الوقت- لقد عانى المجتمع الصهيوني من سرطان الارتباك والتفكك من الماضي وحتى الآن، وظهرت هذه المشكلة علانية وأصبحت فضيحة في الوقت الحاضر، وانتشر هذا المرض بين جميع طبقات المجتمع وعلى جميع المستويات. وللمشكلة عوامل مختلفة أهمها أن المستوطنين الصهاينة لا ينتمون إلى المجتمع الصهيوني. لقد اغتصب النظام الصهيوني أرض فلسطين، وانتهك حقوق الأمة بشكل كامل، ودمر المنازل، وأحرق الأراضي، وذبح وقتل الابرياء، وجمع مجموعات من المهاجرين من جميع أنحاء العالم على اختلاف جنسياتهم، وهم ينتمون إلى ثقافات مختلفة ولكل منهم عاداته الخاصة والتاريخ واللغة، ولقد جمعهم ووضعهم داخل كذبة "أرض الميعاد" وقام بتضليلهم بحق اليهود في أرض فلسطين، ولهذا السبب لا يستطيع هؤلاء قبول بعضهم البعض والاندماج في هذا المجتمع.
طبعا لم يحاول قادة الكيان الصهيوني خلق روابط تقارب وتواصل بين المجتمع الصهيوني، وكان هدفهم الوحيد قبول المزيد من المهاجرين بغض النظر عن جنسيتهم، وكان همهم الوحيد الحروب والمجازر. إن أساس السياسة الصهيونية هو اللجوء إلى التهديدات لمنع انهيار المجتمع الصهيوني، بالطبع، بجانب كل هذا، لا ينبغي تجاهل الضربات المتتالية التي وجهها محور المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى القادة الصهاينة. والجيش الصهيوني، الجيش الذي كان يدعي أنه لا يقهر، لكن ظهر أنه أضعف بكثير من تلك الادعاءات. من الطبيعي لمن عاش في بلد مستقر وآمن أن يعاني من التناقضات والإحباط عند نقلهم إلى الأراضي المحتلة المتورطة في قضايا الأمن والتوتر، وفي الواقع إن الأعمال البطولية للمقاتلين الفلسطينيين الشباب جعلت المجتمع الصهيوني يفقد الثقة بالقادة الصهاينة.
يعاني المجتمع الصهيوني من انقسامات مختلفة وفضائح عديدة تلاحق قادته، ويجب أن نضيف هذه الاشياء كلها إلى التحذيرات التي أطلقها مركز الأمن الداخلي التابع للنظام الصهيوني مرات عديدة حول انهيار المجتمع. إن ما يتعامل معه المجتمع الصهيوني هو أزمة هيكلية حقيقية، وهذا يدل على أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يكون دولة طبيعية، لأن العنصرية قد اخترقتها. ومن الأمثلة الملموسة للانقسام داخل المجتمع الصهيوني المشاكل المتعلقة بالأشخاص المتدينين والعلمانيين الذين لا يستطيعون التعايش في ذلك المجتمع. ومن هنا نستنتج أن النظام الصهيوني يعاني من اختلافات دينية وسياسية نفسية واجتماعية، والعنف المتفجر أمر طبيعي بسبب هذه الاختلافات في المجتمع الصهيوني، ومن المتوقع أن نشهد حربًا أهلية في الأراضي المحتلة في المستقبل. لذلك، وكما قال قادتنا العظام وكتب شهداؤنا بدمائهم الطاهرة، فإن "تدمير النظام الصهيوني مؤكد" وفجر النصر والتحرير قريب جدًا.
