الوقت - تبدو بريطانيا بعد نهاية مرحلة الملكة إليزابيث تقبع في أياد متهورة وتابعة، وعلى ما يبدو أن بريطانيا وقد وجدت نفسها من جديد على المذبح الصهيوني, فبهدف استمالة اليهود ثانيةً, اعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس إنها "تدرس بصورة جدية نقل سفارة المملكة المتحدة من تل أبيب إلى القدس", في خطوةٍ خطيرة من شأنها منح الإسرائيليين فرصة السيطرة الكاملة على مدينة القدس.
وفي السياق، أعرب رئيس أساقفة كانتربري في المملكة المتحدة جاستن ويلبي عن قلقه بشأن احتمال نقل السفارة البريطانية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وأفادت صحيفة "الغارديان" (the Guardian) البريطانية بأن رئيس أساقفة كانتربري -أعلى منصب ديني في الكنيسة الأنجليكانية- أعرب عن قلقه بشأن التداعيات المحتملة لنقل سفارة بلاده في إسرائيل إلى القدس قبل التوصل إلى تسوية للصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وفي تصريح لصحيفة "جيوش نيوز" (Jewish News) يوم الجمعة الماضي، قال متحدث باسم ويلبي إن "رئيس الأساقفة قلق بشأن التأثير المحتمل لنقل السفارة البريطانية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس قبل التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين." وأضاف "إنه على اتصال بالقيادات الدينية المسيحية في الأرض المقدسة ويواصل الصلاة من أجل السلام في القدس".
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس أبلغت نظيرها الإسرائيلي يائير لبيد، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي، بأنها تدرس نقل سفارة بلدها من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وإذا اتخذت تراس القرار فستسير بريطانيا على خطى الولايات المتحدة ودول أخرى، على الرغم من شبه الإجماع الدولي على أن ذلك مخالف لقرارات الشرعية الدولية.
ولم تحدد الحكومة البريطانية إطارا زمنيا لنقل السفارة، لكن موقف رئيسة الوزراء الجديدة أثار انتقادات من دبلوماسيين بريطانيين سابقين قالوا إنه يتعين انتظار قيام دولة فلسطينية، كما أثار ردود فعل شعبية.
وكانت صحيفة الغارديان أفادت في تقرير نشرته يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي، بأن دبلوماسيين عربا حثوا تراس على عدم المضي قدما بقرار نقل السفارة إلى القدس.
وقال السفراء العرب في لندن، حسب الصحيفة البريطانية، "إن الخطة قد تعرض المحادثات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي للخطر".
فمن جانبها عبّرت شخصيات كويتية عن إدانتهم ورفضهم الكامل لمساعي رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، لنقل السفارة البريطانية في إسرائيل من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، مؤكدين أن هذا الأمر -في حال إتمامه- ستكون له "ارتدادات خطيرة"، داعين الدول العربية والخليجية لاستخدام سلاح الاقتصاد في مواجهة بريطانيا من أجل إثنائها عن تلك الخطوة.
حيث شدد الكاتب والمحامي الكويتي، عبد العزيز بدر القطان، على أن رئيسة الوزراء البريطانية "ليز تراس" أصبحت عنصرا غير مرغوب فيه داخل حزب المحافظين البريطاني، وأمامها عامان فقط حتى الانتخابات المقبلة عام 2024؛ ففي عهدها تأزم الوضع الاقتصادي لبريطانيا كثيرا، والآن هي تبحث عن إنجاز لصرف النظر عن أخطائها القاتلة إن جاز التعبير من خلال مساعيها لنقل سفارة بلادها إلى القدس.
ونوّه القطان إلى أن هذا الأمر سیكون له ارتدادات خطيرة وربما سيخلق ثورة داخلية في بريطانيا والشارع البريطاني قد ينتظر الشرارة التي من الوارد جدا أن تشعل الأوضاع الداخلية والتي ربما تتمثل في عملية نقل السفارة للقدس.
