الوقت_ في ظل الأيام التي كانت مشحونة بشدّة والتوتر والتهديد المتكرر بحرب جديدة على الأراضي الفلسطينيّة نتيجة الإجرام الصهيونيّ واعتداءاته على أكثر من صعيد، والضغوط التي فرضها الأسرى الفلسطينيون على تل أبيب لوقف نهجها الاستبداديّ المفرط، تحدثت وسائل إعلام فلسطينية، أن صحفيًا صهيونيًا دعا إلى قتل الأسرى الفلسطينيين بدلاً من سجنهم في تصريحات تكشف عمق العنصرية والطبيعة الإجرامية للكيان الصهيوني في الوقت الذي تتصاعد فيه الوحشيّة الإسرائيليّة بحق الشعب الفلسطينيّ، وانتهاج "إسرائيل" سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملته، في أعقاب المنهج الإباديّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل على ذلك، ما يستدعي أن يتحمل المجتمع الدوليّ مسؤولياته الفوريّة تجاه فلسطين وأسراها لدى أولئك السفاحين، ومساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي.
رضوخ إسرائيليّ
في الفترة الماضية، ركّزت سلطات العدو الإسرائيليّ حملاتها القمعيّة على الأسرى الفلسطينيين وبالأخص من حركة "الجهاد الإسلاميّ" داخل السجون، وفرضت عليهم إجراءات انتقامية صارمة من اعتداءات وضرب وعزل انفرادي ومنع من الخروج، الأمر الذي أشعل الأوضاع بشكل كبير داخل السجون، فيما ردّت الحركة بتهديدات بتفجير الأوضاع بشكل كامل داخل المعتقلات، جعلت السجون الإسرائيلية تعيش حالة من الغليان والتوتر المشحون، هدد وفقاً لمراقبين بإشعال انفجار كبير قد تمتد نيرانه للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر وحتى العاصمة الفلسطينيّة السليبة، بفعل ممارسات "إسرائيل" القمعيّة والتعسفيّة بحق الأسرى الفلسطينيين.
ومؤخراً، كان لقضية الأسرى الفلسطينيين وخاصة إضراب الأسير الفلسطيني خليل عواودة عن الطعام لمدة 172 يومًا أثراً كبيراً في العالم، ووجه انتباه الرأي العام العالمي مرة أخرى إلى جرائم واعتداءات الكيان الصهيوني، وعقب هذه الحادثة رضخت الكيان الصهيونيّ وأوقفت منظمة السجون الصهيونية التابعة له اعتقال خليل عواودة إدارياً حتى يوقف إضرابه عن الطعام الذي كان في حالة حرجة، واضطرت الخميس الماضي، إلى إلغاء إجراءات إهانة الأسرى المحكوم عليهم بالسجن المؤبد والسجن طويل الأمد، بعد إعلان استعداد 1200 أسير فلسطيني للإضراب عن الطعام في عموم البلاد.
وإنّ تل أبيب أجبرت على هذه الخطوة بعد أن تحولت هذه القضية إلى العالمية وهدّدت الأمن في كل السجون، حيث إنّ المئات من الأسرى في كل السّجون، بدؤوا بالخروج من الأقسام والاعتصام في ساحات السجون، كجزء من خطوات التّمرد والعصيان على قوانين إدارة السّجون الإسرائيليّة ضمن الخطوات التصعيدية المعلنة مؤخرًا، ويعلم الجميع حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم وسلوك الاحتلال الساديّ وتعامله اللاإنسانيّ.
وبالاستناد إلى أنّ الكيان الصهيونيّ الغاصب يعتقل آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى والسيدات حسب الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقيّة التي تتكتم عليها إدارة سجون العدو، سادت في الأيام الماضية حالة من التوتر الشديد أقسام الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، بعد إقدام إدارة السجون على فرض عزل مضاعف على الأسرى، وسحب الكهربائيات من عدة أقسام في عدة سجون، كما استدعت إدارة السجون قوات إضافية، بعد أن قررت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، خوض حراك جديد عبر خطوات تكتيكية، تنتهي خلال مدة أقصاها أسبوعين بإضراب مفتوح عن الطعام، تشارك فيه كل فصائل العمل الوطنيّ في سجون العدو.
إجرامٌ لا مثيل له
العالم بأجمعه يشهد على إجرام العدو الكيان الصهيونيّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، في ظل اتهامات من منظمات حقوقيّة دوليّة معنية بحقوق الإنسان، بانتهاج الكيان الباغي سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، وإنّ الاحتلال المجرم يعترف بكل وقاحة باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، ورغبته بالهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين اليهود، وحتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق منهج الإبادة وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، عندما صُنع هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته قيد أُنملة، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
ولأنّ الإجرام الإسرائيليّ لا مثيل له، قال هيليل بيتون روزين، مراسل القناة الـ14 التابعة للنظام الصهيوني، في تغريدة على تويتر، إن 336 فلسطينيًا محتجزون حاليًا في سجون الكيان، وهم معتقلون منذ أكثر من 20 عاماً، و 8 منهم قضوا أكثر من 35 عامًا من حياتهم خلف القضبان، في وقت ينتهك فيه العدو الصهيوني المجرم القانون الدولي ويغض الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، إضافة إلى استمرار التعنت الإسرائيلي في ربط قضية إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته آلته العسكرية الهمجية بتسوية قضية أسرى الجنود الصهاينة الأربعة لدى "حماس" التي أكّدت أن الأسرى الإسرائيليين لن يروا النور إلا بعدما يرى الأسرى الفلسطينيون الحرية.
