الوقت - قالت وزيرة الخارجية السودانية في الحكومة المنحلة “مريم الصادق المهدي”، إن قتل القوات العسكرية للمتظاهرين الرافضين لإجراءات الجيش لعزل الحكومة ومجلس السيادة السابق سيغير معادلة التعامل بين الشعب والمكون العسكري في الدولة، مشيرة إلى العلاقات المباشرة بين قيادة مجلس السيادة الجديد الذي شكله القائد الجيش “عبد الفتاح البرهان” وإسرائيل.
وأوضحت “مريم المهدي”، خلال مشاركتها في البرنامج المسائي على قناة “الجزيرة مباشر” القطرية، أن الأشخاص أو الجهات التي أمرت بمواجهة التظاهرات السلمية بالرصاص المطاطي والرصاص الحي هي المسؤولة عن قتل المتظاهرين. وأضافت المتظاهرين أن هذه الأحزاب – التي لم تسمها بشكل مباشر – كشفت الوجه الحقيقي للمكون العسكري ودفعت بالشارع إلى الانتفاضة ضد سياسته.
واعتبرت أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها قائد الجيش السوداني “عبد الفتاح البرهان”، جعلت الجيش يتصدى للشعب، وهذا يشكل تصعيدًا غير مسبوق للأوضاع الداخلية في البلاد.
وكشف الوزير السوداني الأسبق عن وجود علاقة مباشرة بين قيادة مجلس السيادة السوداني الجديد الذي أعلن عن تشكيله “البرهان” وبين إسرائيل، قائلا: “وهذا ما يفسر وجود أحد المطبعة وهو أبو العال. – قاسم برطام المعروف بعلاقاته مع إسرائيل وسعيه الدائم للتطبيع بين الخرطوم وتل أبيب “.
وصرحت مريم المهدي إن “قادة العنصر العسكري رفضوا عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه السابق، وطلبوا منه الانضمام إلى مجلس السيادة الجديد، في محاولة لإعطاء المجلس شرعية ناقصة”.
وشددت على أن الحكومة السودانية المنحلة “حكومة شرعية في نظر الأمم المتحدة وبقية حكومات العالم”، مضيفة أنه إذا شكل المجلس العسكري حكومة جديدة ستكون “حكومة غير شرعية” ولن تكون كذلك. يحظى بدعم الشارع.
وأضافت أنها التقت قبل يومين بسفراء بعض الدول الأوروبية الذين شددوا على ضرورة احترام الشراكة بين المدنيين والعسكريين والعودة إلى الوثيقة الدستورية.
وفي السياق، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية مقالا للكاتب سيث ج. فرانتزمان كبير مراسلي الشرق الأوسط ومحلل شؤون الشرق الأوسط تطرق خلاله إلى "دور دولة الاحتلال الصهيوني في صناعة الأزمات في المنطقة ودعم الانقلابات العسكرية".
وبحسب التقرير، أفادت تقارير بأن وفدا أمنيا سودانيا زار إسرائيل، وفي وقت لاحق من اكتوبر، سيطر اللواء عبد الفتاح البرهان على السودان من خلال نوع من الانقلاب الذي طرد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من السلطة، جاء هذا الإجراء بعد أيام من وصول مبعوث أمريكي إلى السودان، ومن غير الواضح ما إذا كانت قيادة الخرطوم قد نسقت التحركات مع تلك التي تتحدث بها داخل القاهرة أو الرياض أو الخليج الفارسي، إلا أنه سيكون من المفاجئ إن لم تفعل، لأن السودان في حاجة ماسة إلى الدعم.
ولفت التقرير إلى أن هناك رجلا آخر في الخرطوم هو محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، وأفادت الأنباء أنه هو الذي قاد الوفد إلى إسرائيل في أكتوبر، بيد أن التقارير ذكرت أنه في الوقت الذي يعتقد فيه حميدتى أن العلاقات الإسرائيلية يمكن أن تساعد السودان ، فان القيادة المدنية أكثر ترددا.
ووفقا لتحليل أجراه يوناتان توفال، كبير محللي السياسة الخارجية في صحيفة "ميتفيم" الإسرائيلية، المعهد الإسرائيلي للسياسات الإقليمية الخارجية، فإنه من المؤسف إن لم يكن هناك من الأسباب ما قد يجعلنا نعتقد أن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين كانوا متواطئين في الاستيلاء العسكري (وهو الاحتمال الذي تكهن به بعض الصحافيين الإسرائيليين علنا) فإن إسرائيل بعيدة كل البعد عن كونها مجرد متفرج ".
وأضاف توفال أن الحجم الواحد لا يناسب الجميع، كما كتب قد تكون عملية تكبيرة النصر مناسبة للتطبيع مع الإمارات، إلا أنها لن تنجح مع المملكة العربية السعودية أو جيبوتي أو العراق، أما مع السودان فإن غطرسة إسرائيل وتواطؤها مع الانقلاب قد ينفجران في وجهها.
وفي سياق متصل نشر رئيس وزراء قطر السابق، حمد بن جاسم آل ثاني تغريدة عبر تويتر إن ما جرى ويجري في السودان ما هو إلا من النتائج الأولى للتخطيط والتنسيق والتعاون بين “إسرائيل” ودولة عربية للأسف، مع العلم أن تلك الدولة كانت تروج في المحافل الغربية بأنها غيرت سياستها وبدأت تهتم الآن فقط بالاقتصاد والتنمية”.
حتى قبل ردة الفعل العنيفة للمستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، على تغريدة حمد بن جاسم، كان واضحا ان الرجل لم يشر صراحة الى إسم الدولة العربية، الا انه ليس هناك من لا يعرف انه كان يقصد دولة الامارات، التي باتت تنسق حتى تفاصيل سياستها وفق استراتيجية الكيان الاسرائيلي في المنطقة.
وجاء في جانب من تغريدة قرقاش ردا على جاسم: “أشفقت على وضعه عند قراءة تغريدته، فهو ليس أكثر من باحث عن دور بعد أن فقد موقعه وأصبح صوتا من الماضي ارتبط بالفتن والمؤامرات، سيرته العملية خليط غريب من التناقضات، ورغم كل الجاه والمال إلا أن الحكمة غائبة عنه، ويبقى حديثه مجرد صدى صوت بالكاد يُسمع”.
رغم ان ما “كشف” عنه حمد بن جاسم كان “مكشوفا”، فقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ورفيقه دقلو، اللذان قادا الانقلاب على السلطة المدنية، يعتبران شخصيات محورية في عملية تطبيع العلاقات بين السودان والكيان الاسرائيلي خلال السنتين الماضيتين، فهذا موقع “اكسيوس” الامريكي كان قد كشف عن زيارة قام بها وفد من “الموساد الإسرائيلي” الى السودان بعد الانقلاب العسكري، وبحث مع المسؤولين السودانيين “تطورات الأوضاع في البلاد” على خلفية الانقلاب العسكري.
ان انقلاب الثنائي البرهان – دقلو، على السلطة المدنية والثورة الشعبية في السودان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واعلانهما حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة وتجميد بنود في الوثيقة الدستورية، واعتقال قيادات حزبية و وزراء ومسؤولين على راسهم رئيس الوزراء عبدلله حمدوك، والمرسوم الذي اصدره البرهان بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين دقلو نائبا له، هو جانب من العبث الذي تقوم به “اسرائيل” في السودان، بالتوطؤ مع الامارات، التي باتت “يد اسرائيل” في المنطقة العربية.