الوقت- قال وزير خارجية الكيان الإسرائيلي يائير لابيد، أن الكيان الاسرائيلي سيعد خطة اقتصادية طويلة الأجل لعرضها على قطاع غزة مقابل وقف الهجمات حسب تعبيره وذلك وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف لابيد إنه ناقش الفكرة مع قادة العالم بمن فيهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالإضافة إلى مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وفقاً لوكالة «بلومبرغ» للأنباء.
يذكر أن هذا التصريح جاء بعد التصعيد الذي يشهده القطاع في اليومين الأخيرين وشن غارات جديدة ضد القطاع حيث يقول جيش الكيان الاسرائيلي أن هذه الغارات هي رداً على إطلاق قذيفة صاروخية، من قطاع غزة على بلدة سديروت المحاذية والتي اعترضتها منظومة القبة الحديدية. ولكن يبدو أن هذه الغارات هي تمهيد للخطة الجديدة التي يعدها الكيان الاسرائيلي لعرضها على فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
حروب عسكرية فشلت وحرب اقتصادية لم تجد نفعاً
شن الاحتلال الاسرائيلي أربعة حروب كبيرة ضد قطاع غزة بالتزامن مع الحرب الاقتصادية التي يفرضها على القطاع منذ عام 2006 وكانت الحرب الأولى في أواخر عام 2008 استمرت أكثر من ثلاثة أسابيع وخلفت نحو 1400 شهيد و5450 جريح، فضلاً عن تدمير عدد كبير من المرافق الحيوية في القطاع من طرقات ومنازل ومدارس ومستشفيات ومساجد ومراكز الأونروا. ولم تستطع هذه الحرب من تحقيق الأمن للمناطق الجنوبية في الكيان الصهيوني، وفشلت، رغم حصيلتها الإنسانية القاسية، في وضع حد لإطلاق الصواريخ، و تدمير البنية التحتية العسكرية لحركة حماس بصورة كاملة. وفي الحرب الثانية شنت حكومة الكيان الاسرائيلي عملية عامود السحاب، التي هدفت إلى تدمير المواقع التي يتم فيها تخزين الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى لحركة حماس وبعد أسبوع من الحرب أوقف الكيان الاسرائيلي الحرب وفشل في إيقاف صواريخ المقاومة التي طالت تل أبيب لأول مرة. وفي عام 2014 شن الكيان الاسرائيلي عملية الجرف الصامد التي كان هدفها تدمير الأنفاق الخاصة بحركة حماس واستمرت الحرب 51 يوماً وأسفرت عن استشهاد 2322 مواطن وما يقارب 11 ألف جريح وفشلت أيضا في وقف منظومة الصواريخ لحركة حماس وحركات المقاومة في قطاع غزة. وأخيرا في شهر ايار الماضي كانت الحرب الرابعة والتي استمرت 11 يوماُ وخلفت نحو 254 شهيد وما يقارب 4000 جريح وفشل العدوان أيضاً من إرضاخ المقاومة الفلسطينية وإيقاف صواريخها التي بقيت تستهدف الكيان الصهيوني في أقصى نقاطه ورغم قبته العنكبوتية! حتى آخر لحظة في كل هذه الحروب.
في الحرب الاقتصادية كان الهدف الاسرائيلي تجويع القطاع وإذلاله وإرضاخه للقبول باتفاقيات تحيد القضية الفلسطينية وربما تنهي هذه القضية إلى الأبد بالنسبة للفلسطينيين، لأنهم يعلمون أنه من خلال الضغط الاقتصادي قد يحدث شرخ سياسي بين الفصائل الفلسطينية بين موافق للتهدئة ومخالف لها ولكن ماذا كانت النتيجة حتى الآن؟
بقيت الفصائل الفلسطينية المقاومة في قطاع غزة على موقفها من القضية الفلسطينية ومن الدفاع عن الأقصى وحقوق الشعب الفلسطيني.
الحكومة الاسرائيلية تضغط على غزة اقتصادياً من خلال السلطة الفلسطينية
يقف الاحتلال الاسرائيلي اليوم داعماً للسلطة الفلسطينية من أجل إضعاف حركة حماس ومحاصرتها والتضييق عليها، من خلال محاولة منح السلطة صلاحية تولّي زمام المبادرة في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وكذلك التحكم في دخول الأموال وغيرها، وهو يأتي أيضاً في ظلّ الرغبة الأمريكية في إحياء دور السلطة من جديد، لإعادة المفاوضات مع الاحتلال، بعد حالة الجمود التي شهدتها خلال فترة الرئيس السابق ترامب.
حيث إن حركة حماس تمرّ الآن في مرحلة صعبة وخاصة بعد الحرب التي خاضتها وهو أمر قد يدفع إلى توجّه إقليمي ودولي للضغط على حلفاء الحركة الإقليميين، كتركيا وقطر، لإبعادهم عن دعمها، بهدف تقييد نفوذها، والضغط عليها لتقديم تنازلات في العديد من القضايا، بشروط أقلّ من التي تطرحها المقاومة في غزة.
إن الحصار الاقتصادي الذي يتعرض له القطاع ألقى بظلاله السلبية على مجمل الأوضاع الحياتية والمعيشية ، وفاقم من ظروف الفقر والبطالة ولكن هذه المخططات الأمريكية والصهيونية تهدف إلى زعزعة الصف الداخلي الفلسطيني وإضعاف حركة المقاومة حماس وتشديد الخناق عليها. ففي الحرب الأخيرة كان هناك تطوراً كبيراً وهو أن المحتل الاسرائيلي شعر بالخطر وأحس أن الضفة الغربية أيضاً ستصبح مسرحاً لقوى المقاومة وسيتم ضرب الكيان الصهيوني من الداخل في أي مواجهة قد تندلع في المستقبل.
اللعبة الجديدة للكيان الصهيوني
يعزف وزير الخارجية في الكيان الاسرائيلي على الوتر الاقتصادي محاولاً استغلال تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع ويقترح فكرة الاقتصاد مقابل السلام أي أنه يحاول تخفيف بعض القيود الاقتصادية على الشعب المحاصر في قطاع غزة مقابل الحصول على تنازل من حركة حماس وفصائل المقاومة وتعهد بعدم قصف الكيان الصهيوني مجدداً ولكنه نسي أنه منذ محاصرة القطاع اقتصادياً ورغم كل الحروب السابقة لم تكل عزيمة المقاومين ولم يتقاعسوا أبداً في الدفاع عن قضيتهم ورغم وضعهم الاقتصادي المتردي بسبب فايروس كورونا إلا أنهم هبوا لنصرة المقدسيين وكانوا أول الناس المدافعين عن الأقصى والقدس.
وعليه أن يعرف أيضاً أن خطته هذه ستدفن قبل أن تولد لأن في القطاع فصائل مستعدة للموت جوعاً وعطشاً فداء للأقصى وللقضية الفلسطينية وأن كل محاولاته هي مجرد حبر على ورق ولن تلق لها إذناً صاغية في القطاع.