الوقت- قرر الاتحاد الأوروبي إرسال حوالي مئة مراقب حدودي، من أجل حفظ السلام بين أرمينيا وأذربيجان، في ظل التوتر بين البلدين. ولقد ذكر الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، في بيان أن وزراء خارجية 27 دولة عضو بالاتحاد، قرروا إنشاء بعثة مدنية جديدة تسمى “بعثة الاتحاد الأوروبي إلى أرمينيا” (EUMA). ووفقًا لمكتب بوريل، سيتم إرسال خبراء إلى منطقة ناغورنو كاراباخ على الحدود الأذربيجانية الأرمينية في الأسابيع المقبلة. وتهدف المهمة، التي تم التخطيط لها لمدة عامين، إلى المساهمة في الاستقرار في المنطقة الحدودية وبناء الثقة بين البلدين العدائين. وقيم بوريل المهمة على أنها “مرحلة جديدة في انخراط الاتحاد الأوروبي في جنوب القوقاز” واستخدم عبارة “السلام المستدام في المنطقة المستهدفة”.
وكثيرا ما اشتبكت أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورنو كاراباخ منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. وحسب التقديرات، فقد ما يقرب من 30 ألف شخص حياتهم في هذه العملية. وانتهت الحرب، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 6500 شخص في عام 2020، باتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة روسية. في هذه العملية، اضطرت أرمينيا إلى الانسحاب من منطقة واسعة في ناغورنو كاراباخ. وفقًا لمصادر قريبة من بوريل، من غير المتوقع أن تؤدي البعثة إلى زيادة التوترات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. وفقًا للخبراء، فإن نفوذ موسكو في جنوب القوقاز يتضاءل بسبب الحرب الهجومية في أوكرانيا. وفي بيان صدر في بروكسل، ذكر أن البعثة المذكورة طلبت من قبل الحكومة الأرمينية من الاتحاد الأوروبي. وتم إرسال حوالي 40 مراقبا إلى المنطقة الحدودية لمدة شهرين كمرحلة أولى في أكتوبر.
تسلل أوروبا إلى جنوب روسيا
يبذل الأوروبيون محاولاتهم الخاصة للتوسط بين أرمينيا وأذربيجان منذ شهور، لكنّ البعثة التي سينشرها الاتحاد الأوروبي لم تحصل على موافقة من الجانب الأذربيجاني. من جانبها، قدمت الولايات المتحدة دعمها لمهمة الوساطة الأوروبية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل “نرحب بالجهود التي يبذلها شركاؤنا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، لبناء الثقة في المنطقة وضمان بيئة مواتية للحوار المباشر بين أرمينيا وأذربيجان”. وحض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أذربيجان هذا الأسبوع على رفع الحصار عن ناغورني قره باغ.
من جهتها، دأبت أرمينيا منذ أسابيع على إدانة تقاعس روسيا التي لم تفعل بعثتها لحفظ السلام شيئًا لمنع استمرار الحصار المفروض على ناغورني قره باغ، حسب قولها. ومنذ أكثر من شهر، يُقدم أذربيجانيون أنفسهم على أنهم نشطاء بيئيون يتظاهرون ضد الألغام غير القانونية، على إغلاق طريق حيوي يربط أرمينيا وناغورني قره باغ. وبسبب هذا الإغلاق، يعاني الجيب الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 120 ألف نسمة غالبيتهم أرمن، من انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت، فضلاً عن مشاكل في التدفئة والوصول إلى الغذاء والدواء. واستنكر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان خلال اجتماع حكومي الخميس ممارسة أذربيجان “سياسة تطهير عرقي”، متهما باكو بتسليط “ضغوط اقتصادية ونفسية لدفع الأرمن للخروج الجماعي من قره باغ”.
