الوقت- خلال يومين فقط قتلت قوات الاحتلال الاسرائيلي شابين فلسطينيين بحجة أن الأول قام بعملية طعن بحق جنود اسرائيليين والثاني دهس جنود الاحتلال على حاجز جبارة شمال الضفة الغربية.
السؤال الذي يخطر في بالنا، ماذا يتوقع الاسرائيلي من الشعب الفلسطيني؟، هل يتوقع أن ينثر له الورد والياسمين. الفلسطينيين لا يمكن أن يروا الاسرائيلي سوى محتل ويجب محاربته بجميع السبل الممكنة حتى الوصول إلى التحرير.
الوسائل التي يستخدمها الفلسطينيون لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي متنوعة، وباتت عمليات الدعس والطعن الأسلوب المنتشر، خاصة في الضفة الغربية وداخل أراضي الخط الأخضر، في ظل استمرار الاعتداءات على الفلسطينيين وعلى المسجد الأقصى.
واستخدم الفلسطينيون سلاح الدعس والطعن طوال فترات مقاومتهم المحتل الإسرائيلي، لكنه بات أكثر استخداما سواء داخل القدس أو في الضفة الغربية المحتلة، مع العلم بأن قوات الاحتلال تقوم عادة بقتل الفلسطينيين وتزعم أنهم قاموا بعملية دعس أو طعن ضد الإسرائيليين.
فجر اليوم مثلا اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منزلاً في الحي النمساوي بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، يعود لعائلة فتى تتهمه قوات الاحتلال بتنفيذ عملية دهس لجنودها على حاجز جبارة العسكري المقام جنوب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، فجراً.
ووفق الإعلام العبري، أسفرت عملية الدهس عن إصابة جندي إسرائيلي بجروح خطيرة، فيما أطلق الجنود المتواجدون على الحاجز النار باتجاه المنفذ.
ويوم السبت استشهد فلسطيني، إثر إطلاق الشرطة الإسرائيلية النار عليه بدعوى تنفيذه عملية طعن في منطقة "باب العامود" وسط القدس المحتلة، بحسب إعلام عبري.
وخلال السنوات الأخيرة، أطلقت قوات الاحتلال النار من مسافة قريبة و"بدم بارد" على العديد من المواطنين الفلسطينيين، على الحواجز المنتشرة بالضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد عدد كبير منهم بدعوى أنهم كانوا يحاولون تنفيذ هجمات.
وتؤكد تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، أن أغلب ادعاءات قوات الاحتلال بالخصوص، غير صحيحة، وأنها أطلقت الرصاص على فلسطينيين كثيرين لم يشكلوا لها أي تهديد، ما يعكس استمرار الاحتلال في سياسة الاستهداف المباشر للفلسطينيين، واستهتاره بحياتهم، والاستخدام المفرط للقوة.
عمليات الطعن والدهس جاءت لتؤكد ان الانتفاضة ليس بالضرورة ان تكون قرارا رسميا، بل هي فعل شعبي، ستتولد من تراكم الشرارات التي يولدها هؤلاء الشهداء الابرار، لان كرة ثلجهم ستكبر يوما بعد يوم، وساعتئذ لا ينفع سيل التصريحات ولا الادانات.
وان القدس مهما حدث فيها من اجراءات تهويدية، وسياسات تعسفية، فلن يتطبع اهلها معها، بل سيواجهونها، بكل الاسلحة المتاحة، والتي وصلت الى حد الابداع والاقدام الشجاع، من الطعن الى الدهس، واستعمال القضبان والمعاول.
ان ما يحصل من عمليات دهس وطعن، قتل حالة الاحباط، عند الشباب الفلسطيني، وقتل التطبيع والتعايش المفروض عليهم، وأعاد إلى وعيهم التراث النضالي الفلسطيني، فأصبح المستوطنون يشعرون بالرعب، ويجب أن يشعروا به فوق كل ذرة تراب من أرضنا، أو في الحد الأدنى في المناطق التي ندعي السيادة عليها.
الدلالة الأكثر أهمية من خلال هذه العمليات ظهرت من خلال حجم ومستوى الرعب الذي يخيم على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية في إسرائيل، ويلقي بظلاله القاتمة على المجتمع الإسرائيلي، تكمن في طبيعة التعتيم الإعلامي المفروض على مجريات الأحداث، وتم بموجبه حجب الكثير من الأحداث والوقائع الميدانية.
وكذا الأمر بالنسبة للهبات المحدودة المتفرقة التي كانت تندلع لفترة زمنية وجيزة، فقد تركت أثرا محدودا وغلب عليها الطابع العسكري أحيانا، والطابع الشعبي العام أحيانا أخرى.
غير أن الهبة الحالية تميزت بالإبداع الفلسطيني الفردي في مواجهة الاحتلال والمستوطنين، وغاب عنها تماما الدور الفصائلي المسلح، وضعفت فيها المشاركة الجماهيرية الواسعة، لكنها شكلت بمعطياتها وملابساتها وأحداثها ونتائجها وتداعياتها التي تتزايد باطراد يوما بعد يوم؛ الهبة الأكثر أثرا وخطورة في مواجهة الاحتلال ومشروعه الاستيطاني الإحلالي التهويدي العنصري على أرض فلسطين، والذي كان آخر المخططات المنبثقة عنه محاولة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا تمهيدا لشطبه عن خارطة الوجود وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
إن العبرة الأهم التي قدمتها الهبة الحالية للكلّ الفلسطيني على طبق من ذهب، أن الجهد الفلسطيني الفردي المبدع قادر عبر بوابة الطهر والإخلاص والصدق والعزيمة الوثابة؛ على إنجاز ما فشلت في تحقيقه الفصائل الفلسطينية المنقسمة المتصارعة، ذات التاريخ العريق والإمكانيات الواسعة والشعارات البراقة الكبرى، طيلة المراحل الماضية بأقل قدر ممكن من الخسائر الوطنية.
إن من يرصد حركة الاعتداءات الاسرائيلية يرى سلسلة لا تتوقف من الممارسات بل تتكرر بصورة شبه يومية وتأخذ اشكالا متعددة أبرزها: المداهمات والاعتقالات في الضفة الغربية والقدس، التوغل والدخول المستمر الى الاراضي الزراعية في قطاع غزة، اطلاق الرصاص على منازل المواطنين الآمنين في غزة، إطلاق الرصاص على الصيادين في بحر غزة، الاعتداءات على الفلسطينيين داخل حدود الـ48 من جرف للمنازل، تكرار استهداف قرى بعينها وجرف بصورة تامة، تهجير المواطنين من أرضهم ومنازلهم ومنع وصولهم لأراضيهم، وصولا لاغتيال الفلسطينيين من كل الأعمار والفئات بزعم قيامهم او محاولة القيام بعمليات طعن او دهس، بالاضافة للاعتداءات في المسجد الاقصى والتضييق على المصلين والاقتحامات الدائمة لباحات المسجد المبارك، ناهيك عما يجري في السجون والمعتقلات الاسرائيلية من اعتداءات بحق الاسرى ما يستتبع بين فترة وفترة من اعتصامات داخل السجون واضرابات عن الطعام واخرها كان الاضراب الاخير الذي حقق من خلاله الاسرى العديد من المطالب المحقة.