الوقت- عشية الذكرى العاشرة للانتفاضة الثورية للشعب البحريني ضد نظام آل خليفة في 14 فبراير، نظَّم شعب البحرين مظاهرةً كبيرةً للاحتفال بهذا الحدث المهم والفريد من نوعه في التاريخ المعاصر لبلدهم.
وجاءت هذه المظاهرة رغم الانتشار الواسع لقوات نظام آل خليفة. وبهذه المناسبة، أصدر تحالف شباب ثورة 14 فبراير البحريني بيانًا دعا فيه إلى تحالف من جميع التيارات والشعب لتغيير جذري للنظام السياسي في البحرين.
قبل عشر سنوات، وفي أعقاب موجة الصحوة الإسلامية في العالم العربي، نظَّم شعب البحرين الساخط والمضطهد، وخاصةً الشيعة، احتجاجات سلمية تطالب بالإصلاح الدستوري والعدالة الاجتماعية والقضاء على التمييز المنهجي والالتزام بالديمقراطية وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وباعتصامهم في ساحة اللؤلؤة أعلنوا أنهم سيواصلون التجمع حتى يقبل النظام شروطهم.
لكن نظام آل خليفة، وبدعم من السعودية وضوء أخضر من الولايات المتحدة، انتهج سياسة القبضة الحديدية لقمع المعارضة بعد إرسال قوات درع الجزيرة، ونتيجةً للمقاربة القسرية المتبعة على مدى السنوات العشر الماضية، استشهد العشرات من المتظاهرين حتى الآن، وزُجَّ بآلاف الأشخاص، بمن فيهم قادة الانتفاضة الشعبية الثورية، إلى سجون آل خليفة بأحكام قاسية وظالمة في محاكم عسكرية، أو سُلبت منهم جنسيتهم مثل "الشيخ عيسى قاسم" الزعيم الديني الکبير لشيعة البحرين.
وبمرور الوقت، لم يحظر نظام آل خليفة الجماعات والأحزاب السياسية الشيعية فحسب، بل استهدف أيضًا نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، والنشطاء المحتجين على الشبكات الاجتماعية على الإنترنت.
إضفاء الطابع الأمني علی الأجواء من قبل النظام
والآن بعد احتمال تجدد الاحتجاجات الشعبية التي ما زالت تنتظر فرصةً للاشتعال بعد عشر سنوات كالنار تحت الرماد، يعمد نظام آل خليفة الديكتاتوري الفاسد والإجرامي إلی اعتقال النشطاء والمواطنين البحرينيين، من أجل ترويع الشعب وقمع الأنشطة الثورية لإضفاء الطابع الأمني علی الأجواء، من خلال خلق مساحة دعائية زائفة ومضللة.
وفي هذا الصدد، زعمت وزارة الداخلية البحرينية، في أنباء مشبوهة تداولتها وسائل إعلام النظام على نطاق واسع، في بيان الأسبوع الماضي، أنها تمكنت من تحديد وإحباط عملية إرهابية واعتقال عدد من الأشخاص.
ووفق وزارة الداخلية البحرينية، فقد تم إحباط هذه العملية في زمانين ومكانين مختلفين، وتمكنت فرق التخلص من الذخائر المتفجرة من تفجير العبوات.
وأضاف البيان: "بعد تأمين المكانين والتحقيق في مسرح الجريمة من قبل الفرق المختصة وخبراء الطب الشرعي والجهات الأخرى ذات الصلة، تم إجراء تفتيش وجمع للأدلة والبحث والتحقيق، وبعد ذلك تم اعتقال عدد من المشتبه بهم في هذين الحادثين".
يبدو أن هذه الأنباء استُخدمت كغطاء لتبرير الموجة الجديدة من الاعتقالات الواسعة للنظام ولإضفاء الطابع الأمني علی الأجواء قبل ذكرى ثورة 14 فبراير، بحيث أعلنت "آية مجذوب" الباحثة في شؤون البحرين في هيومن رايتس ووتش، أن نظام آل خليفة يخنق المعارضة قبل أن يتظاهر الناس.
کذلك، تستخدم الحكومة كل ذريعة لقمع المتظاهرين، كما أُعلن في مارس الماضي أن الحكومة قد اعتقلت أكثر من 40 شخصًا لنشرهم شائعات حول فيروس كورونا و"الإخلال بالسلامة العامة".
بدوره أعلن معهد البحرين للحقوق والديمقراطية "بيرد"، أنه تلقى تقارير عن اعتقال ما لا يقل عن 18 بالغًا و11 طفلاً في عمليات مختلفة، قبل فترة وجيزة من الذكرى العاشرة للاحتجاجات في البحرين.
ووفق موقع "عربي 21"، قالت هذه المجموعة التي تتخذ من لندن مقراً لها، إنها تحققت من تقارير تفيد بوجود أطفال بين المحتجزين. وكان أحد هؤلاء الأطفال يبلغ من العمر 11 عامًا.
كما أعلن مسؤولون بحرينيون يوم الجمعة، أن مراهقين يبلغان من العمر 13 عامًا محتجزان في مركز احتجاز للأحداث. وكان من بين المعتقلين رجل دين وعدة أطفال، بمن فيهم حفيد آية الله الشيخ عيسى قاسم، زعيم الحركة الإسلامية البحرينية.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان لها، إن القمع المنهجي قد ازداد بعد 10 سنوات من الانتفاضة البحرينية، کما أن القمع السياسي يقمع عملياً أي حق في حرية التعبير.
البحرين عاصمة التعذيب في العالم
لكن بينما كان نظام آل خليفة يتظاهر دائمًا بأنه علی استعداد للتحدث مع المعارضة في مواجهة الغربيين والمنظمات الدولية، وذلك لاتهام المعارضة بإثارة أعمال الشغب والتوتر، يكشف زعماء المعارضة البحرينية والمنفيون الوجه الحقيقي والزائف للنظام ورفضه الاستماع إلى المطالب المشروعة للمتظاهرين.
وفي هذا الصدد، صرح الدكتور "جلال فيروز" العضو السابق في البرلمان البحريني، في 14 فبراير، أن الحكومة البحرينية الشرطوية لديها أكبر عدد من السجناء في العالم، مضيفًا: إن "البحرين هي الجزيرة الوحيدة في العالم التي لم يتبق لها سوى بضعة أمتار من الشاطئ". وفي إشارة إلى التقارير الدولية، وصف البحرين بأنها عاصمة التعذيب في العالم.
کذلك، بينما يشكِّل الشيعة أغلبية المجتمع البحريني، ولکن لا نصيب لهم في السلطة ويُمارس التمييز ضدهم.
وعن تكثيف سياسة قبول الهجرة من قبل نظام آل خليفة في السنوات التي تلت 2011، قال العضو السابق في البرلمان البحريني: لقد جلبت الحكومة البحرينية الدواعش وجماعات تكفيرية أخرى مثل طالبان إلى البحرين من مناطق مختلفة من سوريا وأفغانستان، ومنحتهم الجنسية البحرينية. ويحصل هؤلاء الأشخاص على الوظائف والدخل من الحكومة، فضلاً عن السكن لهم ولأسرهم.