الوقت - يستمر الوضع الاقتصادي في تركيا في التدهور، وتشير آخر التقارير إلى تضخم بنسبة 50٪ في هذا البلد.
وفي هذا الصدد، يُقال إن فشل السياسة النقدية لأردوغان ورفضه رفع أسعار الفائدة، دفعا التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى له منذ عقدين، أي 48.7 في المئة. ويتوقع وزير المالية التركي نور الدين نباتي أن يظل التضخم أقل من 50 بالمئة، ويبلغ ذروته في أوائل الربيع.
وعلى الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقول منذ أشهر إن الزيادات في الأسعار مؤقتة، ويمكن للحكومة أن تخفف عبء ارتفاع تكاليف المعيشة، فقد وصل التضخم في تركيا إلى 48.7٪، وهو أعلى رقم منذ 20 عامًا.
وأعلن معهد الإحصاء التركي، أن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 11.1٪ في الشهر الأول من العام الجاري مقارنةً بالشهر السابق. في غضون ذلك، توقع المحللون زيادة الأسعار بين 9 و 10 في المئة هذا الشهر.
لماذا تدهور الاقتصاد التركي؟
في العام الماضي، وبسبب جائحة كوفيد 19، انخفض دخل تركيا من صناعة السياحة بشكل حاد. كما فشلت الشركات الصغيرة في تسجيل مبيعات جيدة العام الماضي.
وفقًا لذلك، بعد وباء كوفيد 19 في تركيا، حاولت الحكومة خلق أموال غير مدعومة لإجبار مثل هذا المحرك على دفع اقتصاد البلاد، واستطاعت هذه السيولة غير المدعومة في فترة قصيرة من الزمن أن تسبب مشاكل للاقتصاد التركي. والسبب الآخر لتخفيض قيمة الليرة التركية، هو انخفاض أسعار الفائدة المصرفية في البلاد.
قرر رجب طيب أردوغان خفض أسعار الفائدة المصرفية عدة مرات خلال الركود الناجم عن كورونا، وبهذا القرار بدأت العملة الوطنية للبلاد في الانخفاض.
وتظهر البيانات الرسمية لشهر نوفمبر، أن التضخم في تركيا وصل إلى 21.3٪ مقارنةً بالعام الماضي، على الرغم من أن المحللين يقدرون أن التضخم من المرجح أن يكون أعلى من ذلك.
تعدّ زيادة السيولة، وانخفاض أسعار الفائدة المصرفية، وزيادة التضخم وزيادة الديون الخارجية، من أهم العوامل في انخفاض القيمة الجوهرية للعملة الوطنية التركية. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الرئيس أردوغان يعارض ارتفاع أسعار الفائدة، بحجة أنه سيزيد التضخم.
ويعتقد الاقتصاديون والمستثمرون أن المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة سيؤدي إلى انخفاض العملة مرةً أخرى. ويقولون إن انخفاض القوة الشرائية التركية قد يؤدي في النهاية إلى تباطؤ في الاقتصاد أو حتى الركود.
ويقول سليم سازاك الباحث في جامعة بيلكنت في أنقرة: "لقد ذهب السوق إلى ما هو أبعد من إرسال الإشارات، فهو يصرخ بکل ما لهذه الکلمة من معنی علی الحكومة للتوقف عن القيام بذلك".
وحسب هؤلاء الخبراء، فإن ضعف الليرة سيؤدي إلى زيادة التضخم وزيادة تكلفة استيراد السلع الأساسية مثل الأدوية وبعض المواد الغذائية والغاز الطبيعي، والتي يتم تداولها بالدولار واليورو.
وفي مثل هذه الظروف، تری بعض التيارات المعارضة الداخلية في تركيا، بأن المخرج من هذا الوضع هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في هذا البلد في أسرع وقت ممكن.
لجوء أردوغان إلی احتياطيات الشركات
بما أن التضخم المتزايد في تركيا أدى إلى انخفاض شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية، فقد اتخذ أردوغان خطوات لخفض التضخم لمنع شعبيته من التراجع.
ربما يكون الأمر الأكثر منطقيةً في مثل هذه الحالة هو رفع أسعار الفائدة لمنع التضخم من الارتفاع، لكن المشكلة الأساسية أن هذا الأمر مخالف لقرارات الرئيس. وبالتالي، فإن تصرفات أردوغان، التي تتعارض تمامًا مع الحلول التي يقترحها الاقتصاديون، تؤدي إلى تفاقم الوضع باستمرار.
لمنع الليرة من الانخفاض، أدخل أردوغان أولاً كميةً كبيرةً من احتياطيات البنك المركزي في السوق. ولكن بما أن احتياطيات البنك المركزي آخذة في الانخفاض، فكان لابد من الحصول على العملات المعنية من مكان آخر. وكان أحد مصادر العملة المتاحة يتعلق بشركات التصدير.
بموجب القانون، طُلب من الشركات بيع 25 في المئة من أرباحها من النقد الأجنبي للحكومة. وتشير التقديرات إلى أن مثل هذه اللوائح ستضيف 1.25 مليار دولار أسبوعياً إلى احتياطيات البنك المركزي بحلول الأسبوع الأول من شهر يناير؛ لكن الإجراءات اللاحقة أظهرت أن هذه اللوائح لم تكن فعالةً جداً.
وإضافة إلى تحديد كمية العملة المخصصة لمكاتب الصرافة، اشتكت الشركات من ضغوط السلطات لتجنب شراء العملات الأجنبية. وقد تكهن مسؤولو النقد الأتراك بأن أرباح العملات الأجنبية من الموسم السياحي يمكن أن تدر عائدات كافية لمعالجة الخلل التجاري؛ لكن الوضع يزداد سوءًا باستمرار.
وعلاوةً على حقيقة أن أياً من هذه الإجراءات لم تسفر عن النتائج المرجوة للسلطات لخفض التضخم، فإن طلب الحكومة من الناس الاحتفاظ بالليرة لم ينجح أيضًا.
إن حزم الدعم التي كشف عنها أردوغان في ديسمبر أوقفت مؤقتًا انخفاض قيمة الليرة في الأسبوع الأول من يناير؛ لكن الحملات الإعلانية اللاحقة وإحصاءات التضخم الجديدة تظهر أن أياً من هذه السياسات ليست فعالةً على المدى الطويل.
في غضون ذلك، أعلن البنك الدولي في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي، أن النمو الاقتصادي لتركيا سينخفض إلى 2٪ هذا العام و 3٪ في عام 2023، بعد تسجيله معدل 9.5٪ في عام 2021.
هذا على الرغم من حقيقة أن البنك الدولي توقع في تقريره السابق معدل النمو الاقتصادي لتركيا للعامين المقبلين عند 5 و 4.5 في المئة على التوالي.
في غضون ذلك، شككت أحزاب المعارضة في الأرقام الرسمية التي قدمها مكتب الإحصاء الوطني التركي، قائلةً إن التضخم الحقيقي قد تضاعف على الأقل. من ناحية أخرى، اتهم أردوغان مكتب الإحصاء بالمبالغة في حجم الأزمة الاقتصادية في تركيا.