الوقت - أحيت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي الذكرى السنوية الـ 74 لخطة تقسيم فلسطين - المعروفة باسم "يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني". خطة تقسيم فلسطين هذه التي فُرضت على الفلسطينيين في ذلك الوقت، لم تلق قبولاً منهم على الإطلاق. لكن الكيان الصهيوني أدان بشدة اجراء الأمم المتحدة هذا. حيث ندد ممثل الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، بشدة بقرار الأمم المتحدة ورفض خطة تقسيم فلسطين، واعتبرها مقدمة لتشكيل دولة فلسطينية، وهو ما لا يوافق عليه الصهاينة إطلاقا.
قرار التقسيم
دفعت بداية الثورة في فلسطين عام 1933 بريطانيا إلى التفكير في مخرج من الأزمة. ففي 11 نوفمبر 1936 أرسلت المملكة البريطانية لجنة تسمى لجنة بيل بقيادة إيرل بيل إلى فلسطين. وعادت اللجنة إلى بريطانيا في 18 يناير 1937. كان حل هذه اللجنة هو تقسم فلسطين إلى ثلاث مناطق: منطقة تحت انتداب بريطانيا، ومنطقة لتشكيل دولة صهيونية، والأجزاء المتبقية لتشكيل دولة عربية من خلال الاتحاد مع شرق الأردن. لم يتم قبول حل اللجنة من قبل أي من الأطراف الثلاثة، الصهاينة والبريطانيون والفلسطينيون، لذلك تم تشكيل لجنة ثانية، لجنة وودهيد برئاسة جون وودهيد في عام 1938 وأرسلت إلى فلسطين.
كانت مهمة لجنة وودهيد هي مراجعة تحقيق لجنة بيل بالتفصيل وخطة تقسيم فلسطين، في ظاهر الأمر هكذا كانت القضية، لكن كان الهدف النهائي هو وضع فلسطين في قبضة الصهاينة وإقامة كيان صهيوني.
عادت لجنة وودهيد من فلسطين بخطة تقسيم وافقت عليها الأمم المتحدة في عام 1947 ، ولكن بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، ظلت الأمور غير مكتملة حتى عام 1947 فوضعت الامم المتحدة توصيات لجنة وودهيد على جدول الأعمال لحل القضية الفلسطينية.
اقترحت لجنة وودهيد تشكيل دولتين ومنطقة تحت إشراف الأمم المتحدة. دولة يهودية تضم ثلث سكان فلسطين، ومُنحت لها 57٪ من الأراضي. ودولة فلسطينية يحوز سكانها على 42٪ من الأراضي الفلسطينية وثلث منطقتي القدس وبيت لحم تحت رعاية الأمم المتحدة.
تم تقديم هذا الاقتراح للتصويت بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181 كقرار لتقسيم فلسطين. وفي 29 نوفمبر 1947، تم تمرير القرار بموافقة 33 صوتا ومعارضة 13 صوتا وامتناع 10 عن التصويت.
على الرغم من تمرير القرار، إلا أنه لم يكن بأي حال من الأحوال ما يريده الفلسطينيون لأنه سيأخذ القدس منهم ويعطي 57 في المئة من أراضيها للصهاينة، الذين كانوا في ذلك الوقت، على الرغم من كل الهجرة الجماعية، يشكلون ثلث سكان فلسطين.
ما وراء تصريحات ممثل الكيان الإسرائيلي
احتج جلعاد أردان ممثل الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة، مؤخرا بشدة على احياء الذكرى السنوية لقرار الأمم المتحدة بشأن فلسطين، معتبرا ذلك خطوة نحو تعزيز "حق العودة". وقال، في 29 تشرين الثاني قبل 74 عاما، اعترفت الأمم المتحدة بحق الشعب اليهودي في انشاء دولة يهودية. ووافقت إسرائيل على خطة التقسيم، لكن الفلسطينيين والدول العربية عارضتها وحاولت تدميرها.
