الوقت - استضافت طهران مؤخرًا اجتماعاً استمر يومين بين مختلف الجماعات الأفغانية والمسؤولين الحكوميين حول آخر التطورات في أفغانستان.
في الاجتماع الأفغاني الذي استضافته طهران، ترأس وزير الداخلية الأفغاني السابق "يونس قانوني" وفد الحكومة، وكان رئيس وفد طالبان "عباس ستانيكزاي" نائب رئيس المكتب السياسي للحرکة.
وفي ختام الاجتماع، وصف الجانبان محادثات طهران بالناجحة، وقالا في بيان إن الحرب ليست الحل للمشكلة الأفغانية، وإنه يجب بذل كل الجهود للتوصل إلى حل سياسي وسلمي.
في الوقت نفسه، أظهرت استضافة طهران للمحادثات الأخيرة بين الجماعات الأفغانية، أن إحلال السلام والاستقرار في البلد الجار الشرقي يمثل أولويةً قصوى بالنسبة لجمهورية إيران الإسلامية.
في الواقع، في هذه الأيام وبينما تتقدم طالبان وتحتل مناطق ملحوظة من أفغانستان بالتزامن مع انسحاب القوات الأجنبية والأمريكية من البلاد، يولي العديد من المراقبين الاهتمام بموقف طهران ونهجها تجاه التطورات في أفغانستان.
بشكل عام، يمكن متابعة موقف طهران من التطورات الجارية في أفغانستان، من خلال مواقف وزارة الخارجية ومراكز الفكر ومعاهد الدراسات الاستراتيجية في طهران، لنلقي نظرةً دقيقةً على نهج إيران من هذا المنظور.
وبالنظر إلى هذه المسألة، يمكن تفسير مقاربات إيران ومواقفها تجاه أفغانستان عبر عدة قضايا رئيسية.
دعم السلام والاستقرار في أفغانستان
لطالما دعمت إيران السلام والاستقرار في أفغانستان، وأدانت أي حالة من عدم الاستقرار والعنف في هذا البلد.
ومن هنا، اعتبرت طهران أن البديل الوحيد للحرب في أفغانستان، هو متابعة المحادثات الأفغانية بحضور مختلف المجموعات في البلاد وقادة طالبان. كما تعكس استضافة طهران للمحادثات الأفغانية الأخيرة، دعم إيران لمواصلة المحادثات الأفغانية كبديل للحرب.
من ناحية أخرى، بالنسبة لإيران، فإن إرساء السلام والاستقرار وتشکيل الحكومة الشاملة في أفغانستان أمر مهم للغاية، وهو يخدم المصالح الإقليمية.
ولا شك أن تصعيد الحرب في أفغانستان لا يمثل فقط تهديدًا كبيرًا لحدود إيران الشرقية، بل سيؤدي أيضًا إلى توقف التجارة المتنامية وفقدان المصالح الاقتصادية الإيرانية في العلاقات التجارية مع أفغانستان، والتي كانت تتزايد وتنمو باستمرار على مدى السنوات القليلة الماضية.
لذلك، تؤكد إيران دائمًا على وقف الأعمال العدائية ومتابعة الحوار بين الأفغان، وتعتبر الاستقرار والسلام في أفغانستان في مصلحتها ومصلحة جميع دول المنطقة.
انتقاد الانسحاب غير المسؤول للولايات المتحدة والناتو
مثلما انتقدت إيران وجود القوات الأجنبية والأمريكية في أفغانستان في السنوات الأخيرة، ودعت إلى انسحاب القوات الأجنبية من هذا البلد، ولكنها الآن تدين الانسحاب غير المخطط وغير المسؤول للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان.
لطالما أكد المسؤولون السياسيون في طهران على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، لكن طهران تعتقد أن ما يحدث حاليًا خلال الانسحاب الذي أعلنته الولايات المتحدة من أفغانستان، هو انسحاب غير مسؤول دون النظر إلی الهياكل الحالية لحكومة كابول.
وفي هذا الصدد، انتقد الدكتور "سعد الله زارعي" الخبير في الشؤون الإقليمية ومدير مركز "أنديشه سازان نور" للدراسات الاستراتيجية في طهران، الانسحاب غير المسؤول للقوات الأمريكية من أفغانستان، وقال: "تنفذ الولايات المتحدة حاليًا أسلوبًا في أفغانستان ليس له أي نتيجة سوى الفوضی. لقد تفاوضت الولايات المتحدة عدة مرات في الدوحة وقطعت وعودًا، ولكن لماذا أجلت الولايات المتحدة انسحابها إلى سبتمبر بينما كان من المفترض أن تغادر أفغانستان في مايو؟ لماذا سهلت الولايات المتحدة لطالبان كسب الأرض بالقوة عبر انتهاك اتفاقها مع الحرکة؟ لماذا تخلت الولايات المتحدة عن مفاوضاتها مع حكومة أشرف غني ولم يتم الإفراج عن سبعة آلاف سجين وعدت الولايات المتحدة طالبان بذلك؟ لقد دخلت الولايات المتحدة أفغانستان باسم الأمن، لكنها تغادر أفغانستان وسط حرب أهلية واضطراب، والسؤال هو لماذا تغادر الولايات المتحدة أفغانستان بينما تعيش أفغانستان حالة أزمة وصراعًا داخليًا؟ هل هذا بسبب عدم القدرة على الوجود في أفغانستان، أم إن هذا الانسحاب مقدمة لمؤامرة جديدة في أفغانستان؟ هل ستسلم الولايات المتحدة دورها للقوات بالوكالة وتضاعف التوتر وتحول أفغانستان إلى سوريا ثانية؟ أليس الانسحاب الأمريكي من أفغانستان مقدمةً لخطة تستهدف الاستقرار في أفغانستان؟ يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة، بانسحابها من أفغانستان، تسعى إلى إلحاق المزيد من الضرر بالبلاد، والسؤال التالي هو، ما دور الأمم المتحدة في التطورات الحالية في أفغانستان؟ ألا يعني صمت الأمم المتحدة مؤامرةً جديدةً على أفغانستان؟"
إدانة العنف والتفرد العرقي
کما تعترف إيران بحركة طالبان كمجموعة سياسية في أفغانستان، تدين بشدة أي احتكارات وقصر السلطة على مجموعة معينة، وتدعو إلى مشاركة جميع الجماعات العرقية في هيكل السلطة في أفغانستان.
ومن وجهة نظر طهران، فإن التقدم العنيف لمجموعة في أفغانستان من خلال العمليات العسكرية وقتل المدنيين الآخرين أمر مثير للقلق، الأمر الذي يزيد، قبل كل شيء، من مخاطر الحروب العرقية والصراعات الأهلية، ويؤدي عملياً إلى مزيد من عدم الاستقرار.
وعليه، تدين طهران الاشتباكات العنيفة التي تشنها حركة طالبان، وخاصةً في بعض المحافظات والمناطق الشمالية من أفغانستان، وتؤكد على مشاركة جميع المجموعات العرقية، بما في ذلك البشتون والشيعة والأوزبك، في هيكل السلطة في أفغانستان وفي إطار دستور البلاد.