.
وفي ظل تحذّيرات أوساط إسرائيلية من مختلف الاتجاهات من خطورة هذه المشروع، وتعتبرها لعباً بالنار وعبثاً بالأمن، يبدو أن الهدف الحقيقي الذي يسعى بن غفير لتحقيقه من تشكيل "الميليشيات اليهودية" هو إشعال المدن الفلسطينيّة التي يقطنها عرب ومستوطنون عن سابق إصرار وترصد، فهو من دعا لتسليح المدنيين وعسكرة المجتمع المدني في الكيان وتحديدا في المدن المختلطة وفي القدس المحتلة وفي الضفة الغربية أيضاً، كما أن تلك الميليشيات هجومية وليست دفاعية هدفها إشغال الشارع وضرب المواطنين العرب بيد من حديد، حيث وجه “بن غفير” شعبة ترخيص الأسلحة النارية في الوزارة باتخاذ مجموعة من الخطوات في هذا الإطار، حيث إنه من اللحظة الأولى التي تحدث فيها المكتب الوطني أنّ وزير أمن الاحتلال الداخلي، جلعاد أردان، قد صادق على إجراء تعديلات بشأن حمل السلاح، تسمح لمليون مستوطن بالحصول على رخصة سلاح، تبيّن أنّ العدو الصهيونيّ غير مستعد لأدنى تغيير في منهجه الإباديّ ضد الفلسطينيين، وتأتي تلك الأنباء بعد سلسلة من الهجمات وعمليات المقاومة في القدس والضفة الغربية في الفترة الأخيرة رداً على الجرائم الإسرائيليّة، وقدوم حكومة نتنياهو الفاشيّة التي بدأت تمارس العنف المفرط وتؤيّد ارتكاب المستوطنين اليهود جرائم الإعدام بحق أبناء فلسطين.
وقد هاجمت صحيفة “هآرتس” رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والوزير المدان بالإرهاب بن غفير، وأشارت إلى أن نتنياهو حذّر قبل أيام من حرب أهلية، واصفة إياه بـ"محرض قومي"، مذكرة بأن بن غفير تلميذ الحاخام العنصري الراحل مئير كهانا، هو مجرم مدان بمخالفة القانون، متطرف، ومحرض، وإقامة وحدات الحرس القومي التابعة له، وليس للشرطة، وهو عمل عديم المسؤولية، وسيعرّض حياة المواطنين الذين لم يخالفوا القانون للخطر، وبالفعل لا ينفّك الوزير الصهيوني عن التحريض ضد الفلسطينيين، ولا يُخفي عنصريته وفاشيته المقيتة أبداً، حيث يسعى لاستهداف كلّ ما هو عربيّ وفلسطينيّ.
ولا بدّ من التأكيد أنّ ما يسمى “الحرس الوطني” سيستهدف أيضاً المعارضين، وليس الفلسطينيين فحسب، ما يعني أن خطوة نتنياهو هذه تشير إلى استعداده للحرب الاهلية وهذا ما يتفق مع تخمينات بعض المحللين الصهاينة، بالتزامن مع "إعلان الحرب" من حكومة العدو ضد أبناء فلسطين، بما يؤكد أن الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين وصل حدا خطيرا للغاية لا يمكن السكوت عنه أبداً، في وقت يعمل الصهاينة على إشعال النيران وعسكرة المدنيين وترسيخ العقلية العدوانية الأمنية تجاه المواطنين العرب، فبمجرد إعلان بن غفير عن تشكيل مليشياته الجديدة، تصاعدت عمليات إتلاف المحاصيل الزراعية وهدم المنازل العربية ومصادرة أراضي الفلسطينيين في النقب، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية لاستهداف الفلسطينيين وأراضيهم وبيوتهم، ضمن مَشاريع تهدف إلى إبادتهم أو تهجيرهم من وطنهم.
