الوقت - قال محامي المملكة المغربية في باريس، أوليفييه باراتيلي، أن المغرب وقع “ضحية مشروع دولي عملاق لزعزعة استقراره”، وذلك على خلفية اتهامات بالتجسس، والتي ردت عليها الرباط برفع قضية في باريس لم يحسم فيها القضاء الفرنسي بعد.
وقال محامي المغرب بباريس، أن من اتهموا المملكة باستخدام برنامج التجسس (بيغاسوس) لم يقدموا أي دليل حتى الآن على ذلك، رغم مرور تسعة عشر شهرا من تقديم الشكوى المغربية ضد بعض وسائل الإعلام الفرنسية والمنظمات غير الحكومية، التي اتهمته.
المحامي الفرنسي كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي حول آخر التطورات في هذه القضية والإجراءات القانونية التي اتخذها المغرب.
ونقلت “وكالة المغرب العربي للأنباء” الحكومية، عن المحامي، استنكاره لما وصفه بـ”التلاعب الكبير بالمعلومات” و”الإشاعة الهائلة” التي استهدفت المغرب ومؤسساته، اذ إنه بعد 19 شهرا، لا يوجد دليل، على حد قوله، مشددا على أن “الأمر كان كاذبا وأنها كانت إشاعة ومشروعا دوليا عملاقا لزعزعة الاستقرار استهدف المغرب”.
وتقدم المغرب بعشر مذكرات مباشرة أمام محكمة باريس الجنائية بتهمة التشهير ضد كل من “فوربيدن ستوريز” و”منظمة العفو الدولية” و”أشد المؤيدين” لهذه الأطروحات في فرنسا، ولاسيما وسائل الإعلام (لوموند) و(فرانس أنفو) ووحدة التحقيق في (فرانس أنتير) و(ميديا بارت) و(لومانيتي)..
محامي المغرب، أعرب خلال مؤتمره الصحفي عن وجود “انطباع إنصات حقيقي” من جانب القضاة، الذين سيتعين عليهم النطق بأحكامهم في 12 نيسان (أبريل)، مضيفا “لدينا ثقة كبيرة في القرارات التي ستصدر”.
وأضاف المتحدث، إن الشائعات كانت قد “خمدت” بالفعل، في2021 بعد أن صرح رئيس الوزراء في ذلك الوقت، جان كاستكس، أمام الجمعية الوطنية أن هاتف الرئيس إيمانويل ماكرون لم يتم اختراقه، بعد أن تم تقديمه للمصالح الفرنسية المختصة التي فحصته ووجدت أن الجهاز لا يحتوي على أي أثر لبرامج التجسس، متهما وسائل اعلام فرنسية كـ(لوموند) و(فرانس إنتر) بـ”نشر الشائعات”، وهو ما دفع المملكة الى إعادة “إطلاق خمس إجراءات تتعلق بالتشهير”، وفق حديثه.
وقررت المدعية العامة في باريس أنه كان من الضروري فتح هذه القضية على نطاق أوسع عن طريق بحث قضائي عهد به في أيلول (سبتمبر) 2022 إلى اثنين من قضاة التحقيق، وذلك “بعد تقديم هيئة دفاع المغرب في فرنسا جميع الأدلة التي تبين أن المغرب لم يشتر أو يكتسب أو يستخدم بشكل مباشر أو غير مباشر (بيغاسوس)، وفق تصريح المحامي.
وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قالت إن أحد أرقام هواتف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والذي استخدمه بانتظام منذ عام 2017، “مدرج في قائمة الأرقام التي اختارتها المخابرات المغربية للتجسس الإلكتروني المحتمل”.
وكان المغرب قد رد على الادعاءات ببيان نفى فيه أن تكون له أي صلة باستخدام بيغاسوس ورفض ما وصفه “بالادعاءات الزائفة” التي لا ترتكز “على أساس من الواقع”.
وفتح مكتب المدعي العام في باريس تحقيقا في مزاعم نشرها موقع ميديابارت الإخباري الاستقصائي واثنان من صحفييه بأن المغرب تجسس عليهم باستخدام برنامج بيغاسوس.
وكشف تحقيق صحفي نشرته مؤسسة إعلامية، بقيادة مجموعة فوربيدن ستوريز الصحفية غير الربحية التي تتخذ من باريس مقرا لها، أن برنامجا للتجسس من إنتاج وترخيص شركة إن.إس.أو الإسرائيلية جرى استخدامه لمحاولة اختراق هواتف ذكية، كان بعضها ناجحا، تخص صحفيين ومسؤولين حكوميين وناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، لكن “إن.إس.أو” نفت ارتكاب أي مخالفات.
ويرى أستاد العلوم الدستورية المغربي، رشيد لزرق، ان مثل هذه الأمور مكفولة قانونيا، لذلك من "حق الدولة المغربية مقاضاة كل من يساهم في التشهير بها".
ويوضح لزرق "أن من المتعارف عليه قانونيا، "أن التهم والإدانة تكون على أساس إثباتها، وهو ما عجز عنه القضاء في إثبات استخدام المغرب لبرنامح بيغاسوس".
واستأنف المغرب أمام القضاء الفرنسي بعد رفض قبول 15 شكوى تقدم بها للمحاكم الفرنسية بتهم التشهير، وفق ما نقلت إذاعة فرنسا الدولية.
وجاء رفض قبول الشكاوى بناء على قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية يقضي بأنه "لا يمكن لدولة أن تباشر ملاحقات قضائية بتهم التشهير لكونها ليست "جهة خاصة"، وفق ما نقل موقع "LEDESK" المغربي.
من جهتها تقول المحللة السياسية المغربية، شريفة لومير، إن الوقت "حان لوقف الاتهامات وخاصة بعد نشر الاستخبارات الإسرائيلية لائحة الدول والمنظمات والأجهزة الأمنية. التي اقتنت البرنامج والتي لم تتضمن اسم المملكة"، حسب تعبيرها.
وترى لومير أن "الاستمرار في هذه الاتهامات هو محاولة للتشويش على المغرب".
وفي يوليو 2021، نشرت مجموعة مؤلفة من 17 وسيلة إعلام دولية تحقيقا كشف أن نحو 50 ألف شخص حول العالم (نساء وسياسيون وصحفيون ونشطاء حقوقيون وغيرهم) تعرضوا للتجسس من بعض الحكومات، ومن بينها الحكومة المغربية، باستخدام برمجية بيغاسوس التي طورتها شركة "إن إس أو غروب" الإسرائيلية.
وكان هذا الملف قد انفجر عبر مرحلتين، الأولى نهاية أكتوبر 2019 عندما اتصلت شركة واتساب بعدد من الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان وأخبرتهم بتعرض هواتفهم للتجسس، ثم الفضيحة الكبرى التي جرى تفجيرها خلال يوليوز 2021 عندما أعلنت مؤسسة “فوربدن ستوريز” تجسس أكثر من عشر دول على 50 ألف هاتف في العالم. وتبين لاحقا تعرض مسؤولين أوروبيين سواء من المفوضية الأوروبية أو رؤساء دول وحكومات مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز، للتجسس.
ويعود ملف بيغاسوس إلى الواجهة ليزيد من التوتر في العلاقات بين المغرب وفرنسا والاتحاد الأوروبي.