الوقت- نشرت وسائل إعلام فلسطينية مقطعًا مصوراُ يظهر طفلا مقدسياُ وقد تعرض لحادث دهس نفذته شرطة الاحتلال الإسرائيلي. و ذكر شهود عيان أن الطفل كان يلعب بدراجته الهوائية في منطقة باب العامود ببلدة سلوان، وإن سيارة شرطة إسرائيلية دهسته بحجة وضع الطفل جواد عباسي علم فلسطين على دراجته الهوائية، وأضاف الشهود أن الشرطة الإسرائيلية احتجزت الطفل بعد دهسه.
في حين نرى أمريكا و الدول الغربية يتغنون بحقوق الانسان والحريات العامة ويضرمون الحروب في أنحاء العالم تحت هذه الذريعة نجد طفلا ملقى على الأرض قد دهسته سيارات شرطة الاحتلال الاسرائيلي و يحيط به عشرات من الجنود الصهاينة المدججين بالسلاح بمشهد تقشعر له الأبدان من العنف النفسي و انتهاكاُ لأبسط حقوق الأطفال في الشعور بالأمن و الأمان.
خرق للقوانين و انتهاك للطفولة
و تعتبر هذه الحادثة جزءاُ لايذكرمن الممارسات العدوانية و اللاانسانية التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني و الطفولة الفلسطينية. حيث تلخص تجربة الطفل جواد عباسي حالة الطفولة في فلسطين في ظل الاحتلال فقد كانت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية قد عرضت مشاهد تظهر تعرض المقدسي محمد معتوق للضرب والطعن من قبل أربعة شبان يهود متدينين قبل نحو ثلاثة أسابيع في خضم أحداث اللد.حيث قام المتدينون اليهود برشالغاز المسيل للدموع على وجه معتوق وضربوه وطعنوه بسكين عشْر طعنات أدتْ الى تمزق كبده وإحدى كليتيْه وأعضاء أخرى في جسمه. وقبل أيام، شنّت قوات الاِحتلال حملة اعتقالات في حي الشيخ جراح شملت الفتاة براء السلايمة التي أطلق سراحها لاحقاً، الاعتقالات شملت أيضاً أحد شبان حي الشيخ جراح الذي تعرض لضرب مبرح قبل اعتقاله على أيدي قوات الاحتلال.
لابد من تسليط الضوء على وضع حقوق الطفل في فلسطين حيث أنه لم تشكل اتفاقيات الأمم المتحدة التي تُلزم جميع الدول باحترام حقوق الأطفال، وتوفر لهم الحماية والرعاية والعيش بمستوي ملائم، رادعاً لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي دأبت على استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتل واعتقال الآلاف منهم على مدار سنوات الاحتلال الغاشم للأراضي الفلسطينية. وتتعمد سلطات الاحتلال، خلال كل عدوان تشنه على قطاع غزة، أو حملة أمنية في الضفة الغربية، استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء الأطفال واعتقال الآلاف منهم، وتعرضهم للتعذيب، وفق شهادات دولية. وعن أبرز أشكال التعذيب الذي يمارس ضد الأطفال الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال، يوضح أبو قطيش مدير بَرنامج المُساءلة بالحركة العالمية للدفاع عن الطفل، أنها تتمثل في التعذيب النفسي، والجسدي، والحصول على اعترافات تحت التعذيب، وتعرضهم لمحاكمات غير عادلة، كما وتعمل سلطات الاحتلال على توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إلى الأطفال، وتهديدهم وترهيبهم، وانتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد، وإصدار الأحكام غيابياً، وفرض أحكام وغرامات مالية عالية و يحرم الاحتلال الأطفال من استكمال دراسته، وحرمان جزء منهم من زيارة العائلة، أو الحصول على علاج مناسب لمن يعاني من أمراض تحتاج إلى رعاية ومتابعة طبية حثيثة. وهذه الممارسات تعد انتهاكاً صارخاً لاتفاقية حماية حقوق الطفل ومعاهدة مناهضة التعذيب، بكل ما يتخلل هذه المعاملة من عنف يبدأ بالاعتقال نفسه الذي يتم عادة بعد منتصف الليل وساعات الفجر الأولى، وينفذه جنود مدججون بالسلاح، ويستمر خلال المحاكمات وصولاً إلى إصدار الأحكام الاحتجاز غير اللائق والمناسب لأعمارهم و دفعهم للتوقيع على الإفادات المكتوبة باللغة العبرية بدون ترجمتها، وحرمانهم من حقهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين أوالمحامي خلال التحقيق، وغير ذلك من الأساليب والانتهاكات.
