الوقت- بعد نضال وصراع كبير مع كيان الاحتلال الإسرائيلي استشهد الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد، بعد صراع لا يقل قوة وشراسة عن مواجهته مع الاحتلال لكنه كان مع مرض السرطان، الذي انتشر في جسده كله ووافته المنية عن عمر يناهز الخمسين عامًا. وفي ظل صراعه مع المرض قام كيان الاحتلال الإسرائيلي بعدم اعطائه العلاج اللازم، فقد أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أن الشهيد أبو حميد استشهد في مستشفى أساف هروفيه، جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد أي القتل الطبي، التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى المرضى، فبعد أن تدهورت حالته الصحية بصورة كبيرة قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنقله بشكل عاجل من سجن الرملة إلى مستشفى أساف هروفيه. واستشهد بعد أشهر من المعاناة من الإهمال الطبي في سجون الاحتلال بعد تشخيص إصابته بسرطان الرئة، ليرتفع بذلك عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 233 شهيدًا منذ عام 1967، منهم 74 شهيدًا ارتقوا نتيجة سياسة الإهمال الطبيّ. وحمّل نادي الأسير الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن قتل الأسير ناصر أبو حميد، وعن مصير الأسرى كافة، ومنهم الأسرى المرضى الذين يواجهون جملة من السّياسات والجرائم الممنهجة، ومنها جريمة الإهمال الطبي التي شكّلت في السّنوات القليلة الماضية السبب الأساسي في استشهاد العديد من الأسرى.
الشهيد ناصر أبو حميد، قال في آخر رسائله قبل دخوله في غيبوبة: "أنا ذاهب إلى نهاية الطريق، ولكن مُطمئن وواثق بأنني أولًا فلسطيني وأنا أفتخر، تاركًا خلفي شعبًا عظيمًا لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى". عائلة الشهيد كشفت في الثامن من ايلول-سبتمبر الماضي، عن تقارير طبية أجريت له تفيد بدخوله مرحلة ميؤوس من علاجها، بعد تفشي المرض بأماكن متعددة من جسده الذي بات يرفض العلاج الكيماوي، مطالبين بالإفراج الفوري عنه ليقضي أيامه الأخيرة بين عائلته، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت هذه المناشدات وطلبات قانونية لاحقة تقدمت بها العائلة. وليستمر الشهيد في نضاله فقد رفض هو وعائلته تقديم طلب عفو من رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل الإفراج عنه، واكتفوا بطلب الإفراج المُبكر الذي رفضه الاحتلال بالرغم من صعوبة حالته الصحية. وحمّلت عائلة أبو حميد الاحتلال المسؤولية عن استشهاد ابنها، نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي مورست بحقه منذ بداية ظهور أعراض المرض عليه أغسطس/آب 2021، حيث تأخرت سلطات الاحتلال في إجراء الفحوصات الطبية بحقه، وفي إجراء العملية الجراحية التي حددها الأطباء.
الشهيد ناصر أبو حميد، قضى معظم سنوات حياته أسيرًا في سجون الاحتلال، بعد تخطيط وتنفيذ عمليات مقاومة ضد الاحتلال وأهدافه منذ أن كان طفلًا في الحادي عشر من عمره. وكان الاعتقال الأول لأبو حميد عام 1981، ولم يكن عمره يتجاوز حينها أحد عشر عامًا، وأمضى وقتها أربعة أشهر في سجون الاحتلال، بعد إلقائه زجاجة مولوتوف على دورية لجيش الاحتلال. وخلال الانتفاضة الأولى 1987، وجد أبو حميد مساحته للمشاركة في العمل المقاوم من جديد، رغم أنه كان لا يزال طفلًا. ولم يمض الكثير حتى كان المطلوب رقم واحد لجيش الاحتلال، وخلال ذلك هدم الاحتلال منزل عائلته في سابقة هي الأولى في ذلك الوقت. وبعدها اعتقل وحكم عليه بالسجن لعامين ونصف العام. ثم أعيد اعتقاله للمرة الثالثة عام 1990، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد 9 مؤبدات على خلفية قتل متعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي. ومع تطبيق اتفاقية أوسلو عام 1995 أفرج عنه ضمن الإفراجات التي تضمنتها الاتفاقية، وبعد أقل من عام أعيد اعتقاله وحكم عليه بالسجن 3 سنوات. وخلال الانتفاضة الثانية عام 2000م، انخرط فيها أبو حميد وقام بتأسيس كتائب شهداء الأقصى بالتنسيق مع كل قيادات الحركة في الضفة وقطاع غزًة في اليوم الرابع لاندلاع الانتفاضة. واشتهر أبو حميد في تلك الفترة بلقب "الأسد المقنع"، وفي عام 2002، اعتُقل أبو حميد بعد محاصرة منزله في كفر عقب شمال مدينة القدس المحتلة، وتعرض لفترة تحقيق قاسية قبل الحكم عليه بالسجن المؤبد 7 مرات و50 عامًا.
وينحدر الشهيد أبو حميد من عائلة هجرت من بلدتها الأصلية في قضاء مدينة يافا، ولجأت إلى مدينة غزة، ومنها انتقلت إلى مخيم الأمعري بالضفة الغربية، وهو الابن الثالث في العائلة المكونة من 10 أشقاء وشقيقتين. وخلال الانتفاضة الثانية كان 7 منهم في السجون في الفترة نفسها، والآن يقبع 4 من أشقائه في سجون الاحتلال، وجميعهم يواجهون أحكاما بالمؤبد مدى الحياة. وتنوي السلطة الفلسطينية رفع قضية الشهيد ناصر ابو حميد الى محكمة لاهاي، حيث تؤكد أن حكومة الاحتلال تعمدت قتله.