الوقت- لا للقبلية.. لا للعنصرية.. العسكر إلى الثكنات".. شعارات رددها آلاف السودانيين الجمعة، خلال مظاهرات تطالب بسرعة الانتقال للديمقراطية.
وشهد السودان اضطرابات سياسية واقتصادية منذ أحدث أكتوبر/تشرين الأول 2021، لكن الأحزاب السياسية قالت هذا الأسبوع إن مناقشات بدأت بدعم من منسقين دوليين، للتوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة مدنية جديدة.
ولكن رفض كثير من المتظاهرين المشاركين، الجمعة، التسوية، وحملوا اللافتات ورددوا هتافات "لا تسوية ولا تفاوض".
وتظاهر آلاف السودانيين الجمعة هاتفين ضد "الحكم العسكري" بعد عام على انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي وضع حدا للعملية الانتقالية الديموقراطية، كما افاد مراسلو فرانس برس. وفي الخرطوم هتف آلاف المتظاهرين "الشعب يريد إسقاط النظام".
وفي مدينة ام درمان على الضفة الغربية لنهر النيل، حيث أطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع، هتف المحتجون "العسكر الى الثكنات" في إشارة لمطالبتهم بالحكم المدني، حسب صحفي من فرانس برس في موقع المظاهرة، وردد المحتجون ايضا "لا للقبلية" و"لا للعنصرية"، غداة يومين داميين في ولاية النيل الأزرق بجنوب البلاد.
واستؤنفت الاشتباكات بين الهوسا والقبائل المنافسة لها في هذه الولاية الزراعية المتاخمة لاثيوبيا، ما أدى الى سقوط 150 قتيلا من بينهم نساء وأطفال وشيوخ كما اصيب 86 شخصا" حسب عباس موسي مدير مستشفى بلدة ود الماحي حيث وقعت الاشتباكات.
واضافة الى الخرطوم وضاحيتها أم درمان، نظمت مظاهرات في مدينة ود مدني (وسط) وفي الأبيض (جنوب) وفي ولايتي كسلا وشرق النيل في الشرق.
ودعا المتظاهرون الى "عودة أكتوبر" 1964. ففي ذلك الشهر قبل 58 عاما شهد السودان "ثورة" أطاحت حكما عسكريا. وهو تاريخ مهم في السودان الذي يحكمة العسكريون بشكل شبه مستمر منذ الاستقلال.
في عام 2019 ظن المتظاهرون الداعون للديموقراطية أنهم يكررون التاريخ، وأنهم تخلصوا من حكم عمر البشير الاسلاموي-العسكري الذي دام 30 عاما وأرغموا الجيش على تقاسم السلطة مع المدنيين.
ومن جانبه جدد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان تأكيده على التزام القوات المسلحة بالانسحاب من المشهد السياسي.
وشدد الفريق أول عبدالفتاح البرهان على أن القوات المسلحة ليس لديها أي رغبة للوجود في الحكم، فهي تفضل عملها المتمثل في الأمن والدفاع، تاركة المجال للسياسيين والقوى المدنية لتشكيل حكومة مدنية كاملة.
ومنذ الصباح انتشرت قوات الشرطة في العاصمة الخرطوم وعند جسورها. وكانت لجان المقاومة وهي مجموعات الأحياء التي تنظم التحركات المناهضة للانقلاب، تدعو منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التظاهر.
وقبل عام بالتحديد أحيت المظاهرات "ثورة اكتوبر" 1964 وشارك فيها آلاف السودانيين في كل أنحاء البلاد، في اختبار قوة من قبل أنصار الحكم المدني في مواجهة الجيش الذي نفذ بعد أربعة أيام انقلابه.
وأدى الفراغ الأمني الناجم عن الانقلاب، خصوصا بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الإقليم، إثر توقيع اتفاق سلام بين فصائل مسلحة والحكومة المركزية عام 2020، إلى عودة النزاعات القبلية على الأرض والمياه والكلأ.
وأعلن حاكم ولاية النيل الأزرق في السودان (جنوب) حالة الطوارئ الجمعة، ومنح قوات الأمن صلاحيات كاملة "لوقف" القتال القبلي الذي أودى بحياة 150 شخصا في يومين.
وجاء في مرسوم أصدره أحمد العمدة بادي أنه "يعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء إقليم النيل الأزرق لمدة ثلاثين يوما"، كما كلّف المسؤولين المحليين للشرطة والجيش والمخابرات وكذلك قوات الدعم السريع "التدخل بكل الإمكانات المتاحة لوقف الاقتتال القبلي".
وفرضت السلطات منذ الإثنين حظر تجول ليلي بعد مقتل 13 شخصا وفق الأمم المتحدة، في اشتباكات بين أفراد قبيلة الهوسا وقبائل متناحرة، لكن الاشتباكات تجددت رغم الانتشار الأمني.
وتظاهر مئات الأشخاص الخميس في الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق احتجاجا على العنف، وطالب متظاهرون آخرون برحيل المحافظ بادي معتبرين أنه غير قادر على حماية السكان. وقُتل ما لا يقل عن 149 شخصا ونزح 65 ألفا في النيل الأزرق بين تموز/يوليو ومطلع تشرين الأول/أكتوبر، وفق الأمم المتحدة.
في بداية أعمال العنف، احتج أفراد من قبيلة الهوسا في جميع أنحاء السودان، على خلفية ما اعتبروه تمييزا ضدهم بسبب العرف القبلي الذي يحظر عليهم امتلاك الأرض في النيل الأزرق، لأنهم آخر القبائل التي استقرت في الولاية.
يعتبر استغلال الأراضي مسألة حساسة للغاية في السودان، إحدى أفقر دول العالم، حيث تمثل الزراعة والثروة الحيوانية 43% من الوظائف و30% من الناتج المحلي الإجمالي.
والأسبوع الماضي قتل 19 شخصا وجرح 34 آخرون في نزاع قبلي بولاية غرب كردفان (جنوب)، حسب بيانات الأمم المتحدة. وقُتل منذ كانون الثاني/يناير نحو 550 شخصا ونزح أكثر من 210 آلاف بسبب النزاعات القبلية في السودان، وفق المصدر نفسه.