الوقت- شهدت فلسطين انتفاضتين رسميتين عبّر المقاومين من خلالهما على احتجاجهم تجاه تصرفات الكيان الاسرائيلي وإسائته للمقدسات الدينية وفي مقدمتها القدس الشريف ويرى العديد من المحللين أن فلسطين شهدت بالفعل انطلاقة شرارة الانتفاضة الثالثة بعد أحداث شهر رمضان وباب العامود وحي الشيخ جراح ولكن الفرق أن هذه الانتفاضة تشكل منحدراً حاداً لانهيار هذا الكيان اللقيط، هي انتفاضة انتصار و ليست مجرد انتفاضة غضب واحتجاج .
تصعيد العنف الإسرائيلي في القدس الشرقية وغزة لم يكن مفاجئاً فالعدو يعلم أن ردة الفعل الفلسطينية على التعرض للمقدسات الدينية قد تكون الحرب وهو فعلا ما حدث.
التاريخ يعيد نفسه
دائماً ما كنا نذكر هذه العبارة لنعبر عن حدث مشابه حدث في الماضي البعيد أو القريب وما بدأنا نراه بعد الأحداث الأخيرة في القدس يعيد إلى الأذهان ما حصل في الأمس أي قبل 20 عاماً عندما انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية في المسجد الأقصى
البداية المتفق عليها للانتفاضة الثانية كانت زيارة استفزازية في سبتمبر 2000 قام بها أرييل شارون، زعيم المعارضة الإسرائيلية اليمينية آنذاك، إلى باحات المسجد الأقصى. وأدت الاحتجاجات التي تلت ذلك إلى اندلاع انتفاضة ثانية على امتداد الجغرافيا الفلسطينية".
لم يدخل شارون المسجد نفسه، بل كان برفقته وفد من حزب الليكود الذي يتزعمه ومئات من رجال الشرطة ولكن بسبب رمزية المسجد الأقصى كان لهذا الاقتحام عواقب مباشرة وبعيدة في جميع أنحاء فلسطين
مع ركود الوضع الفلسطيني سياسياً واقتصادياً، وطرد الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم من قبل المستوطنين اليهود، تكرر الحديث عن انتفاضة ثالثة مراراً وتكراراً في السنوات القليلة الماضية.
ولكن عادة ما يقلل السياسيون والمعلقون من أهمية هذا الأمر باعتباره يتعارض مع مصالح جميع الأطراف، ولكن بعد عقدين من زيارة شارون، لا توجد مؤشرات تذكر على أي عملية سلام تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
كما أن قرار ضم الكيان الإسرائيلي للقدس الشرقية، الذي لا يزال يعارضه الفلسطينيون بشدة وكثير من المجتمع الدولي، بات لا رجعة عنه أكثر فأكثر.
الانتفاضة الثالثة والبعد الديني
تصاعد التوترات في القدس الشرقية المحتلة نتيجة لاستمرار الكيان الاسرائيلي في انتهاكاته ضد الفلسطينيين وحرمة الأماكن المقدسة وحرية العبادة، وكذلك فرض القيود على الوصول إلى الحرم الشريف، حتى في شهر رمضان المبارك، ومصادرة قوات الاحتلال الإسرائيلي وجبات الإفطار المعدة لتوزيعها على الصائمين بالقرب من المسجد الأقصى، ومداهمة المجمع، ومضايقة موظفي الأوقاف وترهيبهم، إلى جانب مواصلة جنود الاحتلال مهاجمة المصلين بعد صلاة التراويح، ما أدى إلى مواجهات وإصابة عدد من المدنيين». كما واصل الكيان الاسرائيلي التدخل في العملية الانتخابية الديمقراطية الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، واعتقاله العديد من المرشحين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وإصدار استدعاءات لمختلف المرشحين المقدسيين للاستجواب، إلى جانب قيودها المتكررة المفروضة على محافظ القدس عدنان غيث.
كل هذه الإجراءات تكشف عن النوايا السيئة للقوة القائمة بالاحتلال لتقويض مشاركة سكان القدس الفلسطينيين ومرشحيها في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي سيعوق حقهم في المشاركة في هذه العملية الوطنية الديمقراطية، ويعوق في النهاية حقهم في تقرير المصير.
وجاءت الرسائل الفلسطينية في وقت صعّد فيه الكيان الإسرائيلي ومستوطنون من هجماتهم ضد المسجد الأقصى وفي مناطق أخرى في الضفة. وقاد المستوطن المتطرف يهودا غليك، اقتحاماً جديداً للمسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة بحراسة مشددة من قوات الاحتلال الخاصة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن 185 مستوطناً تقدمهم المتطرف غليك اقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك، ونفذوا جولات استفزازية داخله. وأكد أن المستوطنين تلقوا، خلال الاقتحام، شروحات عن «الهيكل» المزعوم، وأدوا طقوساً تلمودية في باحات الأقصى، خصوصاً في منطقة باب الرحمة، بحراسة من شرطة الاحتلال. وجاء ذلك ضمن سلسلة اقتحامات للأقصى شملت، اقتحام الجيش للمسجد وتعطيله للمآذن الخارجية.
قائد سابق في الكيان: الظروف مهيئة لانتفاضة ثالثة
وفي هذا السياق رأت مصادر أمنيّة إسرائيليّة أنّ نشاط حركة (حماس) في القدس يعيد إلى أذهان جهاز الأمن العام (الشاباك الإسرائيليّ) بدايات عمل الحركة في الانتفاضة الأولى، حيث تعمل اليوم دون انقطاع وبشكلٍ واسع النطاق، عبر المنظمات الحكومية والخاصة، دون قدرة الحكومة الإسرائيلية وقوات الأمن على وقف نشاطات الحركة، الساعية لمدّ نفوذها باتجاه مديرية الأوقاف الإسلامية، انطلاقاً من إستراتيجية وطنية ودينية وعقائدية، بحسب ما أكّدته المصادر لصحيفة (معاريف) العبريّة.
