الوقت- بينما كانت ساحة المعركة في مأرب في حالة ركود منذ عدة أيام ولم يطرأ تغير يذكر لدى القوات المعادية في المعركة، إلا أن في نفس الوقت تشتعل نار الحرب في أعماق السعودية. حيث أعلن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، يوم الأحد الماضي، لليوم الثاني على التوالي، عن استهداف قاعدة الملك "خالد" الجوية الواقعة في مدينة "خميس مشيط" بمحافظة جيزان بطائرات مسيرة انتحارية. وفي غضون ذلك، نقلت شبكة المسيرة اليمنية عن مسؤول عسكري يمني قوله إن أكثر من 80 جنديا سعوديا قتلوا وجرحوا وأسر عشرات آخرون في عملية ناجحة للجيش اليمني جنوب غرب السعودية. وأفاد المسؤول العسكري اليمني، بأن مجاهدي الجيش اليمني واللجان الشعبية حرروا أكثر من 40 موقعاً على محور جيزان في السعودية في سلسلة عمليات هجومية واسعة النطاق.
وعلى نفس هذا المنوال، حذر رئيس الوفد الوطني اليمني المفاوض "محمد عبدالسلام"، دول العدوان من تبعات استمرارها في عدوانها وحصارها على الشعب اليمني، مشيرا إلى أن عدم مسارعتها في إيقاف جرائمها وعدوانها سيكلفها كثيرا. وقال "عبدالسلام" في تغريدة له على تويتر يوم السبت الماضي: "العدوان على اليمن جريمة والحصار جريمة، واستمرارهما جريمة أخرى مضاعفة، وعدم مسارعة تحالف الإجرام لإيقاف جرائمه سيكلفه كثيرا". الجدير بالذكر أن قوى العدوان مستمرة في ارتكاب المجازر الوحشية بشكل يومي بالإضافة لاستمرار الحصار ومنع ادخال السفن المحملة بالمشتقات النفطية وكذلك إغلاق مطار صنعاء الدولي الأمر الذي أدى إلى وفاة عشرات الآلاف من المواطنين وخلق أزمة اقتصادية خانقة. ومن جهته قال المتحدث باسم وزارة الدفاع اليمنية في حكومة صنعاء العميد "يحيي سريع": إن "بوارج وناقلات النفط التابعة للعدوان وتحركاته لن تكون في مأمن من نيران قوات البحرية اليمنية إذا صدرت التوجيهات من القيادة العليا". وأضاف.. إن "دول تحالف العدوان يجب أن يكونوا على يقين بأن سلاحنا وقدراتنا اليوم قادرة تماما على إصابتهم في مقتل من حيث لا يشعرون، وأن كل المطارات والموانئ والمنافذ والمناطق ذات الأهمية بالنسبة لهم ستكون هدفا مباشرا للسلاح اليمني المناسب"، وأعرب: "نؤكد أن من حقنا بل من واجبنا الدفاع عن النفس والعرض والأرض والشرف والكرامة". وقال إن قرار تهديد سفن التحالف جاء بعد "اجتماع لقيادات القوات البحرية والدفاع الساحلي وخفر السواحل لمناقشة الإجراءات والتدابير اللازمة للرد على دول العدوان أمام استمرار إغلاق الموانئ اليمنية".
ولكن السؤال الآن هو أولاً وقبل كل شيء ما هي أهداف اليمنيين من الانتصارات التي حققوها خلال الايام الماضية داخل الأراضي السعودية ؟ وثانياً، إذا استمرت الهجمات اليمنية داخل العمق السعودي، فـ"إلى اين ستتجه الحرب"؟ هل من الممكن رؤية دليل على تغيير في تكتيكات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، في هذه الحرب بعد تنفيذها عدد من هذه الهجمات داخل السعودية؟
إنذار صنعاء لإنهاء الحرب والحصار
كانت سنوات الحرب والعدوان الجائر الذي شنته المملكة العربية السعودية وشركاؤها العرب والغرب ثقيلاً ومكلفاً للغاية على الشعب اليمني. غالبًا ما دمرت البنية التحتية لليمن في هذه الحرب بسبب القصف السعودي، ولقد العقوبات والحصار الشعب اليمني يعيش في مجاعة كبيرة تم اعتبارها من أسوأ الظروف الإنسانية في القرن الحالي. وفي ظل هذه الظروف، يعد إنهاء الحرب والحصار في أقرب وقت ممكن، إلى جانب محاولة الحفاظ على وحدة أراضي البلاد واستقلالها، من أهم مطالب صنعاء في عملها السياسي والعسكري. وفي العامين الماضيين، شن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، سلسلة من العمليات الهجومية على المراكز العسكرية والاقتصادية والسياسية الحساسة في المملكة العربية السعودية، ولقد عرفت تلك الهجمات اليمنية باسم "عمليات الردع"، ولقد جاءت لإجبار السعوديين على إنهاء الضربات الجوية وقصفوا المدن واجبار الرياض في نهاية المطاف على إنهاء الحرب والحصار التي فرضته على أبناء الشعب اليمني منذ ست سنوات.
