الوقت- تشير تقارير ميدانية إلى تصاعد حدة الهجمات الصهيونية على مختلف المناطق المحتلة وذلك بعد أسبوع واحد فقط من وصول نفتالي بينيت إلى السلطة كرئيس وزراء جديد للكيان الصهيوني في 13 حزيران / يونيو 2021.
حيث قتلت القوات الإسرائيلية فتى يبلغ من العمر 15 عاما في قرية بيتا جنوب نابلس بالضفة الغربية. وفي الوقت نفسه، قامت باتخاذ إجراءات استفزازية في المسجد الأقصى من خلال اعتقال مواطنين فلسطينيين في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948.
بدوره قرع الإعلام الصهيوني مرة أخرى طبول الحرب على نطاق واسع في 20 يونيو 2021، معلناً احتمال بدء الاشتباكات بين جيش الاحتلال وحركات المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، فكان الإعلان بناءً على معلومات مصادر أمنية، التي بدورها كشفت أن الصراع مع غزة سيبدأ مرة أخرى الأسبوع المقبل.
وسائل الإعلام ذاتها ذكرت أن المستوطنين الصهاينة سينظمون في 21 حزيران / يونيو 14 مسيرة بالضفة الغربية، على غرار مسيرة الاعلام التي جرت الثلاثاء الماضي في القدس المحتلة. فمجمل ما سبق يشير إلى أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني الجديد قد اتخذ نهج تصعيد العنف والصراع منذ بداية وصوله إلى السلطة ومن المؤكد أنه تبنى استراتيجية هادفة. والسؤال الآن ما هي أهداف بينيت من استراتيجية الضغط والهجوم في بداية ولايته كرئيس للوزراء؟
مواجهة الدعاية الإعلامية لليكود ونتنياهو
في تحليل أسباب تصرفات نفتالي بينيت الاستفزازية لتصعيد العنف وزيادة الضربات العسكرية على أجزاء مختلفة من غزة والضفة الغربية، يمكن الحديث بداية حول سعي رئيس وزراء الكيان الصهيوني الجديد لتعزيز قواعد سلطته من خلال مواجهة حملة نتنياهو الإعلامية والدعائية وبالتالي افشال الائتلاف الحكومي الجديد والعودة الى السلطة.
نتنياهو في خطابه أمام الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في جلسة تصويت على منح الثقة إلى حكومة نفتالي بينيت، زعيم الحزب اليميني في 23 يونيو 2021، أبدى شكوكاً حول اهلية بينيت لمنصبه الجديد، ووعد بإسقاط الحكومة وتغييرها في أسرع وقت ممكن، في حال منح الكنيست الثقة لها، وسيحاول العودة إلى السلطة قريباً.
يبدو أن نفتالي بينيت يسعى الآن من خلال انتهاج سياسة يمينية واللجوء إلى العنف وزيادة النشاط العسكري الى إحباط أهم حملة دعائية لحزب الليكود وبالتالي هزيمة التحالف الذي ادى الى تشكيل حكومة جديدة وتعزيز قواعد سلطته ففي هذا الصدد نرى أنه يطلق شعارات متطرفة و يمينية في مجال السياسة الخارجية والداخلية.
المحافظة على تماسك جبهة ائتلاف الحكومة الجديدة
إضافة إلى مواجهة ضغوط حزب الليكود، يواجه نفتالي بينيت داخل الائتلاف الجديد للحكومة الصهيونية الجديدة ضغوطاً كبيرة لاتباعه لسياسات متطرفة. ففي الواقع، اعتمدت التيارات اليمينية في الائتلاف بين حزب يمينا و"یش عتید" على تصحيح إخفاقات نتنياهو في تشكيل الحكومة حكومة الجديدة و تهاونه في القضايا الداخلية والخارجية.
وحتى الآن نرى ان بينيت يسعى إلى استقطاب رأي التيار اليميني داخل ائتلافه وكسب رأي إيجابي من خلال تبني سياسة استخدام القوة المفرطة والحرب.
حيث يعتبر زعيم حزب إسرائيل بيتنا القومي المتطرف الذي يشغل ستة مقاعد في الكنيست، صاحب التأثير الأكبر على توجه بينيت.
يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي جيداً أن أي سياسة تهاون واعتدال من المحتمل أن تؤدي إلى انسحاب ليبرمان من الائتلاف وبالتالي إجراء انتخابات مبكرة مرة أخرى في الكيان الصهيوني.
و في هذا الصدد نرى أن بينيت قرر مؤخراً شن غارات جوية على مواقع داخل غزة دون تنسيق من شريكه في التحالف يائير لابيد وكان تنسيقه فقط مع وزير الحرب بيني غانتس، هذا ما يظهر بوضوح أن بينيت قد وضع الحصول على موافقة اليمين في جدول الأعمال.
رفع معنويات الصهاينة بعد الهزيمة في الحرب الأخيرة
تسببت هزيمة الكيان الصهيوني في حرب الـ 11 يوماً الأخيرة في قطاع غزة بانتشار مشاعر الإحباط بين المستوطنين الصهاينة. وعلى المستوى العام قللت هذه الهزائم من شعبية نتنياهو وأدت في النهاية إلى الإطاحة به.
والان ينوي بينيت استعادة ما يسمى الشعور بالأمن والثقة العامة بالجيش من خلال دعم مطالب اليمين وعدم التهاون في مختلف القضايا ، وبالتالي ضمان بقائه في السلطة حتى في حالة إجراء انتخابات جديدة.
وفي هذا الصدد يشار الى أن مبدأ الأمن من خلال العسكرة هو قاعدة رئيسية لا تتبدل عند الصهاينة منذ قيام هذا الكيان الوهمي عام 1948. وفي الوضع الراهن، يبدو أن بينيت ينوي استخدام هذه القاعدة، من جهة كعلاج لحالة إحباط مواطني الكيان في السنوات القليلة الماضية بسبب المعارك ونتائجها، ومن جهة أخرى لكسب الجمهور والحفاظ عليه ودعم مستقبله السياسي.
بينيت يلعب بالنار
لا شك أن دعم نفتالي بينيت وجدول أعماله القاضي بتصعيد الهجمات واستخدام التطرف في الأراضي المحتلة لا يمكن اعتباره سياسة جديدة. ففي الماضي تم اتباع هذا النهج من قبل العديد من الحكومات والعديد من رؤساء الوزراء السابقين، وكلها فشلت في إخضاع حركات المقاومة واعلان استسلامها واستسلام المواطنين الفلسطينيين.
يمكن النظر إلى سياسات بينيت الحالية على أنها تكرار للنسخة المهزومة لنتنياهو في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية. اذ يأتي لجوء نفتالي بينيت إلى العنف في وقت تستعد فيه جميع القوى الفلسطينية لتكرار نجاحاتها العسكرية. حيث أظهرت هذه القوى أن لديها من حيث الكمية والنوعية ومن حيث القوة الصاروخية القدرة على هزيمة القبة الحديدية للكيان الصهيوني وبالتالي لا تتردد المقاومة في الدخول بحرب أخرى مع الصهاينة بالمعنويات ذاتها التي كانت تتمتع بها خلال الانتصار الأخير. وعليه يمكن اعتبار سياسة بينيت فاشلة منذ اللحظة.