الوقت - في ختام زيارة استمرت ثلاثة أيام للرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية، صدر بيان مشترك عن قادة الدول العربية في مجلس التعاون والرئيس الصيني.
وفي الفقرة الثانية عشرة من البيان، ورد أن "قادة(الصين والدول الأعضاء في مجلس التعاون) يدعمون جميع الجهود السلمية، بما في ذلك مبادرات ومقترحات الإمارات، للتوصل إلى حل سلمي لحل قضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال مفاوضات ثنائية تستند إلى القوانين الدولية".
يأتي توقيع الرئيس الصيني على هذا البيان، في وقت تنص فيه جميع الوثائق الدولية على امتلاك إيران للجزر الثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى". کما أن هناك وثائق تشير إلى ملكية إيران المؤكدة وغير المتنازع عليها للجزر الثلاث، منها:
1- في القانون الدولي والقوانين المتعلقة بالحدود والأراضي، تثبت سيادة الدولة على المنطقة بعدة طرق. بما في ذلك "الملكية التاريخية"، والحكم الفعال - أي رفع العلم، وتنصيب الحكام، ووجود القوات العسكرية وما إلى ذلك. وتشير كل هذه المعايير القانونية إلى سيادة إيران المطلقة على الجزر الثلاث.
2- إضافة إلى الخرائط العديدة المتبقية من العصر اليوناني القديم - قبل الميلاد -، والتي ذكر فيها جميع جزر الخليج الفارسي كجزء من أرض إيران، في القرون الأخيرة فإن جميع الخرائط الرسمية التي أعدتها دول مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا والبرتغال وإسبانيا وما إلى ذلك، وتم الاحتفاظ بها كوثائق رسمية، اعتبرت فيها جزر الخليج الفارسي - بما في ذلك الجزر الثلاث أي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى- جزءًا من أراضي إيران. من بينها، أعدت الحكومة البريطانية، التي كانت موجودةً في المنطقة لأكثر من قرنين وانخرطت في نزاعات مع الحكومات الإيرانية في ذلك الوقت، أعدت ما مجموعه 23 خريطة رسمية للمنطقة، جميعها - دون استثناء – تصرح بأن الجزر الثلاث تابعة لإيران.
3- في عام 1830، أعدّ الكابتن ج.ب.بروكس GBBRUCKS خريطةً ملونةً للخليج الفارسي، من قبل شركة الهند الشرقية التابعة للحكومة الاستعمارية البريطانية. في هذه الخريطة الملونة، والتي يتم الاحتفاظ بنسخ منها في وزارة الخارجية البريطانية ومستودع وثائق الأمم المتحدة، تم رسم الجزر الثلاث أي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى بلون الأرض الإيرانية.
4- في عام 1835، كلف "صموئيل هانيل" من قبل الحكومة البريطانية بتحديد حدود دول الخليج الفارسي. يرسم هانيل في خريطته خطًا افتراضيًا في مياه الخليج الفارسي، وتقع الجزر الثلاث في الجزء الشمالي العلوي من هذا الخط الافتراضي وتعتبر تابعةً لإيران.
5- في كانون الثاني من العام التالي 1836، قام الرائد موريسون، خليفة صموئيل هانيل، بمتابعة مهمته، وبعد التفاوض مع شيوخ الخليج الفارسي، أعدّ خريطةً وافقوا عليها. وفي هذه الخريطة، تقع الجزر الثلاث على عمق أكبر من أراضي إيران.
6- في عام 1881، أعدت البحرية البريطانية مرةً أخرى خريطةً لمنطقة الخليج الفارسي، وفيها للجزر الثلاث وتربة إيران لون مشترك.
7- في عام 1886، أعدت دائرة المخابرات التابعة للحكومة البريطانية خريطةً لإيران بلون واحد للجزر الثلاث وأرض إيران، وفي 12 حزيران/يونيو من العام نفسه، تم تسليم هذه الخريطة إلى ناصر الدين شاه الوزير المختار من قبل بريطانيا في طهران.
8- في عام 1908، منحت الحكومة الإيرانية امتياز استخراج التربة الحمراء - خام الحديد – من أبو موسى لشركة ونغهاوس الألمانية، والذي اعترضت بسببه الحكومة البريطانية علی إيران بسبب علاقاتها المتوترة مع ألمانيا. تريد الحكومة البريطانية في احتجاجها الحصول على امتيازات لاستخراج التربة الحمراء للشركات البريطانية، وهو ما يعني التأكيد على سيادة إيران.
إن الوثيقة الرئيسية - والوحيدة - التي تقدمها الإمارات لإثبات ادعائها، هي رسالة كتبها الشيخ يوسف، الحاكم الإيراني لميناء لنجه، إلى الشيخ حميد القاسمي، حاكم رأس الخيمة، في عام 1882. في هذه الرسالة كمجاملة وتعبير عن الأدب، الذي كان شائعًا جدًا في ذلك الوقت، ويمكن رؤيته في العديد من الرسائل المماثلة، كتب الشيخ يوسف قائلاً: أبو موسى ملك لكم(نحن في خدمتكم!).
والجدير بالذكر أن الشيخ يوسف يكتب في الرسالة ذاتها إلى حاكم رأس الخيمة، أن "بلد لنجه بلدکم"، والغريب أنه عندما يشير الإماراتيون إلى هذه الرسالة، فإنهم يحذفون الجملة الأخيرة، والتي تظهر بوضوح أن الجملة السابقة كانت مجاملةً.
على الرغم من أن الخارجية الإيرانية لم تترك هذا البيان دون رد، ولكن ليت وزير الخارجية الإيراني، ردًا على هذا البيان، وفي الوقت الذي يوبخ فيه بشدة الموقعين على البيان ويشير إلى الوثائق التي ذكرناها، يؤكد أيضًا على نقطتين أخريين.
الأولی، تذكير حكومة البحرين كأحد الموقعين على البيان، بأن البحرين جزء لا يتجزأ من إيران، ولم يكن للنظام البهلوي التابع لأمريكا الحق في تسليمها إلى آل خليفة، الذين كانوا يمارسون أعمال قطع الطرق في صحاري نجد.
والثانية، توجيه سؤال إلی الرئيس الصيني، وهو ألا يعدّ توقيعك على البيان المذكور علامةً على أنك تعتبر سيادة الصين على تايوان محل نقاش؟!
يا سيد شي جين بينغ، لقد اتفقت مع الدول الحليفة للولايات المتحدة في التشكيك في سيادة إيران المطلقة على الجزر الثلاث! ألا يعني هذا الاتفاق أنك تعطي أمريكا حق التشكيك في سيادة الصين على تايوان واعتبارها قابلةً للتفاوض؟! يا فخامة الرئيس! إما معلوماتکم في الجغرافيا السياسية ضعيفة، أم لديكم مستشارون غير موثوق بهم؟!