وسط تصعيد احتمالية انهيار حكومة النظام الصهيوني، حذر "تامير باردو"، الرئيس السابق للموساد، مؤخرًا من حدوث انهيار وشيك داخل النظام. ويؤكد أن إسرائيل دولة غنية ومزدهرة لكنها منهارة ومغامراتها لا تنتهي. وبعد أربع معارك انتخابية في عامين، شكلت إسرائيل حكومة ائتلافية فازت بأغلبية في الكنيست وهذه هي حكومة إسرائيل. وحسب المسؤول الأمني الكبير السابق، فإن الحديث عن انهيار إسرائيل لا يشير إلى تهديدات أعداء أجانب مثل إيران وحزب الله، لكن إسرائيل نفسها اختارت هذا الانهيار.
على ما يبدو، يشير هذا المسؤول الصهيوني إلى حالة السياسة والحكم في الكيان الصهيوني خلال السنوات القليلة الماضية، والتي لطالما كانت مفتاح الصراع بين الأحزاب السياسية ودومينو الانتخابات المبكرة.. الوعد بانهيار النظام الصهيوني أصبح شعار مستوطني الأراضي الفلسطينية المحتلة والرأي العام في العالم الإسلامي وقد سمعنا هذا الامر كثيرا من قبل قادة جبهة المقاومة حول المصير الحتمي للشعب الفلسطيني. والغريب في الامر يرجع الى سبب زيادة الاعتراف بتدمير إسرائيل بين تصريحات القادة الصهاينة.
ويقول المحلل السياسي لصحيفة هاآرتس الصهيونية "آري شاويط" ان كيان الاحتلال الصهيوني يلفظ أنفاسه الاخيرة ويضيف في احد تحليلاته "لا مكان للعيش في هذا البلد بعد الان، يجب ان نذهب الى سانفرانسيسكو أو برلين، من الممكن ان نكون قد عبرنا نقطة اللاعودة ولا مجال بعد لانهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والتوصل الى السلام او امكانية اصلاح المستوطنين أو انقاذ الديمقراطية وتجزئة البلد". اما جنرال الاحتياط في الجيش الصهيوني والخبير السياسي في شؤون الصراع العربي الصهيوني "شائول آرئل" فقد كتب ايضا في صحيفة هاآرتس ان الكيان الصهيوني اعتمد استراتيجية جعلت تحقيق "الحلم الصهيوني" في فلسطين مستحيلا وان الكيان يمضي قدما في طريق تبديد هذا الحلم بشكل نهائي.
وكان رئيس الوزراء الصهيوني السابق بنيامين نتنياهو قد انضم ايضا الى قافلة الاشخاص الذين عبروا عن قلقهم ازاء زوال هذا الكيان، فقد قال نتنياهو في احتفال سوكوت اليهودي في تاريخ 9 اكتوبر 2017 انه سيبذل قصارى جهده لكي يرى هذا الكيان الذكرى المئوية لتأسيسه لكن هذا ليس أمرا مؤكدا "فالتاريخ علمنا بأن حكومة الشعب اليهودي لن تدوم اكثر من 80 عاما وهذا يعود الى عهد الحشمونيين".
وتظهر التقارير الميدانية أيضًا أنه على الرغم من مرور أربعة وسبعين عامًا على قيام دولة إسرائيل، إلا أن الحكومات المتعاقبة في تل أبيب نجحت في جذب 41٪ فقط من يهود العالم. وحتى رئيس الوكالة اليهودية يحذر من أن معدل الهجرة قد انخفض من 70 ألف يهودي عام 2000 إلى 43 ألفًا عام 2001، ثم 30 ألفًا عام 2002 و 19 ألفًا عام 2013-2003، ويبلغ الآن حوالي 10 آلاف يهودي. هذا على الرغم من حقيقة أنه حسب استطلاع داخلي أجراه الصهاينة، فإن أربعين في المئة من اليهود فكروا بالهجرة إلى الخارج إذا كانت هناك فرصة جيدة بسبب انعدام الأمن وتدهور الوضع الأمني ومخاوف من التوترات العسكرية. بشكل عام، يؤكد هذا الاتجاه أكثر من أي وقت مضى تصريح تامير باردو، الرئيس السابق للموساد، بأن إسرائيل تنهار لسبب ما.