ولقد عزّز الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهودهما الخاصة إبان تشتيت موسكو، وذلك بغرض الوساطة في سلامٍ دائم وبناء نفوذٍ داخل دول القوقاز. حيث التقى باشينيان بنظيره علييف، في أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، خلال اجتماعات نظمها الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن لقاء وزيري خارجية البلدين في واشنطن، بشهر نوفمبر/تشرين الثاني. ووصف المحللون المسارين التفاوضيين بأنهما غير اعتياديين، حيث تقود روسيا المسار الأول، ويقود الاتحاد الأوروبي المسار الثاني. بينما تخوض موسكو ودول الغرب صراعاً هو الأكثر حدة منذ عقود. لكن تويفو كلار، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى جنوب القوقاز، قال خلال مقابلةٍ إنه يتواصل مع نظيره الروسي إيغور خوفاييف، وإنه عقد اجتماعين شخصيين معه في الخريف الماضي. وقال كلار: "هناك مساحة أكبر أمام أرمينيا وأذربيجان لتجاوز هذا الصراع وسط الظروف الراهنة، لكن السؤال المطروح هو ما إذا كان بإمكانهما استغلال هذه الفرصة أم لا"
روسيا تتهم الاتحاد الأوروبي بتأجيج المواجهة في أرمينيا
اتهمت روسيا، يوم الخميس الماضي، الاتحاد الأوروبي بتأجيج "المواجهة الجيوسياسية" من خلال إرسال بعثة مدنية لمراقبة الحدود المتنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن الاتحاد الأوروبي أصبح "داعمًا للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ويقود سياسة المواجهة في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي"، معتبرة أن المهمة الأوروبية في أرمينيا "لن تؤدّي إلّا إلى تأجيج المواجهة الجيوسياسية في المنطقة وتزيد من حدّة التناقضات الحالية". وموسكو هي الوسيط التقليدي في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان منذ تسعينيات القرن الماضي. وبعد اشتباكات عام 2020، نشرت روسيا بعثة لحفظ السلام في منطقة "ناغورني قره باغ" التي تتنازع عليها باكو ويريفان. ورأت موسكو أن الاتحاد الأوروبي يسعى، من خلال إرسال مهمّته، إلى "تقويض جهود الوساطة الروسية".
ويقوم الأوروبيون بمحاولاتهم الخاصة للتوسط بين أرمينيا وأذربيجان منذ شهور، لكنّ البعثة التي سينشرها الاتحاد الأوروبي لم تحصل على موافقة من الجانب الأذربيجاني. ومنذ أكثر من شهر، يتظاهر نشطاء بيئيون من أذربيجان ضد الألغام، ويغلقون طريقا حيويا يربط بين أرمينيا وإقليم "ناغورني قره باغ". وبسبب هذا الإغلاق، يعاني الجيب الذي يبلغ عدد سكانه نحو 120 ألف نسمة غالبيتهم من الأرمن، من انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت، فضلاً عن مشاكل في التدفئة والوصول إلى الغذاء والدواء. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن روسيا مستعدة لنشر قوات على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان لتهدئة التوترات بين البلدين، لكن موقف أرمينيا المتشدد يمنع ذلك حتى الآن. وتصاعدت التوترات بين الدولتين بسبب إغلاق في الأسابيع الأخيرة للطريق الوحيد الذي يتيح الوصول المباشر من أرمينيا إلى منطقة ناجورنو قرة باغ المتنازع عليها.
وأضاف لافروف، في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، إن "روسيا ما زالت مستعدة لإرسال بعثة إلى المنطقة في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف عسكري تقوده موسكو يشمل أرمينيا، لكن أذربيجان ليست عضوا فيه، إلا أن إصرار أرمينيا السابق على تضمين إدانات لسلوك أذربيجان عرقل ذلك". وأردف: "واجهنا صعوبات تتعلق بالوضع في أرمينيا حين طرح أصدقاؤنا الأرمن ضرورة إرسال بعثة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى الحدود مع أذربيجان لتحقيق بعض الاستقرار هناك، اتفقنا على وثيقة وعلى معايير للبعثة.. لكن لم يكن من الممكن قبولها لأن أرمينيا بدأت تصر على أن تتضمن الوثيقة إدانة شديدة لأذربيجان". وتابع الوزير إنه "على الرغم من حقيقة أننا حلفاء، فأرمينيا تفضل التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، وإن أي وجود للاتحاد الأوروبي في المنطقة دون موافقة أذربيجان سيؤدي لنتائج عكسية". وروسيا حليف لأرمينيا لكنها تسعى جاهدة أيضا لإقامة علاقات جيدة مع أذربيجان. وتتعلق المواجهة الأخيرة بفرض حصار على ممر لاتشين الذي يربط أرمينيا بمنطقة ناجورنو قرة باغ المعترف بها دوليا كجزء من أذربيجان، لكن أغلبية من الأرمن مؤيدة لأرمينيا تسيطر عليها.