الوقت_ في الأيام الأخيرة، اشتكت مجموعة تابعة للكيان الإسرائيليّ للفيفا بشأن تلويح المنتخب المغربيّ بعلم فلسطين، عقب صدمة تل أبيب من ردّة الفعل الشعبيّة للعرب في مونديال قطر لكرة القدم، بعد أن رفع لاعبو المنتخب المغربيّ، العلم الفلسطينيّ وسط الملعب فور فوزهم في المباراة على البرتغاليين، وتسعى الجماعات الصهيونية من تلك الخطوة للترويج لبعض الترهات حول المنتخب المغربي “أسود الأطلس” الذي جمع الرأي العام العربيّ، حيث احتجت مجموعة UK Lawyers for Israel (UKLFI) المشهورة والتابعة للعدو، على قيام الفريق المغربي بالتلويح بالعلم الفلسطيني، وفقًا لصحيفة جيويش كرونيكل الصهيونيّة، وقد كتبت المؤسسة الخيرية التي تتخذ من لندن مقراً لها إلى خورخي بالاسيو رئيس لجنة الانضباط في الفيفا تزعم بأنّ الدولة العربيّة الواقعة في شمال إفريقيا قد قامت بخرق قواعد الفيفا.
منذ اللحظة الأولى لانتشار خبر طلب UKLFI من بالاسيو فتح تحقيق فوري في الصفعة التي لقنّتها الشعوب العربيّة للكيان، بدا حجم الغضب الإٍسرائيليّ العارم من التلويح بالعلم الفلسطينيّ طوال أيام المونديال وبالأخص من قبل الفريق المغربيّ، عقب أيام من الادعاء بأن حمل العلم الفلسطيني من طرف أفراد المنتخب هو بادرة من "لاعب مغربيّ يلعب في الدوري السعوديّ"، وليس من سياسة الملك محمد السادس وفقاً لتقارير إعلاميّة عبريّة سابقة، في الوقت الذي يشدّد فيه المغاربة بمختلف أطيافهم على أن التطبيع الحكوميّ مع "إسرائيل" بمثابة جريمة في حق الفلسطينيين والشعب المغربيّ والإنسانية جمعاء، وهذا يندرج في إطار مواقف الشعوب العربيّة التي تعارض بالمطلق "اتفاقات العار" أو ما يُعرف بالتطبيع، والذي ضم كلاً من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع العدو.
وفي الوقت الذي تدعي فيه UKLFI أنّ فريق المغرب قد انتهك المادة 11.2 من قانون الانضباط الفيفا الذي ينص على أن أي شخص يستخدم “حدثًا رياضيًا للتظاهرات ذات الطبيعة غير الرياضية”، إضافة إلى ترهات بخرق العديد من قوانين الانضباط الأخرى، يظهر مدى الحقد الإسرائيليّ على الشعوب العربيّة التي علت كلمتها فوق التطبيع الحكوميّ، حيث إنّ الصفعات المتتاليّة التي تلقاها الكيان الصهيوني في مونديال قطر، كان أشدّها تزيين الملعب القطريّ - العربيّ من قبل لاعبي المنتخب المغربيّ بعلم فلسطين السليبة وذلك عقب فوزهم المتميز على لاعبي المنتخب البرتغاليّ، ولأن تل أبيب لم تعد تحتمل ما يجري هناك من تمسك شعبيّ مذهل بقضية فلسطين الأشهر عالميّاً نتيجة الظلم الذي يحل بهذا الشعب، إضافة إلى ردود أفعال المشجعين واللاعبين داخل وخارج الملاعب، حركت عصاباتها الصهيونيّة، لكنّ ذلك ينعكس بشكل أكثر سلبيّة على ردور الأفعال العربيّة تجاه عدو أطفالهم وسالب أرضهم.
وبالاستناد إلى أنّ ردود الأفعال العربيّة في المونديال، والتي أوصلت رسالة واضحة للإسرائيليين بأن الشعوب العربية ليست كبعض أنظمتها الخائنة، كما أن السلام المُصطنع والمُبتذل مع من يقتل العرب ويسلب أرضهم هو سراب وخيانة، كان العلم الفلسطينيّ حاضراً بقوّة في كل مكان طوال البطولة في قطر، و يمكن رؤية ألوان العلم الفلسطيني الأحمر والأبيض والأسود والأخضر في جميع الملاعب والأسواق والمطاعم ومحطات المترو، كما رفعت الدول العربيّة والأفريقية التي شاركت في البطولة الألوان الفلسطينية إلى جانب علمها الوطنيّ، ما أثار حفيظة الصهاينة الذين لم يتعلموا من التاريخ سوى القتل.
