الوقت_ عقب فشل محاولات قوات العدو الصهيونيّ المجرم بمصادرة منازل الفلسطينيين في حي "الشيخ جراح" بالقدس المحتلة، من خلال كل الوسائل وبالأخص هدم بعض المنازل فيه، وبالأخص بعد انتصار المقاومة الفلسطينيّة في معركة "سيف القدس" والضربة القوية التي وجهتها "حماس" والفصائل الفلسطينيّة للمحتل الصهيونيّ الباغي، والانتصار الكبير للفلسطينيين باعتراف الإعلام العبريّ نفسه، أفادت مصادر إعلامية بأنّ تهديد المقاومة الفلسطينية دفع المحكمة العليا التابعة للعدو إلى تأجيل إخلاء منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، ما شكل انتصاراً جديداً للمقاومة الفلسطينيّة التي شدّدت مراراً على أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على الفلسطينيين باتت وراء ظهورهم.
عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان الصهيونيّ على قطاع غزة المحاصر منذ عدة سنوات، والتي تركت العدو الإرهابيّ في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، أكّدت صحيفة الأخبار اللبنانيّة أن المقاومة الفلسطينية في غزة بعثت برسالة شديدة اللهجة إلى العدو الصهيونيّ عبر مصر، أوضحت فيها أن الوضع في القدس خاصة حي الشيخ تم مراقبته بدقة وإذا أرادت تل أبيب تخطي "الخطوط الحمراء" فإنها ستقلب الوضع تماماً كما حدث قبل مدة في معركة سيف القدس.
وباعتبار أنّ المقاومة الفلسطينية تؤمن بأن ما يقوم به الكيان الصهيوني من عمليات التهجير الجماعيّ بحق الفلسطينيين في حي الشيخ جراح والاستيلاء على منازلهم، هو استهداف علنيّ للهوية الفلسطينيّة المقدسيّة وللوجود الفلسطينيّ في المدينة المحتلة، وأنّه سلوك عدوانيّ عنصريّ خطير وجريمة جديدة تضاف إلى سجله الأسود بحق أهالي القدس، شجعه عليها غياب المواقف الحاسمة والمسؤولة للسلطة الفلسطينيّة تجاه هذا العدوان الصهيوني بالإضافة إلى جريمة التطبيع العربيّ، التي شكلت غطاء رسميّاً لاستمرار الجرائم والانتهاكات الصهيونيّة، فقد هددت الفصائل في غزة المحاصرة باستئناف الهجمات الصاروخية على المدن والمناطق التي تحتلها العصابات الصهيونية في حال صدور أمر الإخلاء، بحسب مركز الإعلام الفلسطينيّ.
وفي وقت سابق، حذّرت حركة حماس الاحتلال الصهيونيّ من أيّ حماقات من شأنها المساس بأهالي القدس وبالأخص الشيخ جراح، محملة العدو مسؤوليّة وتداعيات كل هذه السياسات العنصريّة المتطرفة والأعمال الاستفزازيّة التي يقوم بها بحق المقدسيين، عقب قرار من محكمة الصهيونيّة العليا في سبتمبر/ أيلول المنصرم، ينص على إخلاء 4 عائلات من الحي، وقرار آخر في الشهر الذي تلاه قضى بإخلاء 3 عائلات أخرى، وقيام المحكمة الصهيونية مؤخراً بعقد جلسة للنظر في الاستئناف على قرار إخلاء 4 عائلات فلسطينيّة من الحي لصالح مستوطنين صهاينة.
ورداً على هذه التهديدات الجادة، صرحت مصر أن الكيان الصهيونيّ أبلغها أنه سيحاول تخفيف التوترات والاشتباكات في القدس، مع تصاعد مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين وبالأخص في العاصمة الفلسطينيّة التي تعد أكبر مدن فلسطين التاريخيّة المحتلّة، من حيث المساحةً وعدد السكان وأكثرها أهميّة دينيّاً واقتصاديّاً، وما يرافق ذلك من حصار وإجرام الإسرائيلي ممنهج بحق أصحاب الأرض والمقدسات.
وبناء على ذلك، قررت المحكمة العليا للكيان الصهيونيّ القاتل، في جلستها الأخيرة، تأجيل إصدار أمر إخلاء منازل 4 عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح إلى جلسة أخرى، ما يعني نجاح المقاومة الفلسطينيّة في لجم هذا العدوان، وتعزيز صمود المقدسيين ودعم مقاومة الشعب الفلسطينيّ، بالتزامن مع مخططات الاحتلال الصهيونيّ لهدم المسجد المبارك وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، لأنّه يشكل جزءاً هاماً من عقيدة المسلمين، وأولى القبلتين وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال.
ومن الجدير بالذكر أنّ ما يسمى "جهاز التخطيط" الذي أنشأه العدو العنصريّ للضفة الغربيّة ضمن الإدارة المدنيّة ولشرقيّ القدس عبر بلديّة القدس يكبح أيّ إمكانيّة للتطوير والبناء الفلسطينيّ، ويمنع الفلسطينيّين من بناء منازل لهم، ويُعد "الهدم" هو المهمّة الأساسيّة لهذا الجهاز عوضاً عن تخطيط البناء بما يلبّي احتياجات السكّان الحاليّة ويُعدّ لاحتياجاتهم المستقبليّة، وذلك بحسب منظمات إسرائيليّة أكّدت أنّ سلطات العدو هدمت 729 مبنى فلسطينياً ومرافق ومنشآت إنسانيّة حيويّة خلال العام 2020 فقط، بحجة البناء غير المرخص، واعتبرت في وقت سابق أنّ سلطات الكيان الوحشيّ شردت بفعل سياساتها 1006 فلسطينيين منهم 519 قاصرًا عقب هدمها 273 منزلًا، مبيّنة أنّ تل أبيب تتذرّع بما تسميه "إنفاذ القانون" لكي تبرّر حملات هدم المنازل والمرافق والمنشآت، في الوقت الذي لا تمت فيه هذه السياسة إلى القانون بأيّ صلة.
في الختام، نجحت سياسة رفض إخلاء المنازل لمنع هدمها، والاستيطان في الحي الفلسطينيّ، من خلال الضغط الجديّ على حكومة العدو لإيقاف التطهير العرقيّ الذي تمارسه في فلسطين وبالتحديد في حي الشيخ جراح، لأنّ سياسة الكيان المُستبد هي سياسة إرهابيّة تعتمد على سرقة ونهب أراضي فلسطين المحتلة منطقة تلو الأخرى، وقد تعامل الفلسطينيون بحزم وكانت الدعوات التي وجهت إلى أهالي القدس والضفة الغربية والـ48 المحتل للزحف إلى حي الشيخ جراح والمرابطة في منازله وأزقته وشوارعه، وتشكيل دروع بشريّة مقاومة كما حصل في معركة البوابات وباب الرحمة وباب العمود، للدفاع عن الحي والحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط الصهيوني مهما بلغت التضحيات، ناجحة وصادمة بشدة بالنسبة للعدو.
وإنّ قناعة الكيان الغاصب بجدية تهديدات حماس التي ردعته عن ممارساته العنصريّة والإجراميّة بحق الفلسطينيين وأرضهم، جعله يؤجل قراره غير الشرعيّ في سلب ممتلكات الفلسطينيين، لأنّه يدرك جيداً أنّ المقاومة لا يمكن أن تقف ساكنة تجاه جرائم قواته التي تمنع أصحاب الأرض والمقدسات من الحصول على أدنى حقوقهم في بلادهم.