الوقت- قام الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة بشن غارات جوية على دمشق ومناطق مختلفة من سوريا بشكل متكرر، والتي قامت الدفاعات الجوية لدمشق بصدها في الوقت المناسب.
كان الهدف من هذا القصف إما منع تقدم القوات السورية وجبهة المقاومة الإسلامية في القتال ضد الإرهابيين التكفيريين، وإما استهدف الصهاينة لمواقع الجيش السوري وجبهة المقاومة الإسلامية.
ولقيت اعتداءات وتجاوزات الصهاينة على الأراضي السورية إدانة متكررة من قبل بعض دول المنطقة والمنظمات الدولية والإقليمية، لكن قادة الكيان الصهيوني لا يبالون بهذه الكلمات.
صدت الدفاعات الجوية للجيش السوري الهجمات الإسرائيلية على الضاحية الغربية لدمشق يوم الاثنين الماضي. كما صد الدفاع الجوي للجيش السوري هجمات الكيان الصهيوني على محافظة حماة مطلع شباط الجاري. واستهدف الجيش الإسرائيلي مجدداً مدينة دير الزور ومنطقة البوكمال شرقي سوريا في 13 كانون الثاني يناير من العام الجاري.
يأتي الاعتداء الإسرائيلي على سوريا بعد أشهر من تحذير سكوت ريتر، العضو السابق في لجنة فحص أسلحة القتل الجماعي العراقية، من أن استمرار الهجمات الإسرائيلية على سوريا قد يؤدي إلى صراع إقليمي.
وجهت وزارة الخارجية السورية يوم الإثنين الماضي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي بشأن العواقب الخطيرة للهجمات الاسرائيلية المستمرة على سوريا بذرائع كاذبة، فضلاً عن استمرار دعمها للتنظيمات الإرهابية المسلحة واستمرارها احتلال الأراضي العربية، بما في ذلك مرتفعات الجولان المحتلة، وحذرت من أن المسؤولية الكاملة عن هذه العواقب تقع على عاتق الكيان الصهيوني.
ودعت الخارجية السورية مجلس الأمن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وأهمها الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإدانة الهجمات الإسرائيلية الصارخة، وان يتخذ اجراء فوري وحاسم من شأنه محاسبة الكيان على هذه الجرائم، ومنع تكرارها.
كما دعت الوزارة مجلس الأمن الدولي إلى إلزام الكيان الإسرائيلي باحترام قرارات المجلس ومحاسبته على الإرهاب والجرائم التي يقوم بها ضد الشعب السوري.
وشددت سوريا في الرسالة على أن الكيان الصهيوني لن ينجح في تحييد الجيش السوري عن مواصلة إنجازاته في مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن الهجمات الإسرائيلية لحماية شركائها ومرتزقتها في التنظيمات الإرهابية لم ولن تنجح.
سر موقف الروس من العدوان الإسرائيلي على سوريا
رد مبعوث بوتين إلى سوريا، الكسندر لافرنتييف، على هجمات الكيان الصهيوني على سوريا.
وقال لمراسل صحيفة كوميرسانت على هامش قمة أستانا الخامسة عشرة في سوتشي بروسيا حول ما إذا كانت الهجمات المستمرة من قبل الكيان الصهيوني قد نوقشت أيضا في المشاورات بين روسيا والكيان الصهيوني: "لا أعرف مضمون هذه المشاورات، لكنها تعطي فرصة للاتفاق على وقف الأعمال العدائية. موقف موسكو هو معارضة هذه الهجمات. ولطالما شدد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على أن مثل هذه الهجمات غير مقبولة".
وأكد لافرنتييف بالقول انه يجب أن تنتهي هذه الهجمات لأنها تزعزع الاستقرار. ونأمل أن يتفهم الجانب الإسرائيلي قلقنا من تصعيد الوضع في سوريا. سيؤدي هذا عاجلاً أم آجلاً إلى استنفاد صبر الحكومة السورية وشن هجمات انتقامية لا يريدها أحد. ونؤكد أن تصعيد التوتر في سوريا أمر غير مقبول.
يعد هذا موقفاً جيداً، لكن حليف دمشق هذا اتخذ بالفعل مواقف عديدة في هذا الصدد، وسبب هذا الموقف الجديد مرتبط بانتقادات متزايدة داخل سوريا وخارجها بسبب صمت موسكو وعدم تدخلها لوقف هذه الهجمات. ومن المؤمل أن يتخذ الروس هذه المرة موقفاً قوياً وحقيقياً ضد إجبار تل أبيب على وقف هجماتها على سوريا، وأن يتجاوز موقفهم مجرد الكلمات.
ما سبب استمرار الاعتداءات الصهيونية على سوريا؟
ما الذي يدفع الكيان الصهيوني إلى مواصلة هجماته على سوريا؟ لا يوجد رد فعل حقيقي من دمشق. لن يتصدى الدفاع الجوي السوري إلا للهجمات، وإذا كان هناك رد قوي على هذه الهجمات، فلن تجرؤ إسرائيل على تكرار هذه الهجمات.
يسعى الكيان الصهيوني إلى تدمير تكنولوجيا الأسلحة السورية ونظام الدفاع الجوي، وعدد القتلى في هجماته لا يهمه بتاتا. والهدف من هجمات الكيان الصهيوني المستمرة على سوريا هو إنهاك الجيش السوري وإقامة حاجز ضده حتى لا يتمكن من تحرير الأراضي السورية بالكامل من قذارة الإرهابيين. تل أبيب لا تريد أن يتغير الوضع الحالي وتريد أن يكون الوضع بحيث يمكنها مواصلة هجماتها.
وترتبط هذه الهجمات بطريقة ما بالأزمة الداخلية التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو داخل فلسطين المحتلة. حيث لا يريد الكيان الصهيوني أن تحصل سوريا على أمنها الداخلي والسيطرة الكاملة على الوضع في جميع أنحاء البلاد.
وتأتي هذه الاعتداءات تماشياً مع سلسلة الأعمال العدائية التي يقوم بها الكيان الصهيوني بهدف تحقيق طموحاته التوسعية. الطموحات التي تدعمها امريكا على طريق تطبيع العلاقات (مع الدول العربية) التي تشجع الإسرائيليين على ارتكاب مثل هذه الفظائع.
كما تكشف الهجمات صراحةً حقيقة أن ادارة الكيان متورطة في الغزو الإرهابي شبيه الجراد للشرق الأوسط؛ ولم يقتصر الأمر على عدم قيام الكيان بإطلاق رصاصة واحدة على الجماعات الإرهابية في سوريا فحسب، بل إنه استقبل وعالج جرحى داعش في مستشفياته من عام 2011 إلى عام 2017.
لماذا لم ترد دمشق على الهجمات المتكررة للكيان الصهيوني
والسؤال الذي يطرحه المحللون والمراقبون لماذا لا ترد سوريا على هجمات الكيان الصهيوني؟ الحقيقة هي أن حكومة الجيش السوري تقع بالقرب من حدود فلسطين المحتلة ويمكنها الرد بسهولة وبشكل حاسم على هجمات الكيان الصهيوني، ولكن في الوقت الحالي أولويتها هي تحرير إدلب واستناداً إلى منطق الحرب، فهي لا تريد فتح جبهات جديدة في آن واحد، ولا شك وبناء على هذا الرأي، فإن وقت الرد على العدوان الإسرائيلي لن يكون ببعيد. فصبر دمشق محدود وسوف يفيض في النهاية ويرد على هجمات الكيان الصهيوني بقوة.
الجيش السوري أصبح أقوى من ذي قبل وفشلت جهود الكيان الصهيوني لإضعافه. حيث ان هذه الهجمات الإسرائيلية نابعة من اليأس.
ومن المؤكد أن هجمات الكيان الصهيوني على أهداف في سوريا لم يكن لها حتى الآن أي ثمار على تل أبيب، وكما ذكرنا فإن الهدف من هذه الهجمات هو إلهام الجماعات المسلحة والإرهابية المنتشرة في إدلب وبعض المناطق الأخرى.
وبخصوص عدم رد دمشق على هذه الهجمات، فلا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار في استراتيجية الحكومة السورية التي تفضل العمليات ضد الجماعات الإرهابية والمسلحة المدعومة من الخارج، وفي الحقيقة فمع تدمير هؤلاء الإرهابيين ستوجه ضربة موجعة إلى تل أبيب. كما ان هدف تل أبيب هو منع الجيش السوري من النجاح في السيطرة على سوريا بأكملها، لكن دمشق بدعم من حلفائها ستقوم بتحرير سوريا بالكامل وطرد هذه الجماعات منها.