سلاح المستوطنين
يمكن اعتبار أوامر العنصريّ “بن غفير” في زيادة أعداد إصدارات تراخيص الأسلحة أمراً خطيراً للغاية ضد أبناء فلسطين، بما يؤكد أن الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين، فدعم عصابات المستوطنين بآلاف الأسلحة لقتل الفلسطينيين بشكل مباشر وبمختلف الطرق دون أيّ رادع قانونيّ أو إنسانيّ أو أخلاقيّ يمكن أن يصل بالأمور إلى ساحة حرب دامية، في ظل ارتفاع احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم، في كل الأراضي المحتلة، بسبب ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، وقيام قوات الاحتلال والمستوطنين باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.
وتبرهن التجارب أنّ الأهداف الإسرائيلية أخطر من ذلك بكثير والهدف الأول والأخير هو حصد أرواح الفلسطينيين، حيث تم تخفيض متطلبات حصول المستوطنين على رخصة سلاح ناري ضمن شروط أبرزها العيش في مستوطنة قريبة من جدار الفصل العنصريّ الذي يحد بين أراضي الـ48 و الـ67 المحتلة، في تطور خطير يعني السماح بقتل الفلسطينيين وترهيبهم في بلادهم المحتلة عسكريّاً، ما يشي بارتفاع الرد الشعبيّ والفرديّ على هذه الجرائم التي يرتكبها العدو، وإنّ الأراضي الفلسطينية أرسلت رسائل عدّة للمحتل، أثبتت فيها أنّ ثورة الشعب الفلسطينيّ لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، وأنّ رد الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرض للإبادة في أراضيه المسلوبة سيكون بشكل دائم مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة.
وتؤكّد البيانات التي نشرها الإعلام التابع للعدو رغبة الحكومة وبن غفير على وجه التحديد بتوفير استجابة فورية لحوالي 9 آلاف مستوطن ينتظرون الحصول على تصريح لحمل الأسلحة، وبالاستناد إلى أنّ التسهيلات تسمح للمستوطنين من صغار بالسن، ممن ينتمي أغلبيتهم لمنظمات إرهابية "كشبيبة التلال" وعصابات "تدفيع الثمن"، حيث يثبت الكيان من جديد حقيقته الدمويّة والإجراميّة، والدليل الآخر على الخطر الشديد لهذا القرار، هو وجود نحو 145 ألف إسرائيليّ في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 يحوزون تصاريح لحمل السلاح، وهي لا تشمل الجنود وضباط الشرطة.
من ناحية أخرى، إنّ قيام حكومة الاحتلال العسكريّ لفلسطين بتخفيف معايير ترخيص الأسلحة سيزيد عدد المستوطنين الذين يحملون رخصة سلاح بنحو 35- 40 ألفًا، ما يعني أن الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع عدد المستوطنين الذين يحملون السلاح إلى ما يقارب 200 ألف، الشيء الذي يرفع بلا شك نسبة الجرائم الصهيونية بحق الأبرياء، كما أنّ العمليات الفدائية للشبان الفلسطينيين سترتفع لأقصى حدودها، لأنّ التحرر من استعباد المحتل الأرعن لا يكون إلا بالمقاومة ولو بأبسط الوسائل.
بالاستناد إلى كل ما ذُكر، إنّ القرار العدوانيّ لحكومة الاحتلال العسكريّ يمثل عدواناً حقيقياً من قبل الصهاينة على أبناء فلسطين في كل المناطق الفلسطينيّة المحتلة وعدواناً آخر على كل من يخالف الحكومة الفاشيّة، وهو شهادة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ العنصريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة الفاشيّة، واعتراف من قبل حكومة العدو نفسها بجرائمهما المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، الشيء الذي يجب أن يدفع المجتمع الدوليّ بشكل أكبر إلى تحمل مسؤولياته بسرعة تجاه العنصريّة المقيتة التي تمارسها سلطات العدو، ومساءلة وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي، وبالتالي نقل ملف تسليح المستوطنين وتشكيل المليشيات اليهودية إلى المحافل الدولية، للتحذير من خطورة هذه الترتيبات، والمطالبة بتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطينيّ الأعزل.