الوقت- يعتقد الكثيرمن المتابعين ان سياسة "محاربة الإرهاب" من قبل أمريكا، ليس فقط لم تؤدي الی اضعاف الإرهاب في المنطقة، بل أدت الی تعزيز قدرات الإرهابيين وإستمرار صمودهم أمام الجيشين السوري والعراقي. وبالرغم من إدعاءات واشنطن حول محاربة داعش وفصائل ارهابية أخری في المنطقة، حاولت الحكومة الأمريكية خلال هذه الفترة إضعاف الحكومة العراقية وكذلك النظام السوري. ومن تابع حوار الرئيس الأمريكي الاخير مع الصحافي «ستيف كروفت» في برنامج «ستون دقيقة» علی قناة «سي بي اس» نيوز الأمريكية الذي نشر يوم الأحد الماضي، وتوضيحاته لتبرير فشل أمريكا في الحرب علی داعش، يعرف جيداً، أن واشنطن لم تكن صادقة في إدعاءاتها في مايخص محاربة الإرهاب في المنطقة. إذن من الاجدر لدول المنطقة أن تدعم الجهود الروسية والدول الداعمة لسوريا والعراق إذا ما أراد العالم التخلص من شر الإرهاب في الشرق الأوسط، فكيف يمكن تفسير كلام أوباما علی أن الاسد هو المشكلة التي يجب معالجتها، وكيف سينظر العالم للقدرات العسكرية والإستخبارية الأمريكية في مابعد، إذا ما فشلت أمام بضعة آلاف من مقاتلي داعش؟.
من الواضح جدا عندما يقول الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» حول الفترة الزمنية التي يحتاجها "الائتلاف الدولي" للقضاء علی داعش بقيادة واشنطن، أنها لا تقل عن عدة أعوام، وأنه ليس ممكنا التركيز علی داعش «طالما بقي الاسد في السلطة»، فان هذا الكلام يشير بوضوح الی أن واشنطن لم تكن في المرحلة السابقة قد ركزت علی سحق داعش، وذلك بسبب وجود الرئيس السوري «بشار الاسد» في رأس السلطة بسوريا، بناءً علی هذه التصريحات التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي.
ويری الكثير من المراقبين أن ما تغير في سوريا والعراق بعد دخول واشنطن علی خط مواجهة داعش، هو إزدياد أعداد الضحايا واللاجئين السوريين، ليس شيء آخر، بعد أكثر من عام علی تشكيل الائتلاف الدولي لمحاربة داعش بقيادة واشنطن. وزعم أوباما خلال هذا الحوار، أن التخلص من داعش لا يمكن إلا في حال توفر المناخ الملائم في سوريا والعراق من خلال قيام السكان المحليين خاصة السنة بالتعاون للعمل علی التخلص من تنظيم داعش المتشدد. هذا الكلام من قبل أوباما يعتبر ذراً للرماد في العيون لإشعال نار الفتنة والصراعات الطائفية في المنطقة، حيث أنه أراد من خلال كلامه هذا الإيحاء بان أبناء السنة لم يقاتلون داعش وأنهم غير متعاونيين مع القوی الأمنية خاصة في العراق. وهذه التصريحات من قبل الرئيس الأمريكي تعتبر منافية للواقع ومجريات الأحداث علی الأرض. حيث أن أهل السنة في العراق تعاونوا منذ الیوم الأول الذي تعرضت مناطقهم لاجتياج الإرهابيين ولايزالون يقاتلون دفاعا عن مناطقهم الی جنب الجيش العراقي.
والملفت للنظر في حوار أوباما في هذا البرنامج، هو إصراره علی تكرار مواقفه السابقة وتاكيده علی ضرورة رحيل الرئيس بشار الاسد، وزعمه أنه من الضروري علی القادة الأمريكيين أن يكونوا «مستعدين للعمل ديبلوماسيا ولدعم المعارضة المعتدلة من اجل ان نقنع الروس والايرانيين بوضع الضغوط على الاسد للقبول بعملية انتقالیة»، في وقت تعترف فيه الكثير من دول العالم، أن الاسد يشكل أفضل الخيارات للحفاظ علی وحدة وسلامة أراضي سوريا ومواجهة الإرهاب في المنطقة.
وثمة من يقول أن الرئيس الأمريكي أراد من خلال لفت الانظار باتجاه الرئيس السوري بشار الأسد، حرف الأنظار عن الإتهامات التي تواجهها واشنطن في إيجاد داعش، وفتح المجال أمام هذا التنظيم ليتمدد في مختلف أنحاء المنطقة خاصة العراق الذي تربطه معاهدة أمنية مع واشنطن، وهي ملزمة بالدفاع عنه أمام الأخطار المحتملة، مثل التي أتی بها داعش ضد هذه الدولة، أي العراق.
وبعيدا عن تصريحات الرئيس الأمريكي لتبرير مواقف بلاده في ما يخص إنتشار الإرهاب في الشرق الاوسط، كيف يمكن الإعتماد علی مزاعم ووعود القادة الأمريكيين للقضاء علی داعش في المستقبل، حيث أعلنت يوم أمس الاثنين الإدارة الأمريكية أنها القت 50 طنا من الذخائر والسلاح لعدد من الفصائل السورية المسلحة، دون أن تكشف عن هوية هذه الفصائل، في ما أدعت أنها تقاتل تنظيم داعش الإرهابي. وقال المتحدث باسم قيادة القوات المسلحة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط «باتريك رايدر»، أن هذه الذخائر انزلت عبر طائرات شحن عسكرية أمريكية من طراز «C-17» في منطقة الحسكة السورية. وشكك خبراء عسكريون في نوايا القوات الأمريكية من إنزال ذخائر كبيرة من السلاح للمعارضة السورية في الحسكة، وقالوا أن الهدف من هذه الإمدادات هو تعزيز القدرات القتالیة للجماعات الإرهابية التي تقاتل الجيش السوري وليس لمحاربة داعش كما تدعي واشنطن.
وفي النهاية يجب القول أنه وبعد دخول روسيا علی خط المعركة في سوريا، بات يضيق الخناق بشكل متزايد ضد داعش وكافة الجماعات الإرهابية الاخری، ودون شك ستبدء معركة عسكرية اخری في العراق للتخلص من تنظيم داعش وذلك من خلال تعاون مشترك بين روسيا وإيران والمقاومة وكذلك الجيش العراقي، دون الحاجة لوعود واشنطن للقضاء علی الإرهاب، التي تؤكد أن العمل يتطلب سنين عديدة!. وأخيرا اسمحوا لنا بالقول أنه حتی في حال أردنا أن نصدق مزاعم أوباما حول فشل العمليات العسكرية الأمريكية في قتال داعش، مهما كانت هذه المزاعم، صادقة أم كاذبة، فان هذا الفشل الذريع، ودون أي شك، سيجعل من القدرات العسكرية والإستخباراتية الأمريكية أضحوكة بالنسبة لروسيا وسائر دول العالم.