الوقت- في الأيام التي مرت على الزلزال الرهيب الذي هز سوريا وتركيا وأودى بحياة آلاف الأشخاص، كانت قضية إرسال مساعدات إنسانية دولية لمساعدة الضحايا على رأس اهتمام الحكومات. ومن بين هذه القضايا المهمة، كيفية التنسيق بين الحكومات والمنظمات الدولية مع سلطة قانونية في سوريا لتقديم المساعدة بشكل أفضل إلى المتضررين من الزلزال. وعلى الرغم من انتصار الحكومة السورية على أزمة امتدت 11 عامًا وسيطرة الحكومة المركزية على جزء كبير من الجغرافيا الإقليمية للبلاد، تستمر الحكومات الغربية في الإصرار على المزاعم الفاشلة بعدم شرعية الحكومة السورية، ما يجعل الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته غير قادرين على إدارة كل شيء، والاهم من ذلك، فإن أزمة الزلزال والتوزيع الصحيح للمساعدات الدولية بين الناس يمثلان تحديًا.
ومع ذلك، فقد أعلنت العديد من الحكومات الأخرى في العالم وحتى الأمم المتحدة أن الحكومة السورية هي هيئة التنسيق الرئيسية لإرسال المساعدات الإنسانية، كما قامت دمشق أيضًا بالترتيبات اللازمة وحشدت مواردها لتسريع التعامل مع أوضاع السكان. ومحافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الإرهابيين والمعارضين ونظرًا لحقيقة أن الإرهابيين قاموا بتأمين جزء كبير من مواردهم وعتادهم العسكري عبر حدود تركيا في السنوات الماضية، فإن هذه الحدود لديها حساسية أمنية للحكومة السورية، لكن مع ذلك، وافقت دمشق على إعادة فتح المعابر الحدودية بغض النظر عن المخاوف الأمنية والالتزام من جانب الحكومة المركزية برعاية جميع المتضررين من الزلزال بعيدا كل البعد عن الميول السياسية.
وفي هذا الصدد، أعلنت الحكومة السورية، قبل عدة أيام، أنها ستعيد فتح معبري باب الهوى والراعي الحدوديين شمال غربي هذا البلد على الحدود مع تركيا بشكل كامل لفترة أولية مدتها ثلاثة أشهر من أجل توفير إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب لضحايا زلزال إدلب. ومع استمرار ارتفاع حصيلة القتلى من زلزال 6 فبراير، فإن توصيل الغذاء والصرف الصحي والتغذية والحماية والمأوى وإمدادات الشتاء وغيرها من الإمدادات الحيوية لملايين المتضررين أمر بالغ الأهمية.
أصبحت إدلب واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في سوريا على الرغم من العدد الكبير من اللاجئين الذين لجؤوا إلى هذه المحافظة خلال سنوات الأزمة هربًا من الحرب، ولكن بسبب سيطرة الجماعات الإرهابية مثل تحرير الشام (جبهة سابقاً) على هذه المحافظة، أصبح السكان يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة للغاية، وبسبب عرقلة الجماعات الإرهابية، لا يحق لهم مغادرة إدلب والذهاب إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المركزية.
ويتيح فتح هذه المعابر إلى جانب سهولة الوصول إلى المساعدات الإنسانية، وسهولة السفر، تقديم مساعدات أكثر وأسرع. وكان باب الهوى قناة الاتصال الوحيدة لمساعدة الأمم المتحدة للمناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون على مدى السنوات التسع الماضية. ويسمح قرار مجلس الأمن الدولي باستخدام معبر باب الهوى الحدودي فقط لإرسال مساعدات الأمم المتحدة من تركيا إلى الشمال الغربي. من المفترض أن تمر جميع المساعدات الدولية الأخرى عبر دمشق.
وقال جوليان بارنز داسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إنه دون باب الهوى، هناك احتمال ضئيل لإرسال مساعدات دولية إلى شمال غرب سوريا. وقال ستيفن دوجيرك المتحدث باسم الامم المتحدة لبي بي سي "سيحدث هذا فارقا كبيرا." "نحن الآن نستخدم معبرًا واحدًا فقط". وقال أيضا: "نتمنى أن يستمر هذا الاتفاق طالما أننا بحاجة لاستخدامه. سنستخدمه في أسرع وقت ممكن".
ونتيجة للزلزال، تم قطع العديد من الطرق بين تركيا والمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ولا يمكن المرور عبرها. وتحذر منظمات الإغاثة من أن أكثر من مليون شخص أصبحوا بلا مأوى في تركيا، وأن هذا العدد قد يكون أعلى بكثير في سوريا. وتقوم فرق الإنقاذ في كلا البلدين الآن بإنهاء عمليات الإنقاذ حيث تتضاءل فرص النجاة منها على قيد الحياة.
وحتى الآن، لقي أكثر من 5700 شخص مصرعهم في سوريا بسبب زلزال 6 فبراير. وفي تركيا، تجاوز عدد الضحايا حتى الآن 31000. وكان العديد من السوريين غاضبين من نقص المساعدات لبلدهم الذي مزقته الحرب.
وعلى الرغم من ادعاء الغربيين أن العقوبات لا تشمل إرسال مساعدات إنسانية، إلا أن الحكومة السورية ما زالت تعتبر العقوبات أهم عقبة أمام وصول المساعدات الدولية الكافية إلى سوريا، ومشاكل الحكومة في التعامل مع أوضاع ضحايا الزلزال. ودعا ممثل الحكومة السورية، بسام الصباغ، في كلمة ألقاها بالأمم المتحدة، يوم الاثنين الماضي، إلى إلغاء العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، قائلا "إنها تعرقل إيصال المساعدات".
وفي الوقت نفسه، ترسل بعض الدول الحليفة والصديقة لسوريا، مثل إيران وروسيا، مساعدات مباشرة إلى دمشق. وأرسلت إيران حتى الآن سبع طائرات تحمل مساعدات إنسانية إلى سوريا. وفي هذا الصدد، أعلن القنصل العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية في حلب، "سلمان نواب نوري"، في مقابلة مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مساء يوم الاثنين الماضي، عن إرسال الشحنة الثالثة من المساعدات الإنسانية من جمهورية إيران الإسلامية إلى حلب عن طريق الجو. وقال: إن "هذه الطائرة تحتوي على 30 طناً من المواد الغذائية والحليب المجفف، وسيتم توزيعها بناءً على الاحتياجات الماسة للضحايا في المناطق المتضررة من الزلزال".
وفي السابق، تم إرسال شحنتين من المساعدات الجوية من جمهورية إيران الإسلامية إلى دمشق، وشحنتين إلى اللاذقية وشحنتين أخريين إلى حلب. وتظهر الشحنات التي أرسلتها إيران أنه، بطبيعة الحال، يمكن للمساعدات الجوية أن تساعد الأشخاص المتضررين من الزلزال في سوريا بشكل أسرع وبكميات أكبر، ويجب على الأمم المتحدة والدول الأخرى تنحية السياسة تمامًا واتخاذ إجراءات مماثلة والتنسيق والتعاون.