الوقت- عاد وزير الخارجية اليمني المستقيل رياض ياسين إلى سمفونيته القديمة تجاه إيران حيث أوضح الوزير العائد حديثا إلى مدينة عدن، أنه لا يحق لطهران التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، أو القيام بأي دور سياسي بين الأفرقاء اليمنيين.
كلام ياسين يأتي بعد فترة وجيزة على إكمال المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ زيارته إلى طهران، وتأكيده خلال مباحثات أجراها مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف على دور إيران "المفيد والمصيري" في المباحثات السياسية اليمنية. تصريح ياسين تزامن أيضاً وإدعاء سعودي قديم جديد حول عثور الأجهزة الأمنية السعودية على عملات إيرانية، وكميات كبيرة من الذخيرة الحية، وذلك خلال عمليات تفتيش في بلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف، وفق ما أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي.
لم يكن هذا التزامن صدفة، لأنه يأتي في إطار السياسة السعودية المتبعة منذ بدء العدوان على اليمن، حيث تعمد الرياض عند كل إستحقاق جديد أو مفترق طريق إلى إرتكاب المجازر عبر طائراتها الأمريكية من ناحية، وتخوين الجيش واللجان الشعبية، إضافةً إلى إتهامها بتفيذ أوامر خارجية (إيرانية) من ناحية أخرى، ويبقى خيار العثور على سلاح إيراني جانباً، وريثما تصلح الإستفاده منه يدخل إلى المعادلة.
رغم أن هذه الإدعاءات باتت تكرارية، وربّما مضحكة حيث تعيدني أكثر من 10 سنوات إلى الوراء، وبالتحديد إبان إحتلال العراق عندما كنت أشاهد، نظير ياسين العراقي، محمد سعيد الصحاف، إلا أنها تأتي والإتهامات السعودية في وقت يعيش العدوان على مفترق طرق لا يدري أيها يسلك، وهنا لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: تتزامن تصريحات ياسين واللواء منصور التركي مع المشاورات التمهيدية في سلطنة عمان قبل محادثات السلام المرتقبة في جنيف برعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية للأزمة اليمنية، وهي بالتالي تهدف بشكل أو بآخر للضغط على الوفد الذي قد يتأثر بزيارة ولد الشيخ إلى طهران، أو يراها تقدّما لمسار الحل السياسي للأزمة.
ثانياً: إن الإتهامات الموجّهة إلى طهران، تأتي أيضاً قبل أيام قليلة على مفاوضات جنيف المقرر عقدها في السابع والعشرين من الشهر الحالي، وهي بالتالي تهدف للضغط على أي دور إيراني أو مبادرة لإنهاء العدوان والإنتقال إلى الحل السياسي. بعبارة أخرى، لا تريد الرياض أن تتكرّر التجربة السورية في اليمن، أي أنها لا تريد أي دور إيراني في مفاوضات جنيف، كما حصل في مفاوضات فيينا السورية.
ثالثاً: تحاول الرياض التغطية على فشلها العسكري وعدم قدرتها في الحصول على أي إنتصار قابل للإستثمار على طاولة المفاوضات، بل على العكس شهدت الفترة الأخيرة منذ تأجيل الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي المفاوضات الشهر الماضي بإيعاز سعودي لتحقيق إنتصارات عسكرية على الجيش واللجان الشعبية، شهدت إنتصارات يمنية ضخمة حيث باتت اللجان على مشارف قاعدة العند الجوية، رغم إستقدام السعودية آلاف المرتزقة، وإعلانها إنطلاق معركة تعز التي خسرت في إحدى كمائنها عند باب المندب حوالي 200 قتيل من مرتزقة "التحالف".
رابعاً: إن هذه الإتهامات تسعى لحرف الرأي العام، الإقليمي والدولي، عن المجازر التي ترتكبها السعودية منذ بدء العدوان على اليمن، إضافة إلى سعيها للزجّ بإسم طهران في محافل الإدانة للعابثين بأمن وسلامة وإستقرار الشعب اليمني.
خامساً: لا يمكن فصل هذه الإتهامات عن أحداث فرنسا التي أثبتت للعالم الدور السعودي-التركي التخريبي للأمن الدولي. في الحقيقة، تحاول الرياض حرف أنظار الرأي العالمي عن دعمها للجماعات الإرهابية في سوريا من ناحية، ومجازرها في اليمن من ناحية أخرى، وذلك عبر الإتهامات الزائفة بحق الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لم تكن هذه الإتهامات هي الأولى من نوعها، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، إلا أن الكلمة الفصل على طاولة المفاوضات ستكون لرجال الميدان، لا للفارين إلى السعودية، أو العائدين إلى عدن ريثما تنتهي مفاوضات جنيف المرتقبة، وعندها سيعودون أدراجهم إلى فنادقهم في السعودية تحت ذريعة عدم الإستقرار والأمن في عدن، وفق ما أوضح ولد الشيخ نفسه.
إن كافّة هذه التصريحات الإعلامية لن تجد نفعاً بإعتبارها لا تستند إلى الميدان، فضلاً عن الواقعية. دعونا نضعها جانباً، ولنراقب ماذا سيحصل في المفاوضات المرتقبة، سائلين الله عزوجل أن يمن على شعب اليمن عاجلاً بالأمن والسلام والإستقرار.