ولأنّ جماعة الضغط التابعة للكيان الصهيونيّ اشتهرت بدعمها للعنصريّة والفاشيّة الصهيونيّة، كانت دوماً جزءاً محارباً لمعركة الوجود الفلسطينيّة، وقد ركّزت حملاتUKLFI على مجلس امتحان لتعديل الكتاب المدرسي فيما يخص الكيان الإسرائيليّ وفلسطين، رغم انتقاد التعديلات ووصفها بأنها دعاية إسرائيلية، وأنها على علاقة وطيدة مع الجماعات الصهيونيّة اليمينية المتطرفة ومؤيدة لعصابات المستوطنين، لكنّها استشرست في الفترة الأخيرة نتيجة الصدمة الصهيونيّة بمنافع فلسطين في المونديال، ضاربة بعرض الحائط وجهة نظر الشعب المغربيّ والعربيّ تجاه الصهاينة ومن يتعاون معهم، في خطوة اعتبرت فشلاً لا مثيل له في سياسة العدو القاتل ومن يدعمه.
و تشعر "إسرائيل" والتيارت المناصرة لاحتلالها الدمويّ، بالقلق العارم لأن مباريات المونديال الكرويّ أظهرت كم تعني القضية الفلسطينية بالنسبة للشارع المغربيّ والعربيّ الذي تربى على جرائم العدو بحق أقرانه، في محاولة يائسة لتسديد ضربة جزاء في مرمى فلسطين التي حصلت على كأس محبة العرب بما لا يقل عن الفريق المتوج.
وما ينبغي ذكره، أنّ الصحافة العالميّة قد كتبت أنّ 32 دولة تشارك في المباريات، لكنّ دولة فلسطين رقم 33 كانت حاضرة في كل الملاعب، بأعلامها والتعاطف الكبير الذي تحظى به، ما دفع بالصحافة التابعة للعدو إلى القول بأن مونديال قطر أظهر فشل "اتفاقيات أبراهام"، لكنّ الحقيقة أنّ ما حدث في المونديال كان بمثابة المسمار الأخير في نعش "المطبعين والمطبع معهم" بسبب اتساع الفجوة بين الحكومات العميلة وشعوبها المقاومة، وخاصة أن الوقوف مع فلسطين ضد الاحتلال الصهيونيّ ليس من أجل الدفاع عن فلسطين فقط، بل من أجل الدفاع عن بلاد العرب بأكملها من الاختراق التطبيعيّ، الذي يسعى الكيان من خلاله إلى التسلل للمنظومة الحكوميّة في بعض الدول العربيّة لتزييف الوعيّ وجعل الرواية الصهيونيّة المخادعة هي السائدة، ومحاولة دفن القضية الفلسطينية وإرغام الشعوب والأجيال على القبول بهذا الظلم التاريخيّ غير المسبوق، لكنّ الشعوب العربيّة وقفت وقفة رجل واحد لدعم أهمّ قضيّة بالنسبة لهم.
والآن، بات العالم –باستثناء الصهاينة- يدركون بشكل جديّ أنّه كل ما حاولت تل أبيب الترويج لخداعها بحق فلسطين، انقلب السحر على الساحر وكانت النتيجة لمصلحة هذا الشعب الذي يتعرض لكل أنواع الإبادة من خلال الاستعمار العسكريّ، وأنّ المغاربة والعرب بمختلف مشاربهم عبروا في مناسبات كثيرة للغاية عن رفضهم العارم لإقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ المجرم، بات الموقف الإسرائيليّ –على المستوى العالمي خصوصاً- حرجاً للغاية، نتيجة اصطدامه بالمواقف الشعبية للعرب وبالأخص المغربيّة "إسرائيل ومن طبّع معها"، ما دفع قيادات الاحتلال ومن يدعمه للفشل الدبلوماسيّ والإعلاميّ مع جماعات الضغط، نتيجة حالة الصدمة والهيستيريا في مجتمع الاحتلال والإرباك الشديد في حكومة العدو من "الثمار المصابة" لاتفاقيات التطبيع التي لم تتخطَ بعض الدوائر الحكومية العربية، وقد ظهر هذا الأمر جليّاً من خلال طريقة تعاطي الجماهير العربية مع الصهاينة، في ظل تفاخر واهٍ من قبل الكيان بخيانة بعض الدول العربيّة والخليجيّة التي وقّعت اتفاقية للاستسلام مع العدو الفاشيّ.