ووفقاً لمنظمة اليونسيف فإن أكثر من 700 طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عاماً، غالبيتهم من الذكور، تعرضوا للاعتقال والاستجواب والاحتجاز سنوياً من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي. ومنذ العام 2015؛ شهدت قضية الأسرى الأطفال العديد من التحولات، منها إقرار الاحتلال لعدد من القوانين العنصرية وتقديم مشاريع القوانين، التي تُشرع إصدار أحكام عالية بحق الأطفال، وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 10 سنوات، وحتى الحكم المؤبد وكل ذلك في ظل صمت تام من قبل الدول الغربية التي ترفع شعارات مزيفة في الدفاع عن الانسانية و حقوق الطفل في العالم !!
جاءت اتفاقية الطفل لتُخص الأطفال بالرعاية الشاملة و تنشئتهم تنشئة سليمة عبر ضمان الخدمات الأساسيى لهم و بدون تمييز بين طفل و آخر وفقاُ للمادة (2) من الاتفاقية واعتبرت بعض الدول في قوانينها أن الإحجام من قِبل الأُسرة عن منح الطفل الفرصة للاستفادة من هذه الخدمات بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون .
وتخالِف سلطات الاحتلال جميع هذه القوانين، وتستند في تعاملها مع قضية الأطفال الفلسطينيين الأسرى إلى جملة من الأوامر العسكرية منها الأمر العسكري رقم 132 الصادر في عام 1967 و الذي والذي يعرّف "الطفل" الفلسطيني بأنه شخص دون سن السادسة عشرة، وذلك في تعارض مع نصّ المادة رقم "1" من "اتفاقية حقوق الطفل" التي تُعرّف الطفل بأنه كلّ إنسان لم يبلغ الثامنة عشرة، ومع القانون الجزائي الإسرائيلي الذي يعرّف "الطفل الاسرائيلي بأنه شخص دون سن الثامنة عشرة. ويسمح هذا الأمر لسلطات الاحتلال باعتقال الاطفال لمدة ستة أشهر من دون تهم محددة!!
و كانت التهمة الأكثر شيوعاُ التي وجهت للأطفال الفلسطينيين في المحاكم العسكرية التابعة للكيان الصهيوني في عام 2009 تتمثل في إلقاء الحجارة.
عنف و جرائم متجذرة في الفكر الصهيوني
لايمكن لأي انسان حر أن ينسى الجريمة النكراء التي ارتكبها شبان صهاينة بحق الطفل محمد أبو خضير (16 عاماُ)، الذي أحرقه المستوطنون حيا في أحراش مدينة القدس بدوافع عنصرية وقومية وهو متجه للمسجد لأداء صلاة الفجر حيث استوقفته سيارة تقل ثلاثة مستوطنين، سألوه عن طريق تل أبيب، لينقضوا عليه بعدها ويختطفوه متجهين إلى أحراش قرية دير ياسين غربي القدس. دوى صراخ محمد أثناء عملية اختطافه في محيط المسجد، مما استفز بعض الشباب الذين كانوا في انتظار الصلاة، فتبعوا السيارة لكنهم لم يستطيعوا اللحاق بها، فعادوا مسرعين ليخبروا والد الشهيد محمد عن ما جرى لنجله، فاتصل بدوره بشرطة الاحتلال التي لم تستجب سريعا لندائه، مما أعان المستوطنين الثلاثة على تحقيق هدفهم. حيث قاموا بتققيد الطفل و أجبروه على شرب البنزين دون أن تجدي توسلاته لهم بأن يتركوه و شأنه بل واصل القاتل رش البنزين على جسد الطفل الشهيد و من ثم أضرم النار فيه بدون رأفة و بعد بعد أن تلذذ المستوطنون الثلاثة بالنظر إلى احتراق الشهيد، انطلقوا بسيارتهم إلى مستوطنة آدم شمال القدس المحتلة التي يسكنون بها، وقاموا بالعزف على آلة الغيتار الموسيقية والرقص احتفالا بإنجازهم. كل ذلك يشير إلى العنف و الإجرام المتأصل في عقول الصهاينة.
إلى متى سيبقى الكيان الصهيوني يمارس كل هذه الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني دون الالتزام بقانون أو رادع وإلى متى سيبقى العالم يتابع بصمت؟!