الوقت- أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل، في 19 نوفمبر 2021، أن لندن أدرجت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قائمة الجماعات الإرهابية، وكل من يعبر عن دعمه لهذه الحركة يخالف القانون وسيتم التعامل معه.
أثار الإعلان عن هذا القرار ردود فعل واسعة من التيارات السياسية والرأي العام في العالم، لكن السؤال الذي يثار الآن هو، ما هي أهداف لندن من اتخاذ مثل هذا القرار؟
قراءة في وصف لندن حماس بالإرهابية
فيما يتعلق بأهداف لندن في اعتبار حركة حماس المقاومة حرکةً إرهابيةً، يمكن التطرق إلى عدة قضايا مهمة، منها:
محاولة لقمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا: من أهم أهداف قرار لندن إعلان حركة حماس إرهابيةً، هو جهود حكومة لندن لمنع دعم منظمات حقوق الإنسان والإغاثة لحماس وغزة، وخاصةً الدعم المالي للمنظمات العاملة في غزة.
في الواقع، تعتزم لندن منع الاحتجاجات الجماهيرية المتزايدة المناهضة للصهيونية في بريطانيا بقرارها الجديد. في السنوات الأخيرة، دعم المواطنون البريطانيون بشكل غير مسبوق شعب فلسطين المضطهد ضد جرائم الکيان الصهيوني ورافقوا المسلمين في مظاهرات في الشوارع، لكن يبدو أن الحكومة البريطانية تعتزم في قرارها الجديد منع أي مظاهرات لمناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، بحجة دعم حماس.
خداع الرأي العام بسبب سجل لندن الأسود في دعم الإرهاب: لبريطانيا سجل حافل في دعم الإرهاب إلى جانب الولايات المتحدة. لقد فضحت وسائل الإعلام الغربية وغير الغربية دعم لندن للجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم مرارًا وتكرارًا.
من خلال تبني سياسة مزدوجة، تدعم الحكومة البريطانية جرائم الکيان الصهيوني من ناحية، ومن ناحية أخرى تقدم نفسها كمدافع عن حقوق الإنسان وضد الإرهاب. تعتزم لندن الآن تبرير الانتقادات الموجهة لها بسبب دعم لندن السياسي والعسكري والمالي للجرائم الصهيونية، من خلال وصف حماس بالإرهابية ووضع الحركة على قائمة الإرهاب. وهدفها الأساسي هو الهروب من انتقاد منظمات حقوق الإنسان ضدها من خلال حرف الحقائق وإنكارها، وخداع الرأي العام المحلي حول واقع فلسطين وطبيعة الفصل العنصري للکيان الصهيوني.
حملة بريتي باتل لكسب دعم اللوبيات الصهيونية: على صعيد آخر، يمكن قراءة إعلان حماس إرهابيةً في سياق الدوافع الانتخابية لدى قادة حزب المحافظين. يمکن القول إن وزيرة الداخلية الحالية بريتي باتل كانت مؤثرةً في اتخاذ مثل هذا القرار من أجل كسب دعم اللوبي الصهيوني لتحل محل بوريس جونسون، الذي لا يرغب في تمديد ولايته كرئيس للوزراء. وفي هذا الصدد، نرى أن وزيرة الداخلية البريطانية صرحت بوضوح أن هدفهم كان اجتذاب الجالية اليهودية.
کما زعمت وزيرة الداخلية البريطانية في تبرير إعلان حركة حماس إرهابيةً، بأنه كانت خطوةً حيويةً في حماية الجالية اليهودية. لأن حماس في الأساس غير جيدة وغير إنسانية، وعادةً ما يشعر اليهود بعدم الأمان لدرجة أنهم يتعبدون في منازلهم تقريبًا.
يرافق هذا الموضوع الآن دعماً خاصاً من وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد ووزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس. ويُظهر ترحيب مسؤولي الکيان بالقرار الجديد لحكومة لندن بوضوح، أنهم راضون عن قرار حزب المحافظين وسيبذلون قصارى جهدهم على الأرجح لدعم هذا الحزب في المستقبل.
محاولة لندن التستر على الإخفاقات الإقليمية: السياسة القديمة الأخرى للقوى الغربية للتستر على فشل سياساتها الإقليمية وعبر الإقليمية، هي مسألة الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان.
في الواقع، حاول الغربيون تعويض هزائمهم الكبرى أمام محور المقاومة باستخدام الإرهاب كأداة. هذه مسألة تاريخية، ويمكن رؤية تجلياتها في إعلان بريطانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى حزب الله اللبناني حرکةً إرهابيةً عام 2020.
لقد واجهت لندن، في إطار سياساتها الغامضة في منطقة غرب آسيا، حاجزًا قويًا أمامها تمثَّل في القوى الموجودة في محور المقاومة، وأنها، في الواقع، تجد أن عدة سنوات من استثماراتها وعملياتها في السنوات التي تلت عام 2003(بعد غزو العراق) قد ذهبت سدی، وهذا ما أدى بسياسيي حزب المحافظين إلی اعتماد نهج التبرير والتستر على فشل السياسة الخارجية.
رد الفعل المعكوس للعالم العربي على قرار لندن الجديد المضحك
على الرغم من أن بريطانيا صنفت حماس على أنها جماعة إرهابية، ولکن يبدو أن رد العالم العربي الذكي جعل قرار لندن أكثر سخافةً.
قوبل قرار الحكومة البريطانية على المستوى الكلي للمجتمع العربي بردود فعل قوية. على سبيل المثال، أصدرت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية بيانًا أدانت فيه إعلان بريطانيا حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية(حماس) حرکةً إرهابيةً.
كما أدان المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية والفصائل الفلسطينية المناضلة والعديد من السياسيين والمحللين العرب البارزين، الخطوة الجديدة للحكومة البريطانية.
يظهر هذا المستوى من ردود الفعل بوضوح التأثير المعاكس لهذه الإجراءات، وزيادة شعبية حماس في الرأي العام في العالمين العربي والفلسطيني.