وفي هذا السياق قال الجنرال نيتسان نوريئيل، القائد السابق لشعبة العمليات في جيش الاحتلال الإسرائيليّ في مقابلة مع صحيفة “معاريف” العبريّة، قال إنّ “الظروف مهيأة لاندلاع انتفاضة فلسطينية، والأجواء السائدة في المناطق الفلسطينية توفر العديد من الأسباب المشجعة على هذه الهبة الشعبية المتوقعة، معظمها مرتبط بالأسباب الدينية، وأقلها متعلق بالتطورات السياسية، لكن بالتأكيد كل العناصر موجودة، وهذا يضع تحدياً كبيرا للغاية أمام إسرائيل في كيفية الاستعداد لهذه الظواهر، ومحاولة التصدي لها”، على حدّ تعبيره.
خطيب القدس يحذر من انتهاك المقدسات
حذر خطيب المسجد لأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، من تصعيد سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى المبارك.
وشدد صبري في خطبة صلاة الجمعة على خطورة توصية ما يسمى بلجنة التعليم في "الكنيست" الإسرائيلي، بالسماح لطلاب المعاهد والجامعات اليهودية بإدراج المسجد الأقصى ضمن رحلاتهم، كمطلب إلزامي في المنهج التعليمي الإسرائيلي. ودعا إلى شد الرحال إلى المسجد والرباط فيه.
وحيّا الشيخ صبري، صمود الأسرى في سجون الاحتلال، رغم الظروف القاسية التي يواجهونها، ودعا إلى دعمهم ومساندتهم.
وأدّى نحو 40 ألف مصلٍّ، صلاة الجمعة، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، رغم التواجد المكثف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب البلدة القديمة، وأبواب الأقصى.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، أن المصلين من القدس والناطق المحتلة عام 1948، توافدوا إلى المسجد الأقصى، رغم عراقيل الاحتلال وتشديداته.
وأوصت "لجنة التعليم في الكنيست" الإسرائيلي، بإدراج المسجد الأقصى المبارك، على قائمة الزيارات الإجبارية للطلاب اليهود في المدارس الإسرائيلية.
ودعت إلى "إدماج وحدة دراسية إجبارية عن المسجد الأقصى في دروس التاريخ في المدارس".
وزعمت اللجنة أن "تاريخ المسجد الاقصى وأهميته في الثقافة والتاريخ اليهودي لم يتم دراستهما بشكل صحيح"، ودعت سلطة التعليم في حكومة الاحتلال إلى "إدخال المسجد الاقصى في امتحانات شهادة الثانوية العامة، والتأكيد على دراسات التراث في المناهج وتشجيع وزيادة الزيارات الطلابية".
حماس: "إسرائيل تلعب بالنار"
حركة حماس أصدرت بياناً صحفياً في الذكرى الحادية والعشرين لانتفاضة الأقصى جاء فيه: "لقد مثّل تاريخ الثامن والعشرين من سبتمبر للعام ألفين علامة فارقة في تاريخ شعبنا الفلسطيني ومقاومته وثورته وصراعه مع العدو الصهيوني في مشوار التحرير والعودة المتواصل والممتد على مدار عقود من الزمن، حين أعادت انتفاضة الأقصى المجيدة الاعتبار مجددًا للقضية الفلسطينية بعد ضياعها في أوسلو، واستعاد خيار مقاومة العدو الصهيوني -العدو الأوحد لشعبنا- طريقًا للتحرير والعودة مكانته في وجدان وواقع كل فلسطيني، وأصبحت الانتفاضة الثورة الملهمة لحركات التحرر وشعوب العالم".
وتابع البيان: "إن العدو الصهيوني ما زال يحاول اللعب بالنار، ويرتكب الانتهاكات بحق شعبنا وأهلنا في القدس والمقدسات والمسجد الأقصى المبارك، مستغلًا حالة تمسك البعض بالرهانات والخيارات الفاشلة، والبناء على أوهام ما يسمى بعملية السلام ومشاريع التسوية العقيمة والوساطة الأمريكية والدولية، وفي ظل محاولات التطبيع ودمج الكيان الصهيوني في المنطقة".
التحولات الجارية داخل فلسطين ليست منفصلة عما يحدث من متغيرات متسارعة على الصعيدين الاقليمي والدولي، نعم بتنا نشهد تراجعا في الهيمنة والسيطرة الأمريكية ومعها دولة الإحتلال، وتتوالى الهزائم عليهما، فلبنان لم يسقط ولم يبحر نحو التطبيع ولم يخضع للضغوطات الاقتصادية التي فرضت عليه من أجل سوقه إلى حظيرة التطبيع، بل جاء قرار سيد المقاومة بشراء النفط من ايران ليرسم معادلة جديدة من معادلات النصر، وليجبر الأمريكي والاسرائيلي على التسليم بها، والاستسلام لهذا الواقع نعم لقد كسر قانون قيصر وأنهى الحصار الاقتصادي، ومن بعد ذلك اتت عملية بسط السيطرة السورية سيطرتها على درعا والمناطق التي يتخذها المسلحون مراكز لشن الهجمات على قوات الجيش والقوات الرديفة في الجنوب السوري، وهذا كان تحت اعين قاعدة “التنف” وعلى حدود القواعد العسكرية الأمريكية على حدود العراق وسوريا والجولان المحتل، وما سبق ذلك من هزيمة مدوية لأمريكا من خلال انسحابها من افغانستان وقرارها بتخفيض قواتها في معظم الدول الخليجية.