الوقت- في نهاية الشهر السابع من الحرب في أوكرانيا، سيتخذ سكان المناطق الشرقية والجنوبية من البلاد قرارًا مهمًا بشأن مستقبلهم السياسي. ولهذا الغرض، بدأ الروس الذين يعيشون في شرق أوكرانيا، والذين يتوقون للانضمام إلى روسيا في السنوات الماضية، استفتاء الاستقلال يوم الجمعة الماضي. وفي هذا الاستفتاء، الذي أدانته أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون، توجه الناس في مقاطعات دونيتسك ولوهانسك وخرسون وكذلك زابوروجي إلى صناديق الاقتراع بشأن ضم أراضي روسيا. ومن المقرر أن يستمر هذا الاستفتاء حتى الثلاثاء المقبل، وستعلن نتائجه رسميا في 27 سبتمبر القادم. ويجب على سكان هذه المناطق أن يقرروا ما إذا كانوا يدعمون الانضمام إلى روسيا أم لا. وهذه المقاطعات الأربع، التي تخضع حاليًا لسيطرة الروس، تعادل 15٪ من أراضي أوكرانيا، وإذا انضمت إلى أراضي روسيا، فإن أراضي أوكرانيا ستنخفض وستفقد على الأرجح المركز الأول في أوروبا من حيث الحجم. وبالنظر إلى أن غالبية سكان هذه المناطق الأربع هم من أصل روسي، فمن المرجح أن يصوتوا لمصلحة الاستقلال بشكل حاسم.
اتهام الغرب لموسكو
يجري هذا الاستفتاء بينما يحاول الغربيون زيادة مساعداتهم لأوكرانيا وباتهام موسكو بالاحتلال وسوف يتكمن الغربيون من إرسال المزيد من الأسلحة الحديثة إلى كييف من أجل تحرير بعض المناطق المحتلة من أيدي الروس. ولقد صرح الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بأن هذه الإجراءات تزيد من تأجيج الحرب الروسية في أوكرانيا، قائلاً إن "الاستفتاءات المخزية ليس لها شرعية ولن تغير طبيعة الحرب الروسية في أوكرانيا". وعلى الرغم من أن الغربيين يتهمون الروس بالكثير من الضجيج بأنهم بدأوا عملية فصل دونباس عن أوكرانيا، قال ليونيد باشنيك، زعيم أقليم لوهانسك، إن "سكان هذه المنطقة كانوا ينتظرون عقد هذا الاستفتاء منذ 2014 وهذه القضية حلم مشترك ومستقبل مشترك وهي الانضمام إلى روسيا". وبعد أن طلب سكان شبه جزيرة القرم من روسيا الانضمام إلى هذه المنطقة في استفتاء، أراد الروس في مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا إجراء مثل هذا الاستفتاء، ولكن لمنع تصعيد التوترات بين موسكو وغرب هذا البلد، لم يتم تنفيذ هذا الامر، ولكن هذا البرنامج لم يتم حذفه من جدول أعمال السلطات المحلية، والآن بعد أن تغيرت الظروف والتطورات الدولية ووضعت الحكومة الأوكرانية نفسها في المعسكر الغربي بكل قوتها، فهم يحاولون أن يكونوا جزءا من التراب الروسي الى الابد من خلال استفتاء تفاديا لضغط الحكومة الاوكرانية. لذلك، على عكس الادعاءات الغربية، فإن إجراء استفتاء ليس بالأمر الجديد، فقد كانت مناطق دونيتسك ولوهانسك تُحكم عمليًا بشكل مستقل منذ عام 2014 ولم تكن تحت الحكم السياسي لأوكرانيا، وفي هذه السنوات الثماني كان هناك دائمًا صراع بين قوى الجانبان، والآن بعد أن تغيرت الأوضاع، شرعوا في استفتاء الاستقلال.
إن الادعاءات الغربية ضد روسيا بأنها لن تعترف أبدًا باستقلال المناطق الشرقية لأوكرانيا تهدف فقط إلى زيادة الضغط العالمي على موسكو لاتهام هذا الخصم باعتزام الغزو. ولكن روسيا دعمت الروس فقط لإنقاذهم من ضغوط أوكرانيا وكما أعلن فلاديمير بوتين فإن هدف مهاجمة أوكرانيا يهدف إلى نزع النازية عن مناطق دونباس ومن خلال الاستقلال القانوني لدونيتسك من خلال دعم الروس وضم هذه المناطق إلى أراضيها، تعتزم روسيا رفع تكاليف كييف، التي جعلت الغرب في مواجهة موسكو بسبب تهورها. ولقد تم ذكر دعم روسيا للروس في جميع أنحاء العالم مؤخرًا في العقيدة الجديدة للبلاد، ويعتزم بوتين استخدام كل قوته لتحرير الروس الذين يتعرضون لضغوط من الحكومات الأخرى.
