الوقت - ليس الحديث حول السبب في عدم القلق الاسرائيلي من جماعات الغرب الإستعماري وأسبابه بالدرجة الأولى، ولا بالتعاون والتنسيق بينهما، بل أن الأمر يتعدى الى الموقف والرؤية من هذه الجماعات والكيان الإسرائيلي، فالكيان الإسرائيلي بدأ عبارة عن جماعة من جماعات الغرب الإستعماري والتي أرسلها إلى منطقتنا العربية والإسلامية بهدف نشر الفوضى فيها والقضاء على أي امكانية متاحة لبناء المجتمع القوي والدولة، وحينما وجد الغرب الاستعماري أن شعوب المنطقة تمكنوا من تشكيل الأرضية التي أضعفت مشروع الغرب الإستعماري التدميري والمتمثل بالكيان الاسرائيلي، وجد الغرب أن الحل يكمن بإرداف هذا الكيان بجماعات أخرى شبيهة له ليستفاد منها في تحقيق الهدف والغاية نفسها. وفي معرض الإجابة عن السؤال المطروح حول السبب الذي لا يجعل الكيان الاسرائيلي قلقاً من هذه الجماعات يمكن عرض القواسم المشتركة بينهما على النحو التالي:
أولاً: الأعداء بينهما مشتركة والمشغل واحد، فعدو الغرب الإستعماري في منطقتنا هو الجيوش المقتدرة وحركة الشعوب الفاعلة والبنّاءة، وما جاء به تنظيما داعش والنصرة الإرهابيان وأشباههما من مشروع غربي قائم على تدمير جيوش بلدان المنطقة ومحاربة حركات المقاومة وقتل المدنيين وارتكاب الجرائم وتشويه الرسائل السماوية لهو الهدف عينه والوظيفة نفسها التي كلف بها الكيان الإسرائيلي، وعليه لا يرى الكيان ضرورة ودافعاً للقلق من هذه الجماعات، فالهدف واحد.
ثانياً: البنية والتركيبة، فكلا الكيان الإسرائيلي التدميري أو جماعات الفكر التخريبي قائم ومستند بتركيبته على عناصر لا تعمل وفق ايديولوجية أو رؤية سوى الإرتزاق والكسب والنفع، وهو ما يمكن تسميته بالمرتزقة، فجماعات الفكر التخريبي تشكيلته من مرتزقة انضموا إليها مقابل الحصول على بعض الأموال بشكل منتظم وهو ما يشترك فيه الكيان الاسرائيلي التدميري حيث تركيبته من أجناس وشعوب وجدت في وعود تأمين المسكن والحياة بعيداً عن الفقر ملاذاً دون التطلع والنظر إلى مستلزمات هذه الوعود التي ترتب عليها تهجير شعوب من أراضيها وسفك دماء.
ثالثاً: يرى كلا الكيان والجماعات أن شعورهم بملاحقة الشعوب لهم والبراءة منهم بسبب وحشيتهم وارتكابهم لإنتهاكات واعتداءات سواء تلك التي ضد الفلسطينيين بأيدي الكيان التدميري، أو ضد الشعوب العربية وخاصة في العراق وسوريا من قبل جماعات الفكر التخريبي، والرفض الشعبي العارم من قبل شعوب العالم أجمع على هذه الجرائم المشتركة واضح وفعال وهو في وتيرة متصاعدة، هذا الأمر يدفع بالكيان والجماعات للإلتفاف حول بعضهم. يضاف إلى ذلك أن الآمر واحد، فكلاً من الكيان الاسرائيلي أو الجماعات خاضع بشكل أو بآخر في نهاية المطاف إلى الرؤية والآلية التي تفرضها حكومات الغرب الإستعماري، هذه الآلية وباعتبارها تنظر إلى كليهما على أنهما ينخرطان لذات الهدف، فإن التنسيق وعدم وجود ضرورة للقلق من بعضهما البعض هو الواقع المفروض.
صحيح أن المنشأ للكيان والجماعات واحد، والهدف من انشائهما واحد، إلا أن الرؤية الغربية الإستعمارية تنظر إلى كلا الجماعات والكيان بفارق واحد، فهي لا ترى صحة انشاء كيانين في منطقتنا لتحقيق زعزعة وجو فاقد للإستقرار، وعليه فإنها تنظر إلى الجماعات كوسيلة مساندة للكيان من جهة ومرحلية من جهة ثانية، وهي ترى في الجماعات كمقدمة أولي للإنتقال بعدها إلى آلية مختلفة بعد أن تكون قد حققت الدمار والخراب في المنطقة. ولذلك فإن هذه الجماعات بلا شك ستتحول في يوم من الأيام من مشروع تحت سيطرة غربية استعمارية بالكامل إلى واقع مقلق للغرب نفسه. في الجانب الآخر فإن الجهات التي تدير هذه الجماعات التخريبية متعددة ومتنوعة، وتضارب المصالح بين هذه الجهات الداعمة اذا ما حصل لا شك لن يكون في صالحها يوما، وسيتحول إلى واقع عليهم قد يصعب مواجهته.