الوقت- خرج عدد من المواطنين المغاربة، الأحد، في تظاهرة حاشدة بمدينة الدار البيضاء، رفضا لقرار التطبيع مع الكيان الصهيوني، واحتجاجا على غلاء الأسعار، الذي شمل مجموعة من المنتجات.
وقادت الجبهة الاجتماعية المغربية، هذه المسيرة الشعبية، انطلاقا من ساحة “النصر” في مدينة الدار البيضاء، تحت شعار “مناهضة الغلاء والقمع والتطبيع”.
وعبر المشاركون في هذه الوقفة عن رفضهم قرار تطبيع المملكة المغربية مع "إسرائيل"، وعودة العلاقات بين الجانبين، إضافة إلى احتجاجهم ضد ارتفاع الأسعار، وتزايد نسبة الفقر.
وشهدت الوقفة الاحتجاجية بعد دقائق من التجمع، تدخلا أمنيا من أجل فض الحشد وتفريقه، حيث ضم العشرات من المواطنين، الذين حملوا شعارات من قبيل: “الشعب يريد إسقاط الفساد”، و”كلنا ضد الغلاء والتطبيع والقمع”.
وطالب اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمراجعة اختيارات الحكومة القائمة، وتصورها الذي يتبنى التقشف، ووضع حد لموجة الغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات والتوجه نحو ضمان الأمن الغذائي والطاقة.
وفي كلمة له خلال الوقفة، أكد المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية، أن منع المسيرة لن يحول دون مناهضة ارتفاع الأسعار والتطبيع. وكانت مناهضة التطبيع مع "إسرائيل" حاضرة بقوة في الوقفة التي شارك فيها نحو 400 مشارك وسط حضور أمني كبير، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية وصور الصحفية شيرين أبو عاقلة، بينما عمد مشاركون إلى إحراق العلم الإسرائيلي.
وقال الحقوقي عزيز غالي إن هذه الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها الجبهة الاجتماعية المغربية تأتي لثلاث أسباب، منها تفقير الشعب المغربي إذ لا يمكن أن يكون هناك 25 مليون فقير في المغرب، ثم بسبب استمرار ظاهرة الاعتقال السياسي، وعدم الإفراج عن معتقلي الرأي والتعبير ومعتقلي حراك الريف، وكذا الاحتجاج على سياسة التطبيع التي ينهجها المغرب.
وأضاف غالي، إنه كان يطمح إلى أن تكون هذه الوقفة، التي تعبر عن غضب المواطنين والمواطنات على سياسة الحكومة، بشكل سلمي، ودون قمعها ومنعها من قبل الأمن، مشيرا إلى أن هذا التدخل القوي خلف إصابات في صفوف المحتجين.
وأكد غالي في سياق تصريحه، أن الاحتجاجات ستستمر أمام الاعتقالات السياسية المتزايدة، ونهج سياسة التطبيع مع "إسرائيل"، وارتفاع عتبة الفقر بالمغرب.
وبثت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للاحتجاجات التي تخللها إلقاء كلمات من طرف نشطاء في الجبهة، استنكروا تواصل القمع بالموازاة مع غلاء الأسعار، دون وجود مخططات واضحة من طرف الحكومة على الرغم من حصولها مؤخرا على قرض يقدر بـ 350 مليون دولار من البنك العالمي لمساندة ودعم الاقتصاد الأزرق، فيما تتسع رقعة الفقر بين المواطنين المغاربة نتيجة الأزمة الإقتصادية الخانقة.
وعلى الرغم من فرض القوات المغربية حصارا أمنيا مشددا أمام مقر نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والشوارع المحاذية له، إلا أن هذا التدخل الأمني القوي لم يمنع المحتجين من التعبير عن غضبهم من غلاء المعيشة وتقييد الحريات والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
وعبر المشاركون في الوقفة الاحتجاجية عن رفضهم لغلاء المعيشة، وهو ما يتجلى من خلال مستوى التضخم الذي ينتظر أن يصل في العام الحالي إلى أكثر من 4 في المئة.
وردد المتظاهرون عدة شعارات تعبر عن رفض الوضع المتردي والتطبيع، ومن بينها “عاش الشعب عاش عاش.. هذا الشعب ماشي أوباش”، “الدولة حقارة .. هكذا حال الفقراء” ، “رافضون رافضون لقضاء التعليمات”، “الدولة ميسورة.. جماهير مقهورة” و”التطبيع خيانة.. فلسطين أمانة”.
وانتقد المشاركون سعي الأجهزة الأمنية قمع هذه التظاهرات، حيث تدخلت بقوة لتفريقهم إلا أن إصرار المتظاهرين الذين تجمعوا بأعداد كبيرة أفشل التدخل الأمني، لترتفع الحناجر بترديد شعارات “هذي الدولة قمعية، نكارة للحرية والشعب الضحية”، “واهيا واهيا اللي حاكمينا مافيا” و”باي باي زمان الطاعة، هذا زمان المواجهة”.
وأصبح يوم الأحد من كل أسبوع موعدا يجمع العديد من المواطنين، الذين تتوحد مطالبهم الاجتماعية، إذ يختارون الشارع مكانا للتعبير عن رغباتهم والانتفاضة في وجه المسؤولين بسبب بعض القرارات، التي كانت آخرها ارتفاع أسعار المنتوجات الغذائية، وقبلها الاحتجاجات التي نددت بإسقاط قرار إلزامية جواز التلقيح، وغيرها من المطالب الأخرى.
وندد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بقمع الوقفة الاحتجاجية الحاشدة، كما استنكر عزيز غالي في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية “التدخل العنيف لقوات الأمن المغربية ضد المتظاهرين السلميين المحتجين على الزيادات المهولة في الأسعار خلال الفترة الأخيرة، وضد انعدام الحريات، والتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، ما خلف عديد الإصابات في صفوف المتظاهرين”.
وقال الحقوقي المغربي ، “إن نظام المخزن دائما يكشر عن وجهه القبيح ، ويقمع المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة”، مشيرا الى انه كان من المقرر تنظيم مسيرة وطنية لكن السلطات المغربية رفضت الترخيص لها، ما اضطر الجبهة الاجتماعية المغربية، و الهيئات الحقوقية المنضوية تحت لوائها الى تحويلها الى وقفة احتجاجية عرفت حضورا كبيرا للمناضلين وعموم الشعب المغربي، رغم الحصار الأمني.
وأبرز الحقوقي ذاته، ان النظام” يعتقد انه بهذه الأساليب القمعية سيوقف غضب الشعب المغربي الناقم على الظروف المعيشية و الانتهاكات الحقوقية، لكنه لن يتوقف عن نضاله المشروع من اجل حقه في العيش بحرية و كرامة وفي ظل دولة الحق والقانون”.
كما توعد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمزيد من البرامج النضالية، التي ستسطرها الجبهة الاجتماعية المغربية خلال الأيام القادمة، مشددا على ان الحصار الأمني لن يثني الشعب المغربي عن انتزاع حقوقه المشروعة.