روسيا تتبع رغبات سكان دونباس
على الرغم من أن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على المناطق الشرقية والجنوبية لأوكرانيا في الأشهر السبعة الماضية، حيث يُجرى الاستفتاء، إلا أن سلطات موسكو لم تضم هذه المناطق إلى أراضيها وتركت هذه المسألة للسكان المنحدرين من أصل روسي. وحول اتخاذ قرار بشأن هذه القضية المصيرية، قال مسؤولو الكرملين إنه إذا صوت غالبية الروس في شرق أوكرانيا بشكل إيجابي، فسوف ينضمون إلى أراضي روسيا، وإذا كانت هناك معارضة أكبر لهذه القضية، فيمكن للروس فقط النظر في خطة الاعتراف. ولو أرادت روسيا ذلك، كان بإمكانها بسهولة ضم دونباس إلى أراضيها من خلال استفتاء عام 2014، لكن لم يكن لديها مثل هذه الخطة ولا تسعى لتحقيق هذا الهدف الآن، ووافقت فقط على رغبات سكان هذه المناطق. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي إجراء استفتاء من قبل الروس إلى خلق شرعية قانونية للهجوم الروسي على أوكرانيا، التي نفذت هذا الهجوم دفاعًا عن سكان دونباس الذين طلبوا المساعدة من موسكو.
استدعاء 300000 مقاتل
في نفس وقت الاستفتاء في دونباس، أصدرت روسيا دعوة لـ 300 ألف شخص من قوات الاحتياط في البلاد، ما يدل على أن سلطات الكرملين تحاول تعزيز قوتها العسكرية ضد أوكرانيا وداعميها الغربيين. وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو في خطاب ألقاه فور توقيع الأمر الأربعاء الماضي أنه سيتم استدعاء 300 ألف شخص، وهو ما يقرب من 1٪ من موارد التعبئة العامة المتاحة. وبشأن التعبئة العامة أوضح شويغو أن هذا الشرط لا يشمل الطلاب بل جنود الاحتياط فقط في الجيش أو من لديهم الخبرة اللازمة. وأشار وزير الدفاع الروسي إلى أن 70 جيشا وأكثر من 200 قمرا صناعيا مدنيا وكامل منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تعمل من أجل مصالح أوكرانيا. ووفقًا لشويغو، فإن روسيا ليست في حالة حرب مع أوكرانيا، بل مع الكتلة الغربية بأكملها.
وتأتي دعوة روسيا الجديدة في وقت زودت دول أوروبية وأمريكية كييف بأسلحة أكثر تطوراً في الأسابيع الأخيرة، وأثار هذا الأمر غضب سلطات موسكو. ولقد حذرت موسكو عدة مرات من أن هذا النوع من المساعدات العسكرية لا يساعد فقط في القضاء على عملية السلام، بل يؤدي أيضًا إلى تصعيد التوترات وطالبت بوقف هذه المساعدات، لكن القادة الغربيين يتجاهلون هذه التحذيرات ويواصلون إرسال المساعدات العسكرية. ومع ذلك، فإن روسيا، التي ترى نفسها وحيدة أمام الغرب، تحاول استخدام كل أصولها لمواجهة خصومها، والدعوة الموجهه إلى 300 ألف جندي تظهر أن موسكو قد صممت خططًا جديدة للحرب في أوكرانيا.
لقد حذر بوتين الغربيين في خطابه الأخير من أنه إذا كان الأوكرانيون والغرب يعتزمون مهاجمة وحدة أراضي روسيا، فسيستخدم جميع الأدوات المتاحة له، وفي حالة وقوع هجوم على الأراضي الروسية، فقد تقوم موسكو بعمل قرار جديد. ولفهم أن استخدام الأسلحة النووية لن يكون ببعيد. قال مسؤولو الكرملين مرارًا وتكرارًا إنهم لا يعتزمون استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا ولن يُجبروا على استخدام الأسلحة الاستراتيجية إلا عندما تتعرض سلامتهم الإقليمية للتهديد. لذلك، في حالة ضم المناطق الشرقية من أوكرانيا إلى أراضي روسيا، فإن أي هجوم من قبل الأوكرانيين على هذه المناطق سيعتبر هجومًا على وحدة أراضي روسيا، وقد حذر الروس بشدة من هذا النوع من الترويج للحرب.