الوقت - كانت هناك تقارير في الأسابيع الأخيرة عن فضيحة أخلاقية تورط فيها يوسي كوهين، الرئيس السابق لجهاز التجسس الإسرائيلي، الموساد.
كوهين، الذي شغل منصب رئيس الموساد حتى يونيو 2021 مع تمديد لمدة ستة أشهر من قبل نتنياهو، بعد حوالي 6 أشهر من التنحي، يقترب الآن من العزلة والخروج الدائم من السلطة بسبب فضيحة أخلاقية.
مراجعة لرئاسة كوهين في الموساد
بصفته رئيساً للموساد، كان كوهين أول رئيس لجهاز التجسس هذا يخرج من دوائر صنع القرار من الموساد نفسه.
تم تجنيده من قبل وكالة التجسس هذه في السبعينيات، وانتقل في نهاية المطاف إلى محطة الموساد في أوروبا لرئاسة المحطة. وفي عام 2013، أصبح رئيسًا لمجلس الأمن التابع للکيان الصهيوني، وبعد ذلك بعامين، أي في عام 2015، أصبح رئيسًا للموساد بمرسوم أصدره نتنياهو.
كانت نهاية عام 2020 بمثابة نهاية حكم كوهين للموساد لمدة خمس سنوات، لكنه ظل في منصبه حتى يونيو 2021، عندما مدَّد نتنياهو فترة ولايته ستة أشهر.
كوهين... خبير الاغتيالات
"ميشيل ستروفسكي" في كتابه "طريق الخداع"، عندما يتحدث عن الخريجين الذين دربهم الموساد في السبعينيات، يعتبر يوسي كوهين کالطالب المتفوق بين هؤلاء الخريجين.
كان تخصص كوهين في الموساد هو الاغتيال بشکل واضح، ووقعت خلال رئاسته للموساد اغتيالات كبرى كان أهمها اغتيال اللواء سليماني في نهاية فترة رئاسته.
كما حدثت خلال هذه الفترة اغتيالات لقادة المقاومة مثل "بهاء أبو العطا" و"حسان اللقيس" و"مصطفى بدر الدين" و"سمير القنطار". في غضون ذلك، تم اغتيال واختطاف علماء نوويين إيرانيين خلال فترة عمله في محطة الموساد الأوروبية، التي نفذت عمليات الاغتيال والخطف هذه.
"كوهين" الذراع الأيمن لنتنياهو
يوسي كوهين، حسب كل الدوائر الداخلية في الكيان الصهيوني، كان منفذ أوامر نتنياهو.
وفي عملية تطبيع العلاقات، قام بتشكيل جميع العلاقات التي يجب تشكيلها في هذا المجال. وكان ذلك في حين أن مشروع "تطبيع العلاقات" يعتبر عادةً من واجبات وزارة الخارجية الإسرائيلية.
لكن نتنياهو عيَّن كوهين مسؤولاً عن هذه القضية بسبب ثقته فيه. ولقاءاته السرية مع مسؤولي الدول التي دخلت في مفاوضات سرية مع الكيان الصهيوني للتطبيع، كانت دائماً ما تنقلها وسائل الإعلام الإقليمية.
وفيما يتصل بقطاع غزة وأسرى الکيان الصهيوني، تحدث كوهين كوسيط مع جهات مختلفة مثل مصر وقطر ودول أوروبية. وبعبارة أخری، كان ذراع نتنياهو الأيمن ورجله القوي.
جهوده في الساحة السياسية
في العام الأخير من رئاسة كوهين للموساد(2021)، فعل كل ما في وسعه لإبقاء نتنياهو في السلطة.
خرج يوسي كوهين إلی الساحة ودافع عن نتنياهو عندما انفصل بعض أعضاء حزب الليكود السابقين عن نتنياهو وشكلوا ائتلافاً للإطاحة به. في الوقت نفسه، تزايدت الشكوك في وسائل الإعلام الصهيونية بأن كوهين يستعدّ لدخول الساحة السياسية.