وبالتالي، فإنّ الصهاينة باعتراف وسائل إعلامهم ومحلليهم لا يرغبون بحصول صفقة لتبادل الأسرى باعتبارها ستؤدي إلى حلحلة في باقي الملفات، ولهذا قررت حكومات العدو العنصري تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام مطالب حماس وفصائل المقاومة، رغم تحريك هذا الملف في السنتين الأخيرتين من قبل الوسطاء وبالأخص مصر عبر إجراء اتصالات ولقاءات من أجل ذلك، ناهيك عن تسليط الضوء على هذا الملف عقب الفضيحة الأخيرة التي جرت مع انتزاع الأسرى الستة حريتهم من سجن "جلبوع" الأمنيّ وإلقاء القبض عليهم بعد أيام من البحث والمطاردة، لكن خداع تل أبيب في تعهداتها ووضعها العقبات تلو الأخرى، يجعل من غير المتوقع أن تتم حلحلة هذا الملف، حيث إن السياسة الإسرائيلية كانت وستبقى سياسة احتلال عنصريّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ العدو الصهيونيّ يعتقل نحو 5000 معتقل فلسطينيّ في سجونه، بينهم نحو مئات المرضى وعشرات السيدات، وذلك استناداً فقط إلى الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقيّة التي تتكتم عليها إدارة السجون داخل الكيان، باعتبار أنّ حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها في فلسطين، كما يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والقدس الشرقيّة وداخل الأراضي المحتلة نفسها، باعتراف الإسرائيليين أنفسهم على منهجيّة الاحتلال العدوانيّة ضد أصحاب الأرض والمقدسات.
برهانٌ جديد
برهنت تصريحات الإعلاميّ الإسرائيليّ روزين الذي قال إنه بدلاً من إنفاق ملايين الشواقل (عملة الكيان الصهيوني) للاحتفاظ بهؤلاء الأسرى في السجون، "كان من الأفضل قتلهم"، من جديد على أنّ الكيان الصهيونيّ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين، وهذا حرفيّاً ما يدل عليه حديث الصحفيّ العنصريّ عبر حسابه الشخصيّ في تويتر.
ولم تُثر تصريحات الصحفيّ الإسرائيليّ استغراباً في الشارع العربيّ باعتبار أنّه لا يمكن حصر الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها العدو الصهيونيّ السفاح بحق الفلسطينيين والعرب والتي تكشف عنصريّة الكيان ودمويّته، ناهيك عن الجرائم الكثيرة التي تستهدف الأطفال والشيوخ والنساء جهاراً نهاراً، وإنّ التصريحات الصهيونيّة رغم أهميتها في الإضاءة على جزءٍ يسير من جرائم الصهاينة، إلا أنّها لا تُقدم ولا تؤخر في واقع الأمر، إذا لم تترافق مع محاسبة دوليّة تردع تلك العصابات عن عدوانها بحق الأبرياء.
وبالتالي، أوصل الإسرائيليون خلال سنوات احتلالهم رسالة للعالم أجمع بأنّهم غير مستعدين بأيّ حال من الأحوال سوى لانتهاك الحرمات وسفك الدماء وسلب الأراضي، فيما تركوا حلاً وحيداً للفلسطينيين هو وقوع "ثورة غضب" عارمة بوجه الاحتلال وعصاباته تنهي جبروتهم وطلمهم، لأنّ التصدي للصهاينة وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، وقطع يد قوات الاحتلال ومنعها من العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة والعاصمة الفلسطينيّة القدس.
وعلى أساس أنّ جميع المجازر التي ارتكبتها مختلف العصابات الصهيونيّة اشتركت بإلقاء المتفجرات على الفلسطينيين وفتح النار في جميع الاتجاهات، فضلاً عن استخدام الأسلحة البيضاء الحادة دون أي تمييز بين شباب أو مسنين أو أطفال ونساء، وتخلل بعضها شق رؤوس أطفال بالعصيّ، ولم يخل منزل من الجثث، ثم اقتادوا النساء والرجال وأبقوهم دون ماء أو طعام، وفجروا المنازل بمن فيها، فإن المطلوب هو أن يكون أبناء الشعب موحدين دائماً حول مطالبهم، وإن قدرهم يجب ألا يكون إما تحت سطوة عصابات الاجرام، أو تحت الحكم العسكري، لأنهم أبناء هذا الوطن ويجب أن يكونوا موحدين حول حقوقهم ومقدساتهم وقدسهم وأقصاهم وبيوتهم وشعبهم، لأنهم جميعاً وباختصار “مهددون”.
خلاصة القول، يكشف الإسرائيليون يوماً بعد آخر حقيقة كيان "إسرائيل" الدمويّة التي تتستر على جناياتها من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، فيما تحارب تل أبيب بكامل قوتها المقاطعة التي تشنّها منظمات معروفة لمقاضاة وكشف وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ومنع إضفاء الشرعية على "إسرائيل"، في وقت تتصاعد الرغبة الإسرائيليّة في قتل المدنيين وتدمير مستقبلهم ومقدساتهم وتهديد أرواحهم، وكأن الصهاينة وآلتهم العسكريّة يودون إخبارنا بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه وليفعل العالم ما يشاء، وإنّ التصريحات الأخيرة هي بمثابة شهادة إسرائيليّة محقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة.