الوقت- أثار خبر قيام ائتلاف تجاري تابع لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشراء نادي كرة قدم بريطاني من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الانتباه مرةً أخرى إلى رغبة الأمراء العرب الخاصة في السيطرة علی كرة القدم الأوروبية.
أساس القصة هو أنه في العام الماضي، عارض الدوري الإنجليزي لكرة القدم شراء نادي نيوكاسل يونايتد - على الرغم من موافقة رئيس النادي – من قبل كونسورتيوم سعودي تابع لابن سلمان.
لكن وفقًا لصحيفة ديلي ميل، طلب ابن سلمان مؤخرًا من بوريس جونسون عبر رسائل "واتساب" أن يطلب من دوري كرة القدم الإنجليزي "إعادة النظر في قراره وتصحيح استنتاجه الخاطئ".
وفي أعقاب الكشف عن هذا الخبر، ضغطت وسائل الإعلام على بوريس جونسون بشأن احتمال ممارسة الضغط لمصلحة محمد بن سلمان، الأمر الذي نفاه صراحة ماكس بلاين، المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني.
ومع ذلك، بالنظر إلى نهج القادة العرب، يمكننا أن نرى بوضوح أنه في السنوات الأخيرة، كان لديهم نظرة خاصة حول الاستثمار في صناعة كرة القدم واستغلال فوائدها. وعند دراسة سبب وكيفية حدوث ذلك، يكفي النظر إلى حجم الاستثمارات وسياساتهم.
استثمار الأمراء العرب في الرياضة والترفيه
شُجعت الدول العربية على الاستثمار في أوروبا والولايات المتحدة على مدى العقود الماضية، بصفتها جهات فاعلة لديها مصادر ضخمة للثروة. وقد أغرت عائدات النفط للحكومات العربية، ومعظمها في جيوب الأمراء، الغرب بإعادة استيعاب هذه الاستثمارات الضخمة.
ونتيجةً لذلك، شهدنا أنه في العقود الأخيرة، تمت دعوة الأمراء العرب للاستثمار في البورصة، والبناء والتخطيط العمراني، والأماكن الترفيهية والسياحية وإلخ. لكن في السنوات الأخيرة، تحوَّل أمراء الدول العربية إلى الاستثمار في الرياضة، وخاصةً كرة القدم، لجلب دولاراتهم النفطية إلى مجال التسويق والدخل المنتج من خلال إدارة النادي.
في الواقع، تحولت دول مثل الإمارات والكويت والسعودية وقطر، إضافة إلى تهيئة الأرضية للاستضافة الناجحة للألعاب الآسيوية وبطولات الجولف والتنس المرموقة واستضافة كأس العالم لكرة القدم، إلى شراء الأندية الأوروبية.
کما اشترى الأمراء العرب الأثرياء بالفعل أنديةً في بطولات الدوري الأوروبي المرموقة مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، والدوري الفرنسي الدرجة الأولى، والدوري الإسباني، ويبدو أنه سيتم تشجيعهم على الانضمام إلى الدوري الألماني ودوري الإيطالي الدرجة الأولى في المستقبل القريب.
جاذبية بريطانيا الخاصة للأمراء العرب
من بين جميع الدول الأوروبية، تبدو بريطانيا الأكثر جاذبيةً للأمراء العرب. ومثل أسواق العقارات والتجارة، يحب الأمراء العرب الأندية البريطانية، ويمكن اعتبار أهم خطوة في هذا المجال سيطرتهم على "مانشستر سيتي" ومحاولة محمد بن سلمان شراء "نيوكاسل يونايتد".
الشيخ منصور ومانشستر سيتي: نادي مانشستر سيتي مملوك للشيخ منصور بن زايد آل نهيان، شقيق أمير الإمارات ونائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة الإمارات. اشترى هذا الأمير الإماراتي نادي مانشستر سيتي في عام 2008، ومع ثروة شخصية تزيد على 20 مليار میلیارد، يتصدر الآن قائمة أغنياء هذه الجزيرة.
وقد حقَّق نجاحًا كبيرًا من خلال ضخ رأس المال وشراء لاعبين باهظي الثمن، لدرجة أن الكثيرين في بريطانيا وخارجها يشيرون الآن إلى مانشستر سيتي باسم "منصور سيتي". وبالطبع، اسم الملعب الحديث والمتطور للفريق الثاني لمدينة مانشستر هو "الاتحاد" أيضاً. وأنفق الشيخ منصور بن زايد آل نهيان حتى الآن مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية على لاعبي مانشستر سيتي.
فولهام ومحمد عبد المنعم الفايد: الرأسمالي المصري محمد عبد المنعم الفايد يملك نادي فولهام. كما أنه يمتلك فندق ريتز باريس، وشركة هارودز الخاصة والعديد من المؤسسات الأخرى.
نوتنغهام فورست وعائلة الحساوي: فريق إنجليزي آخر تحت إدارة الأمراء العرب هو فريق نوتنغهام فورست الدرجة الأولى، والذي تم شراؤه من قبل ثلاثة أعضاء من عائلة الحساوي من أصحاب المليارات الكويتيين.