وفي بعض الأوساط، تم اقتراح اسمه كبديل لنتنياهو في الليكود، ووصفته بعض وسائل الإعلام بخيار "نتنياهو" لرئاسة مجلس وزراء الكيان الصهيوني. وكانت هذه التكهنات كافيةً لإغضاب معارضيه والکشف عن ملفات كوهين السرية، وسوقه إلى السقوط.
الكشف عن ملفات الفساد التي تورط فيها كوهين
بعد استقالة يوسي كوهين رسميًا من رئاسة الموساد في يونيو 2021، بدأت شائعات الفساد وعلاقاته السرية تنتشر في وسائل الإعلام.
الأولى كانت قضيةً تم كشف النقاب عنها تحت عنوان إساءة استخدام الموقع وملف كوهين الاقتصادي.
القضية هي أن كوهين، في نفس الوقت الذي كان يسعى فيه إلى "تطبيع" العلاقات، حصل أيضًا على أجر من تولي مناصب استشارية في بعض الشركات.
کما أشارت بعض التقارير الأخرى إلى أن كوهين ومن خلال الشركات التي توسطت في العلاقات مع الدول العربية، حصل على أرباح كبيرة من هذه الشركات مقابل التجارة مع الدول العربية.
تم تسريب قضية كوهين الثانية لوسائل الإعلام، بينما كانت القضية الأولى في حالة من الغموض ولم يتم الإفراج عن وثائقها رسميًا.
تتعلق القضية الثانية بعلاقة يوسي كوهين بـ "عشيقة" قيل إن جميع الدوائر الأمنية والسياسية داخل الكيان الصهيوني كانت على علم بها وتعرفها تمامًا. لكن التغطية الإعلامية للقضية کانت ضربةً کبيرةً بالنسبة لكوهين.
والآن، بعد أن صعد يوسي كوهين إلى رأس السلطة بدعم من نتنياهو، فقد شعبيته ودخل في عزلة؛ وهي العزلة التي لا يتصور أنها ستنتهي.
لماذا أصبحت فضيحة كوهين الأخلاقية علنيةً؟
كما أوردت بعض وسائل الإعلام الصهيونية، فإن قضية "عشيقة" يوسي كوهين السرية لم تكن بأي حال من الأحوال سراً بين الدوائر الداخلية والأمنية في الكيان الصهيوني، ولذلك يبقى السؤال لماذا تم تسليط الضوء علی هذه القضية في هذا التوقيت بالذات؟
الجواب على هذا السؤال هو في صعود كوهين في الساحة السياسية. دخل "كوهين" الساحة السياسية بسرعة كبيرة منذ عام مضى. ووفقًا لبعض المصادر، كان تمديد رئاسته من قبل نتنياهو لمدة ستة أشهر، هو السبب في استعداده بشكل أفضل لدخول السياسة.
لكن سبب الكشف عن علاقته السرية - التي لم تكن سريةً بأي حال من الأحوال في دوائر الأمن الداخلي - هو تسرعه في دخول الساحة السياسية، وربما تصميمه على دخول الساحة السياسية.
وقال محلل سياسي في الکيان الصهيوني في هذا الصدد، إن علاقة "كوهين" كانت معروفةً في الأوساط الداخلية للکيان الصهيوني، وكل الأوساط الداخلية كانت على علم بها.
وأضاف المحلل الصهيوني: کما أن هناك أشخاصاً آخرين أقاموا ولا يزالون يقيمون مثل هذه العلاقات، لكن سبب الکشف عن هذه العلاقات للجمهور والرأي العام في هذا التوقيت، هو لمنعه من دخول الساحة السياسية.
ومع هذا التحليل، ينبغي القول إن فضيحة "يوسي كوهين" تستند إلى حجة سياسة ميكافيلية في هذا الوقت. وهذا يعني أن الکشف عن علاقة كوهين السرية يأتي لمنعه من دخول الساحة السياسية.
في الکيان الصهيوني، العلاقات الخفية والفضائح الأخلاقية شائعة ومنتشرة تقريبًا بين معظم مسؤولي الکيان، لكن هذه العلاقات نفسها تستخدم لمنع الشخص من دخول الساحة السياسية أو طرده منها، عندما تكون هناك حاجة لتدمير شعبية الشخص لدی الرأي العام.