وفي هذا الصدد، احتج ممثل الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة، بالتعاون مع المؤتمر اليهودي العالمي، على تلك الخطوة من خلال تسيير شاحنات في مدينة نيويورك كُتب عليها "لا تمحو التاريخ اليهودي".
مغالطات الصهيونية وحقيقة الأمر
المغالطة الأولى، يستخدم ممثل الكيان الصهيوني في تصريحاته النقطة الأولى في اجراء الأمم المتحدة، وهو الاعتراف بالدولة اليهودية في خطة تقسيم فلسطين. لكنه يرفض النقاط التالية.
المغالطة الثانية التي يعترض عليها «أردان» قبول الكيان الصهيوني بـ «قرار التقسيم». بينما الصهاينة مثل الفلسطينيين عارضوا هذا القرار.
تشير مغالطة أردان الثالثة إلى طرد داعمي الصهاينة باعتبارهم يهودا من دول المنطقة. وزعم أردان أن اليهود طردوا من الدول العربية وإيران، بينما هاجر أولئك اليهود الذين دعموا الكيان الصهيوني إلى فلسطين طواعية. واجه هؤلاء اليهود في البداية معارضة البلدان الأصلية لأنه لم يرغب أي من البلدان الأصلية في خسارة سكانه ومساعدة الكيان الصهيوني بهؤلاء السكان. لكن الكيان الصهيوني، نقل هؤلاء السكان إلى فلسطين بطريقة غير شرعية. في الوقت نفسه، بقيت نسبة كبيرة من اليهود في بلدانهم الأصلية وما زالوا يواصلون حياة جيدة في هذه الدول كأقلية يهودية.
كانت مغالطة أردان الرابعة هي أنه عندما رأى الكيان الصهيوني أن بعض اليهود لا يهاجرون إلى فلسطين، حاول بطرق مختلفة إجبارهم على الهجرة. وأجبرت بعض الحكومات العميلة هذه الأقليات على المغادرة بعد تلقي فدية من الكيان الصهيوني. كان هذا الجزء الوحيد الذي ذهب إلى فلسطين بالإجبار نتيجة الأساليب التي مارسها الكيان الصهيوني. كما هربت مجموعة أخرى من اليهود إلى فلسطين بسبب زعزعة الاستقرار التي قام بها الموساد في موطنهم الأصلي. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الانفجار الكبير الذي أحدثه الموساد في كنيس يهودي في بغداد لترهيب من تبقى من اليهود ونقلهم إلى فلسطين.
المغالطة الخامسة هي أن الكيان الصهيوني أصبح عضوا في الأمم المتحدة عام 1949 ، بحكم الواقع وشرط تنفيذ حق العودة والعودة للفلسطينيين الذين تم تهجيرهم قسراً من أراضي عام 1948. شرط لم يحققه بعد، ولهذا يجب القول إن عضويته في الأمم المتحدة غير شرعية وغير قانونية. هؤلاء الصهاينة الذين وافقوا على إعادة الفلسطينيين يرفضون ذلك الآن. بالإضافة إلى ذلك، عندما كان الصهاينة يتفاوضون مع منظمة التحرير الفلسطينية كان "حق العودة" جزءا من المفاوضات حتى عام 2014 وكان من المفترض أن يعترفوا بالدولة الفلسطينية داخل حدود عام 1967. والآن يعتزم الصهاينة استبدال موضوع "حق العودة" بقضية جديدة مزيفة تسمى "اللاجئون اليهود".
دأب الكيان الصهيوني خلال 73 عاما من احتلال فلسطين دائما على عبور حدود الإنسانية وتزييف أشياء جديدة. ينكر الأشياء التي وعد بتنفيذها ويخلق حقوقاً لنفسه عن طريق تزوير التاريخ. أثبتت التجربة أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا الكيان هي المقاومة. وحدها المقاومة استطاعت وضع حد لأطماع الكيان وتحجيمه في مكانه.