الوقت – شرعت روسيا خلال الايام الاخيرة بتنفيذ عمليات عسكرية جوية واسعة في سوريا مستهدفة تنظيم داعش وباقي الجماعات الارهابية المسلحة كما قال الروس انهم مستعدون لتكرار هذه العمليات في العراق اذا طلبت الحكومة العراقية منهم ذلك وهذا ما اثار حفيظة الدول الغربية.
وتقول الدول الغربية والجماعات المعارضة في سوريا ان القوات الروسية تستهدف بشكل اكبر الجماعات المسلحة الاخرى وليس تنظيم داعش كما ان الطائرات الروسية قد خرقت مرتين المجال الجوي التركي ما ادى الى احتجاج تركيا وحلفائها في حلف الناتو.
وفيما يبدو واضحا ان سبب الامتعاض الغربي من الغارات الروسية هو فضح امر الدول الغربية وانكشاف عدم جديتهم في محاربة داعش وظهور الروس كمنقذين لدول الشرق الاوسط يجب الوقوف عند احتجاج هذه الدول على خرق الطائرات الروسية للمجال الجوي التركي حيث يتساءل بعض المراقبين عن سبب قيام الطائرات الروسية بخرق المجال الجوي التركي ويقولون ان هذا الامر لايمكن ان يكون صدفة وهناك اهداف ونوايا روسية من وراء هذا الخرق.
تعتبر تركيا من اكبر شركاء روسيا التجاريين وتؤمن روسيا القسم الاعظم من حاجة تركيا من الغاز الطبيعي لكن الروس اعتادوا دوما على تذكير الجميع بانهم ليسوا مستعدين لمماشاة أحد اذا تعلق الأمر بمصالحهم القومية، ولذلك يمكن القول بان الروس يريدون معاقبة تركيا بسبب سياساتها الازدواجية والدعم الذي قدمته لتنظيم داعش الارهابي.
ان دخول الطائرات الروسية الى المجال الجوي التركي وزيادة عدد الغارات الجوية الروسية في تركيا هو بمثابة توجيه رسالة الى حلف الناتو ايضا حيث كان الروس يعبرون دوما عن امتعاضهم من توسيع حلف الناتو شرقا رغم انهيار الاتحاد السوفيتي وحل حلف وارسو.
وكان حلف الناتو يتذرع بانه يريد محاربة الاصولية الاسلامية التي تعتبر تهديدا للعالم وللمجتمع الدولي من اجل التوسع شرقا نحو روسيا والحفاظ على بقائه، وقد قام هذا الحلف بعمليات عسكرية عدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر واعلن قادة الحلف خلال اجتماعهم في اسطنبول في عام 2004 بأنهم يريدون التوسع ايضا نحو منطقة الشرق الاوسط.
ان انضمام 10 دول وجمهوريات من شرق اوروبا الى حلف الناتو ودخول جمهوريات القوقاز في مشروع المشاركة مع حلف الناتو من اجل السلام قد ضيق الخناق على موسكو، ورغم قيام روسيا باتباع سياسة "المسالمة" تجاه الناتو ومد اليد للتعاون مع هذا الحلف في اكثر من زمان ومكان ولكن الازمة الاوكرانية قد اوصلت الروس الى نتيجة مفادها ان سياسة المصالحة مع الناتو لن تؤدي الى حفظ المصالح الروسية وبات الروس يعتقدون الآن بأن الازمة السورية تعتبر فرصة مناسبة لكي يثبتوا لخصمهم التقليدي بأنه فشل في محاربة الاصوليين والمتطرفين فشلا ذريعا وان الروس هم الذين يمكنهم انهاء هذه القضية.
واذا كان حلف الناتو يتذرع بوجود الارهابيين والاصوليين من اجل بسط سيطرته على شرق اوروبا والشرق الاوسط فان روسيا عاقدة العزم على عدم السماح لناتو ببسط سيطرته بالكامل علی هذه المناطق ولذلك يجب القول انه رغم عدم جواز خرق المجال الجوي لباقي الدول ولكن الروس يريدون استخدام لغة القوة وليس القانون في التعامل مع حلف الناتو، تماما كما يفعل هذا الحلف واعضائه في باقي مناطق العالم.