إن عمليات صنعاء الصاروخية والهجمات التي نفذتها باستخدام الطائرات بدون طيار في عمق المملكة العربية السعودية قد فرضت ضغوطًا كبيرة على القادة السعوديين، سواء من حيث إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد النفطي السعودي أو من حيث الأمن السعودي الهش وعدم قدرة الجيش السعودي على الدفاع عن نفسه في الحرب ضد اليمنيين، ولهذا فقد سعى قادة الرياض خلال الفترة الماضي لإيجاد طريقة لمنع استمرار هذه الهجمات. وعليه، فإن التخطيط للعمليات البرية على الحدود السعودية والاستيلاء على أجزاء من الأراضي السعودية، إضافة إلى زيادة إشراك البيئة الإقليمية السعودية في الحرب، سيزيد الضغط الداخلي على الرياض لإنهاء الحرب في اليمن.
فرصة اليمن التاريخية لإلغاء معاهدة الطائف
لقد استهدف أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، بشكل متكرر، خلال السنوات الست التي أعقبت الحرب اليمنية، مواقع النظام السعودي في مدينة نجران بالصواريخ وقذائف الهاون ردًا على جرائمه. ويضاف إلى ذلك أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، باستمرار قواعد النظام السعودي الحدودية في محافظة نجران، وقد تمكنوا من الوصول حتى إلى المرتفعات المطلة على مدينة نجران وبالتقدم في هذه المحافظة السعودية أصحبت أجزاء واقعة في جنوب غرب وجنوب شرق محافظة "عسير" تحت سيطرة المقاتلين اليمنيين على مدى السنوات الخمس الماضية.
و لكن التقدم الأخير لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، في المناطق الحدودية السعودية قد يكون مختلفًا وذلك لأنه:
أولاً، وفي الوقت الحاضر، فإن حالة المعادلة العسكرية تغيرت بالكامل على حساب المملكة العربية السعودية وصبت في مصلحة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، حيث أوصل اليمنيون الحرب إلى نقطة اللاعودة بالنسبة للرياض، التي يجب عليها إما قبول الهزيمة أومواصلة العدوان أو الحصار، وبهذا سوف تكون مراكزهم الاقتصادية والاستراتيجية الحساسة اهدافاً مشروعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله". لذلك، يمكن القول إن السعودية تعيش الان حالة من الضعف والانكسار والهزيمة، ولهذا يمكن للجيش واللجان الشعبية اليمنية التقدم بقوة أكبر في محافظات نجران وجيزان وعسير.
ثانيًا، إن محاولة استعادة الأراضي اليمنية المفقودة من النظام السعودي الذي احتلها منذ زمن بعيد، يمكن أن تزيد بشكل كبير من شرعية "أنصار الله" بين اليمنيين في الجنوب والشمال. الجدير بالذكر أن حكومة صنعاء طالبت خلال الفترة الماضية باستعادة المحافظات الثلاث الغنية بالنفط وهي عسير ونجران وجيزان، والتي تحكمها المملكة العربية السعودية حاليًا، وتقع محافظة عسير شمال اليمن، بين الحجاز واليمن ونجد وعلى البحر الاحمر ولها موقع استراتيجي مهم نسبيًا، ومركز هذه المحافظة هي مدينة "أبها" ومن مدنها الأخرى هي "تهامة" و "صيبة". وتقع محافظة جيزان في جنوب شرق المملكة العربية السعودية، شمال غرب اليمن، بجوار البحر الأحمر، ولقد قامت السعودية مؤخرًا بحفر عدة آبار نفطية في هذه المحافظة، كما تقع محافظة نجران في جنوب السعودية وشمال اليمن.
الجدير بالذكر أنه في عام 1934، وبسبب ضعف الحكومة اليمنية، استطاع النظام السعودي فصل محافظة نجران عن اليمن إلى جانب محافظتي جيزان وعسير وضم هذه المحافظات إلى السعودية بموجب معاهدة الطائف ولكن يجب تجديد هذه الاتفاقية كل 20 عاما، ولقد تم تجديدها آخر مرة في عام 1974 من قبل الزعيم اليمني السابق "إبراهيم الحمدي". وبهذا المعنى، ليس للسعودية شرعية دولية لمواصلة الهيمنة على المحافظات الثلاث الغنية بالنفط في اليمن، وبالنظر إلى استياء المجتمع الشيعي في هذه المحافظات الثلاث من سياسات التمييز والظلم والقمع والتغيير الديموغرافي من قبل السعوديين، فإنه يمكن لحكومة صنعاء بذل الجهود لإستعادة هذه المحافظات الثلاث وضمها للأراضي اليمنية أثناء هذه الحرب. في الواقع، يمكن لليمنيين استعادة أراضيهم المفقودة من السعودية بشروط أكثر ملاءمة إذا فكرت الرياض في استمرار الحرب غير المثمرة في اليمن.