شيفيلد يونايتد وبريستول روفرز: شيفيلد يونايتد وبريستول روفرز هما ناديان آخران مملوكان لأفراد وشركات عربية. شيفيلد مملوكة للأمير السعودي عبد الله بن مساعد، الذي يمتلك أيضًا فريقًا بلجيكيًا.
محاولة بن سلمان الفاشلة لشراء نيوكاسل: أصبحت إدارة نوادي الدوري الإنجليزي الممتاز تنافسًا بين الأمراء العرب. وفي هذا الصدد، حاول محمد بن سلمان شراء نادي نيوكاسل في الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020.
في الواقع، عرض كونسورتيوم تابع للأمير السعودي على مايك آشلي، المالك الحالي لنيوكاسل، 300 مليون دولار لشراء أسهم النادي، وهو ما وافق عليه، ولکن من أجل الانتهاء من نقل ملكية النادي، كان مطلوبًا موافقة رابطة الدوري الإنجليزي، ولم تصدر هذه هذه الرابطة ترخيصًا لنقل الملكية حتى الآن، بسبب الاحتجاجات الواسعة ضد دخول السعوديين إلى نوادي الدوري الإنجليزي الممتاز.
ما يمكن استنتاجه من دافع بن سلمان لدخول ساحة إدارة الأندية على مستوى كرة القدم العالمية، هو محاولته كسب الشعبية بين الشباب السعودي، وكذلك تحسين صورته المشوهة نتيجة الجرائم في اليمن واغتيال جمال خاشقجي وقمع المدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل.
وفي الواقع، يحاول بن سلمان استغلال شعبية رياضة كرة القدم لتهيئة الظروف لقلب الرأي العام لمصلحته.
الخليفي وباريس سان جيرمان
على عكس بريطانيا، يوجد في فرنسا فريق واحد فقط يديره ويستثمره الأمراء العرب، وهو أول نادٍ في العاصمة، أي باريس سان جيرمان.
باريس سان جيرمان مملوك لهيئة الاستثمار القطرية، والمعروف أن ناصر الخليفي هو مالك النادي. اشترى ناصر الخليفي هذا النادي الفرنسي المتوسط تقريبا منذ 2011.
الخليفي، وهو نفسه لاعب تنس، کان من بين أفضل 1000 لاعب في العالم، وهو حاليًا رئيس الاتحاد القطري للتنس. كما يخطط الملاك القطريون لهذا الفريق الفرنسي لبناء أحد أكبر ملاعب كرة القدم في أوروبا في باريس. ويمتلك باريس سان جيرمان حاليًا أصولًا بقيمة 10 مليارات دولار، بالاعتماد على مالكيه القطريين، وبالطبع هذه الثروة في حوزة ناصر الخليفي.
حضور باهت وغير فعال في الدوري الإسباني لكرة القدم
على عكس بريطانيا وفرنسا، لم يكن وجود الأمراء العرب في الدوري الإسباني كبيرًا. في إسبانيا، هناك أربعة أندية مملوكة لهؤلاء الأشخاص، وهي "الميريا" و"جيرونا" و"مالقة" و"ديبورتيفو ليونيسا".
يمتلك تركي آل الشيخ الميريا، ومجموعة سيتي لكرة القدم وهي شركة إماراتية تعمل في جيرونا، والقطري عبد الله آل ثاني في مالقة، وكامب سباير القطري هو مالك شركة ديبورتيفو ليونيسا أيضاً.
الاستثمارات غير المباشرة
إضافة إلى شراء الأندية بشكل مباشر، قدمت مصر والدول الخليجية دعماً مالياً وشراكات مع أندية كرة القدم. على سبيل المثال، الإمارات تدعم أرسنال وريال مدريد، وقطر تدعم برشلونة.
على سبيل المثال، هناك أدلة على أن الشيخ منصور بن زايد آل نهيا ، مالك نادي مانشستر سيتي، حاول شراء نادي ريال مدريد الإسباني في السنوات الأخيرة.
لكن الصحف الإسبانية كشفت قبل بضع سنوات أن آل نهيان شارك في العديد من المشاريع المالية مع مالك ريال مدريد فلورنتينو بيريز. حيث دخل بيريز في شراكة مع الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وأقاربه في مشاريع بناء الأبراج في الإمارات وثلاثة مشاريع إنشائية في قطر والبحرين.
اسم الإمارات على أحد أغلى الملاعب في العالم
إضافة إلى الوجود القوي لدولة الإمارات في مدينة مانشستر، يمكن أيضًا رؤية اسم الإمارات على ملعب شهير ومكلف في لندن.
ملعب الإمارات في لندن، الذي بني بتكلفة 405 ملايين يورو، هو موطن نادي أرسنال؛ وفي عام 2006 دفعت طيران الإمارات 390 مليون يورو لنادي أرسنال، وبناءً على ذلك، فإن اسم الملعب الجديد لهذا الفريق سيكون "الإمارات" لمدة 11 عامًا.