الوقت - حضر وزراء خارجية الدول العربية الأربع، مصر والإمارات والبحرين والمغرب، اجتماعاً في 27 مارس 2022، حضره وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في النقب المحتل.
وزير الخارجية الإسرائيلي وصف الاجتماع السداسي بأنه لقاء تاريخي نوقشت فيه مختلف القضايا السياسية، ولا سيما الملف النووي الإيراني.
ويأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي وصل فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الأراضي المحتلة في 26 مارس 2022، للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد ووزير الحرب بيني غانتس. ولذلك، يمكن اعتبار الاجتماع السداسي الأخير مبادرةً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في الأساس.
وهکذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هو الهدف من عقد مثل هذا الاجتماع؟ وما هو دافع البيت الأبيض لمبادرته الجديدة في الأراضي المحتلة؟
محاولة لإخراج عملية التطبيع الفاشلة من الركود
تشير ترکيبة اللاعبين الحاضرين في القمة السداسية بوضوح، إلى أن واشنطن تخطط بشكل أساسي لإحياء عملية التطبيع الفاشلة للعلاقات العربية مع الکيان الصهيوني.
ووجود الإمارات والبحرين والمغرب كركائز رئيسية ثلاث لعملية تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، يشير بوضوح إلى أن البيت الأبيض يريد إنعاش عملية التطبيع الراكدة.
وتأتي محاولة واشنطن الجديدة لإحياء عملية تطبيع العلاقات، في وضع لم تدخل فيه أي دولة عربية أخرى هذه العملية، بعد العملية الأولية لقبول التطبيع من قبل الإمارات والبحرين والمغرب تحت ضغط واشنطن في عهد ترامب.
کما أن عدم انضمام دولة مثل السعودية إلى هذه العملية يثبت بوضوح أن عملية تطبيع العلاقات قد توقفت، ولا تستطيع واشنطن، رغم ما أظهرته مؤخراً، أن تحقق إنجازاً خاصاً في هذا الصدد.
وعلى الرغم من أن تطبيع العلاقات بين العرب والکيان الصهيوني من وجهة نظر واشنطن يعدّ خطوةً مهمةً في الحفاظ على أمن هذا الکيان، الذي يعتبر أحد ركائز الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، إلا أن هناك قضيةً أخرى مهمة وهي بناء التحالفات الإقليمية ضد محور المقاومة وإيران، من أجل تقليل وجود وعبء المسؤوليات الأمنية الأمريكية في منطقة غرب آسيا والخليج الفارسي.
السعي لتعزيز التحالفات ضد إيران
كما ورد في الأهداف الأولية للاجتماع السداسي من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي، كان الاتفاق النووي ومسألة نفوذ إيران الاقليمي أحد الموضوعات الرئيسية للاجتماع.
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تقريب محور الدول العربية من الکيان الصهيوني عن طريق إيران فوبيا، لتشکل بهذه الطريقة ائتلافاً ضد نفوذ إيران الاقليمي، وخاصةً حزب الله وحماس وأنصار الله.
فيما يتعلق ببرنامج البيت الأبيض الخاص لبناء التحالف العربي-الصهيوني ضد إيران، من المهم الإشارة إلى أن مثل هذه الخطة ليست جديدةً في الأساس، وعلى مدى العقود الماضية اتبعت واشنطن دائمًا هذه الاستراتيجية، لكنها لم تنجح أبدًا على أرض الواقع.
وفي الوضع الراهن، يمكن اعتبار هذا الحلم الأمريكي بتشكيل تحالف ضد إيران فاشلاً؛ لأنه من ناحية، بسبب غياب دول مثل قطر وعمان والكويت، تظل هذه الخطة شعارًا أجوف. ومن ناحية أخرى، فإن وجود حلفاء مثل سوريا والعراق ولبنان بين العرب إلى جانب إيران، أدى إلى إفشال الخطة الأمريكية أكثر من أي وقت مضى.
وبشكل عام، لا يبدو أن هذا اللقاء يمکن أن يتخذ خطوةً عمليةً نحو ما يسمى بمواجهة إيران، باستثناء کونه عرضاً دعائياً.
جهود واشنطن لمعالجة المخاوف الإسرائيلية بشأن الاتفاق النووي
الجانب المهم الآخر من الاجتماع السداسي الأخير في الأراضي المحتلة، هو الجهود الأمريكية لمعالجة مخاوف الکيان الصهيوني بشأن إمكانية إحياء الاتفاق النووي خلال محادثات فيينا.
في السنوات الأخيرة، وخاصةً في الأشهر الأخيرة، لم يدخر المسؤولون الإسرائيليون أي جهد لمعارضة الاتفاق النووي وإفشال المفاوضات بشأن الاتفاق النووي مع طهران. وتشمل جهود الکيان مجموعةً واسعةً من الإجراءات الميدانية والدبلوماسية والضغوط والمعارضة اللفظية.
تسعى الولايات المتحدة الآن إلى طمأنة الکيان الصهيوني بشأن تقليل وجودها في منطقة غرب آسيا. ذلك أن الانسحاب الكارثي للولايات المتحدة من أفغانستان، وغياب الدعم الأمريكي لأوكرانيا في مواجهة العمليات العسكرية الروسية الخاصة، وعدم الدعم الأمريكي للسعودية في مواجهة أنصار الله في اليمن، قد أثار مخاوف القادة الإسرائيليين من أن واشنطن لن تكون مستعدةً بعد الآن لتحمل تبعات دعم الکيان.
لذلك، يبدو أنه عشية الانتهاء من عملية إحياء الاتفاق النووي، يسعى أنتوني بلينكن، بالسفر إلى الأراضي المحتلة وعقد اجتماع سداسي الأطراف، إلى طمأنة القادة الصهاينة بأن واشنطن ستواصل دعم الکيان إذا تم التوصل إلى اتفاق في فيينا.
في غضون ذلك، من أهم مشاكل الكيان الصهيوني هي قضية إحياء محادثات التسوية مع محمود عباس، فضلاً عن التهديدات المتكررة لمقاومة غزة ضد الأراضي المحتلة، بسبب عدم امتثال الکيان الصهيوني لالتزامات وقف إطلاق النار بعد معرکة سيف القدس.
وعلى هذا الأساس، يأتي حضور وزير الخارجية الأمريكي إلی رام الله ولقائه برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والمحادثات مع المسؤولين المصريين، وهم الوسطاء الرئيسيون بين حماس وتل أبيب.