الوقت - اقترح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤخراً خطة لتشكيل لجنة تفاوضية مع الأطراف المقاطعة للانتخابات النيابية. ويعتزم الكاظمي لقاء رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ومفوضية الانتخابات وممثلية الأمم المتحدة في العراق لإقناع المقاطعين بالعودة إلى الانتخابات النيابية المبكرة، والتي ستجرى في العاشر من أكتوبر 2021. تجري الانتخابات المبكرة الأخيرة في وضع تنتهي فيه، بحسب القانون، فترة مجلس النواب العراقي التي تشكّل بإجراء انتخابات 12 أيار / مايو 2018، ومدتها أربع سنوات، في نيسان/ أبريل 2022.
يأتي اقتراح الكاظمي بتشكيل لجنة للتفاوض مع الأحزاب المقاطعة للانتخابات البرلمانية المبكرة، في الوقت الذي سمحت فيه اللجنة المستقلة للانتخابات العراقية (IEC) خلال الشهر الماضي بالبدء بالحملات الانتخابية للحركات والائتلافات السياسية. خلافا للاعتقاد السائد، لم يكتف المواطنون العراقيون بعدم الترحيب بالموضوع حتى الآن، بل لم تدخل التيارات والشخصيات السياسية بشكل جدي في الحملة الانتخابية.
وفقا للجنة الانتخابات العراقية المستقلة (IEC)، تم ترشيح 3249 شخصا في الانتخابات النيابية المبكرة في 10 أكتوبر، بوجود 25 مليونا و17,727 ناخباً مؤهلا، وهناك 671 سجيناً له الحق بالانتخاب. ومع ذلك، أعلن حتى الآن 25 حزباً وتياراً سياسياً انسحابهم من الانتخابات المبكرة التي ستجرى في 10 أكتوبر / تشرين الأول. في غضون ذلك، كان مقتدى الصدر، الذي يقود ائتلاف سائرون في مجلس النواب العراقي، أهم شخصية سياسية أعلنت انسحابه من الانتخابات. الحقيقة أن مقتدى الصدر أعلن في السابق انسحابه من السياسة والانتخابات، لكننا شهدنا عودته إلى السياسة والحكم في العراق مرات عديدة. في الوقت الحالي، هناك احتمال أن يعيد النظر في تصويته ويعود إلى الساحة البرلمانية، لذا فإن كل الأدلة تظهر أن الكاظمي بذل جهدًا خاصًا لتغيير تصويت هذا الزعيم السياسي. والسؤال الآن لماذا يقلق مصطفى الكاظمي من مقاطعة الانتخابات وما هي أهدافه من تشكيل اللجنة؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن النظر في محورين مهمين.
فقدان الدعم السياسي لولاية رئاسية ثانية
لطالما ركز مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء العراق منذ 7 مايو 2020، على تمديد فترة ولايته كرئيس للوزراء. في الأشهر الأخيرة، سعى الكاظمي للحصول على حلفاء ومؤيدين داخل العراق وخارجه، حيث كان مقتدى الصدر زعيم أكبر فصيل في البرلمان العراقي، ومسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي. الحركة السياسية الكردية - أهم الجهات التي كان رئيس الوزراء الحالي يأمل في دعمها. لذلك، يبدو أن انسحاب مقتدى الصدر من الحملة الانتخابية كان بمثابة صدمة كبيرة لمصطفى الكاظمي. لأنه كان يعتقد أن التيار الصدري سيدعم في نهاية المطاف إعادة تعيينه كرئيس للوزراء. وفقًا لهذا السياق، من الضروري الانتباه إلى حقيقة أن دعم مقتدى الصدر للكاظمي لم يكن بأي حال من الأحوال أمرًا محددًا مسبقًا، بل كان هناك احتمال حدوث تناقض في مواقفه لدعم مرشح آخر. لكن النقطة المهمة هي أن الكاظمي كان يأمل كثيرا في دعم تيارات الخطاب القومي. لذلك، يبدو أنه في الفترة القصيرة المتبقية على موعد الانتخابات المبكرة، يعتزم استخدام كل أدواته وجهوده لإعادة الصدر إلى الساحة الانتخابية من أجل الحصول على دعم نسبي لتكرار ولايته كرئيس للوزراء.
قلق من تداعيات غياب الصدر عن الانتخابات
كقائد سياسي وديني مؤثر في السياسة والحكومة العراقية، لعب مقتدى الصدر دائمًا دورًا رئيسيًا في تطورات البلاد منذ عام 2003. بعد حل قوات جيش المهدي عام 2007، سلك الصدر عملياً طريق دخول الساحة الانتخابية، وفي السنوات التي تلت عام 2009، شارك دائمًا في الانتخابات الوطنية والمحلية، لكن الشيء اللافت في سلوكه وعمله السياسي هذا هو رفضه دائما لتحمل المسؤولية المباشرة ومحاولة لعب دور المعارضة. على الرغم من أن مقتدى الصدر قد اتخذ قرارات غير متوقعة مرارًا وتكرارًا وتحدث عن تركه للسياسة والحكم في العراق، فقد رأيناه أيضًا تغييرات غريبة في مواقفه.
في السياق الحالي، أثار قرار المفاجئ بعدم المشاركة في الانتخابات مخاوف مصطفى الكاظمي وربما حتى المرشحين الآخرين لمنصب رئيس وزراء العراق بخصوص انتخابات تشرين الأول (أكتوبر)، فمن المرجح أن يؤدي إلى أن يأخذ مقتدى الروتين السابق ولعب دور المعارضة ويشكل عقبات كبيرة أمامهم. حقيقة الأمر أن مقتدى الصدر لم يتردد في اتخاذ أي إجراء، بما في ذلك إصدار بيانات عنيفة وتنظيم احتجاجات في الشوارع ضد الحكومة الحالية، وقد يصعّب الأمر على رئيس الحكومة القادمة. لذلك، يمكن النظر إلى تحرك مصطفى الكاظمي لتشكيل لجنة حوار على أنه محاولة لمعالجة تداعيات غياب الصدر في الانتخابات المبكرة.