وأردف: كما هو معروف أن قرارات منظمة (أوبك+) الأخيرة المتعلقة بتخفيض إنتاج النفط في خطوة انتهجتها السعودية بالتعاون مع روسيا، أغضبت الجانب الأمريكي كثيرا، فضلا عن أن هناك حديثا يدور حول الإعداد من قبل الكونغرس الأمريكي لمبادرة لسحب أنظمة الدفاع الصاروخي والجيش الأمريكي من السعودية والإمارات ردا على هذه الخطوة.
واستطرد القطان قائلا: لا تحتاج فلسطين منا إلى بيانات تنديد واستنكارات بقدر ما تحتاج إلى خطوات ملموسة تضع حدا لهذا الجبروت الاستعماري، وأعتقد أن الغرب اليوم ليس في موقع يستطيع فيه إملاء شروطه كما في أوقات سابقة، وخاصة أن الأزمة الأوكرانية استنزفته على كل الأصعدة.
وذكر أن "لندن ليست في موقع قوة لتبتز أيا من الدول العربية، وهي تعي ذلك، والحكومة البريطانية ذاتها ستقف في وجه ليز تراس لردعها عن هذا الأمر، وخاصة أن الحديث في بريطانيا اليوم هو كيف سيصمدون في الشتاء، فضلا عن بدء التقنين الكهربائي في الدولة العظمى، مع الإشارة إلى أن بريطانيا لم تعد بلدا جذابا للاستثمار خاصة وأن مستوى الثقة منخفض بهذه الحكومة الحالية".
وأشار الكاتب الكويتي إلى احتمالية استخدام الدول العربية لسلاح الاقتصاد في مواجهة بريطانيا في حال أقدمت على نقل سفارتها للقدس وقال: بالتأكيد هذا الأمر سيحدث ومن الممكن القول إنه بدأ مع قرارات (أوبك+).
في السياق ذاته، قالت الناشطة السياسية الكويتية، هدى سعود الكريباني، إن نقل سفارة بريطانيا في "إسرائيل" إلى القدس يعد انتهاكا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على ضرورة إنهاء الاحتلال وستكون لها تداعيات كثيرة وخطيرة، وستعطي الحق لمن ليس له حق أساسا في التمادي في القمع وانتهاك حقوق الإنسان.
وأشارت الكريباني إلى أن قرار تحالف (أوبك+) بخفض الإنتاج بمعدل مليوني برميل يوميا سيكون الضاغط الأكبر الذي تواجهه أوروبا اليوم، وخصوصا بعد أزمة الطاقة التي تعيشها وهذا سيكون أكبر سلاح ضد حكومة ليز تراس الهشة أساسا.
بدوره، قال رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية، طارق الشايع، إن بريطانيا دولة الاحتلال الأولى في القرن الماضي، وما زالت، وهي التي مكّنت العصابات الصهيونية في القدوم إلى فلسطين المحتلة مسبقا من الجيش البريطاني، والذي ساهم بشكل رئيسي في النكبة الفلسطينية، من إمداد بالسلاح والمواقع والمخططات لتسهيل عمليات العصابات الصهيونية في بسط سيطرتها على الأراضي الفلسطينية.
وتابع: لذلك، تأتي مساعي نقل السفارة البريطانية للقدس من دولة نشأت على الاحتلال، ولا زالت، ورعت الاحتلال الصهيوني قبل نشأته ولاتزال تقدم هذا الدعم بكل صوره.
ورأى رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية، أن سلاح الاقتصاد هو الخيار المطروح اليوم ويجب الدفع بدول الخليج الفارسي لاتخاذ موقف تجاهه؛ والدخول في مفاوضات لمصلحة القضية الفلسطينية. وتمتنع الغالبية العظمى من دول العالم عن نقل سفاراتها إلى القدس، نظرا لعدم اعترافها بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لشقها الشرقي الذي تم عام 1967.
واحتل الكيان الصهيوني القدس الشرقية عام 1967، وأعلن لاحقا ضمها إلى "إسرائيل" وتوحيدها مع الجزء الغربي وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية نقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس في العام 2018، لتتبعها هندوراس وغواتيمالا وكوسفو.